«جي بي مورغان الخاص»: رد فعل صنّاع القرار عالمياً قادر على إنقاذ 2020 اقتصادياً

ديفيد ستابس المدير التنفيذي ورئيس «استراتيجية استثمار العملاء» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
ديفيد ستابس المدير التنفيذي ورئيس «استراتيجية استثمار العملاء» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
TT

«جي بي مورغان الخاص»: رد فعل صنّاع القرار عالمياً قادر على إنقاذ 2020 اقتصادياً

ديفيد ستابس المدير التنفيذي ورئيس «استراتيجية استثمار العملاء» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
ديفيد ستابس المدير التنفيذي ورئيس «استراتيجية استثمار العملاء» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

قال ديفيد ستابس، المدير التنفيذي ورئيس «استراتيجية استثمار العملاء» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى بنك «جي بي مورغان الخاص»، إن معظم دول العالم ستعاني من الركود الاقتصادي؛ إما بفعل إجراءات الحجر الصحي الضرورية للسيطرة على انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ (كوفيد19)، وإما بسبب انهيار أسعار النفط.
وأضاف ستابس أن عام 2020 سيمر بصعوبة على الاقتصاد العالمي بشكل كلي، مشيراً إلى أن ذلك لن يحدث في حال كانت ردود فعل صُنّاع القرار موحدة وسريعة ومدروسة، وقال: «قد نشهد موجة انتعاش قوية في الأنشطة التجارية وفي معدلات التوظيف مع نهاية العام. وبالنظر إلى مدى قوة وعمق الضربة للأنشطة التجارية، فمن المستبعد تعافي المؤشرات الرئيسية، مثل البطالة، وعودتها إلى مستويات عام 2019 حتى حلول عام 2022، أو ما يليه».
وتابع المدير التنفيذي لبنك «جي بي مورغان الخاص» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «علاوة على ذلك، قد تجتاح موجة التغيير بعض القطاعات بشكل جوهري»، لافتاً إلى أنه «قد يطرأ تغير على آليات عمل قطاع السياحة والسفر والترفيه بشكل جذري... لكن الجانب الإيجابي لهذا الأمر سيتمثل في تنامي وانتشار ممارسات العمل عن بعد والاتصالات خلال هذه الأزمة، وقد تتاح للموظفين الفرصة للعمل من المنزل بوتيرة أكبر في المستقبل، مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة».
وتابع: «من جهة ثانية؛ ما زال مستقبل أسواق النفط متقلباً، فهناك احتمال لعدم قدرة منظمة (أوبك) على السيطرة على الأسعار، لكن تبقى علينا متابعة المشهد لمعرفة ما إذا كان منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة سيتضررون بشكل دائم بسبب انخفاض الأسعار، أم إذا كانت المرحلة الانتقالية نحو استثمار مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية ستبدأ موجة من خفض الطلب على النفط. وفي كلتا الحالتين، من المستبعد أن تعود أسواق النفط إلى المنظومة الحاكمة للسوق سابقاً، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار».
وأكد ستابس أنه يتوجب على العالم التكاتف لمكافحة هذا الفيروس، «حيث إن العمل المشترك كفيل بدفع عجلة النمو الاقتصادي مرة أخرى»، موضحاً أنه في حال كان تطبيق الإجراءات الحكومية سريعاً، مع الأخذ في الحسبان التصدي لارتفاع معدلات البطالة وتنامي أعداد الشركات العاجزة عن الدفع والمُفلسة، فإن احتمال التعافي بسرعة سيبقى قائماً.
وتطرق إلى أنه «بإمكان الصين إنقاذ العالم خلال عام 2020 عبر استئنافها مسيرة النمو الاقتصادي... إلا إننا ما زلنا نشهد استئنافاً تدريجياً للنشاط الاقتصادي الطبيعي في الصين، وهو أمر جيد بالنسبة لبقية دول العالم. ومع ذلك، يبدو أن الصين لا تزال مترددة في إطلاق مبادرة استراتيجية شاملة لتشجيع النمو الاقتصادي على غرار ما قامت به في عام 2008، ومن دون هذه الخطوة، فستبقى قدرة الصين على دعم الاقتصاد العالمي محدودة».
وتوقع ستابس أن تجدد دول الخليج العزم والدفع نحو مفاهيم الاقتصاد متنوع المصادر، وذلك بمجرد انعكاس موجة الانكماش الأولية للاقتصاد، مشيراً إلى أن اقتصاداتها ستتأثر بشكل مباشر بسبب الوضع الراهن لأسواق النفط وانتشار هذا الفيروس. ولفت إلى أن الوضع الراهن سيؤثر على جميع الدول المنتجة للنفط، «إلا إن تعزيز التفاهمات فيما بينها سيمكن الجميع من التكيف مع موجة انخفاض الأسعار الحالية».
كما أشار إلى أن المستثمرين في الخليج «ينبغي عليهم التركيز على المدى الطويل، وعدم تغيير مخصصات الأصول الاستراتيجية لمجرد التعرض لتقلبات قصيرة المدى». وأضاف: «تجب الاستفادة من موجة انخفاض الأسعار للتعرف على التوجهات التي ستهيمن على الاقتصادات والأسواق خلال العقد المقبل، بما فيها عمليات التحول الرقمي، والابتكارات في مجال الرعاية الصحية، والاستدامة».
وحول الانعكاسات والتداعيات الاقتصادية الناجمة عن فيروس «كورونا» على الأسواق المالية في المنطقة، قال المدير التنفيذي لبنك «جي بي مورغان الخاص» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: «شهدت تداولات أسواق الأسهم في المنطقة تراجعاً بنسبة 30 في المائة هذا العام، ورافق ذلك انخفاض في عائدات السندات، وهذا أمر ينسجم باتساق تام مع طبيعة السوق العالمية الخالية من المخاطر، ومع انخفاض أسعار النفط».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.