المغرب يحتفل بزفاف الأمير مولاي رشيد والآنسة أم كلثوم بوفارس

الملك محمد السادس ترأس مراسم حفل «الهدية»

الملك محمد السادس والأميرة للا سلمى ونجلاهما رفقة الأمير مولاي رشيد وزوجته (ماب)
الملك محمد السادس والأميرة للا سلمى ونجلاهما رفقة الأمير مولاي رشيد وزوجته (ماب)
TT

المغرب يحتفل بزفاف الأمير مولاي رشيد والآنسة أم كلثوم بوفارس

الملك محمد السادس والأميرة للا سلمى ونجلاهما رفقة الأمير مولاي رشيد وزوجته (ماب)
الملك محمد السادس والأميرة للا سلمى ونجلاهما رفقة الأمير مولاي رشيد وزوجته (ماب)

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد، أمس بساحة المشور في رحاب القصر الملكي بالرباط، حفل تقديم التهاني و«الهدية»، التي تطبع بداية الاحتفالات بزفاف الأمير مولاي رشيد والآنسة للا أم كلثوم بوفارس خلال الأيام الـ3 المقبلة.
وتميز هذا الحفل بمرور موكب بهيج أمام المنصة الملكية يتقدمه قائد المشور، وضم الموكب أيضا والي جهة الرباط (سلا - زمور - زعير)، وعمال (محافظي) الجهة والمنتخبين، والأعيان المحليين، الذين جاءوا لتقديم تهاني سكان العاصمة ومنطقتها للملك محمد السادس والأمير مولاي رشيد.
وتواصل الموكب بمرور طلبة المدارس القرآنية مرتدين زيا أبيض ناصعا، وهم يحملون ألواح القرآن، تمشِّيا مع التقاليد التي دأبت عليها الأسرة العلوية في المغرب.
وبمناسبة زفاف الأمير مولاي رشيد، حظي الكثير من الأزواج من جميع جهات المملكة، بشرف الاحتفال بزفافهم أيضا.
وتشكل «الهدية» الحدث الأبرز في هذه المراسم، وهي مجموع الهدايا التي يحملها رجال في أطباق أو «طيافير» وموائد تزدان بالمبخرات، والحناء، والمسك العربي، وعود خشب الصندل، التي تمثل المظهر الأكثر دلالة في حفل الزفاف المغربي. وتحمل كل واحدة من هذه المواد رمزية قوية؛ فالحناء نبتة مباركة تجسد الغبطة والحنان، والتمر يمثل الوفرة ورغد العيش، أما المسك العربي وعود خشب الصندل فهما الروائح الشرقية الزكية والمباركة.
وشكل الموكب الذي يتألف من ممثلي الجهات (المناطق) الـ16 للمملكة، إحدى أقوى لحظات هذا الحفل البهيج، مما يجسد التلاحم المتين بين الشعب المغربي والأسرة الملكية. وقامت كل منطقة، ممثلة بوفد يضم نساء ورجالا يرتدون الأزياء التقليدية الأصيلة، بتنشيط هذا الحدث المهم بأدائهم لأغان وأهازيج فولكلورية، حاملين، إلى جانب ذلك، هدايا قدمت بمناسبة الزفاف الأميري.
ومن المقرر أن تنظم اليوم (الجمعة) ليلة «البرزة» أي عندما تبرز العروس أمام المدعوين بزينتها وأزيائها التقليدية، على أن ينظم حفل خاص غدا (السبت).
وكان البيان الذي وزعته وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة والذي أعلن فيه عن موعد حفل الزفاف قد تحدث عن «حفلات زفاف» وليس حفلا واحدا، في إشارة ربما إلى عدد أيام الاحتفال لكن من دون ذكر تفاصيل إضافية. وكانت الفنادق الكبرى في الرباط قد حجزت بكاملها لاستقبال ضيوف العائلة الملكية. وسيقوم التلفزيون المغربي بتغطية جزء من حفل الزفاف، بالإضافة إلى وكالة الأنباء الرسمية التي ستتابع مراسم الاحتفالات بالقصر الملكي وستوزع الصور على الصحف.
وتم تداول أسماء عدد من الفنانين المغاربة والعرب الذين سيشاركون في إحياء حفل زفاف الأمير مولاي رشيد، منهم نجما الطرب الأندلسي عبد الرحيم الصويري ومحمد باجدوب. كما تردد أن المطربة الإماراتية أحلام والكويتي نبيل شعيل من بين المدعوين لإحياء العرس.
وتزوج الأمير مولاي رشيد من أم كلثوم بوفارس، كريمة مولاي المأمون بوفارس، نجل الأميرة للا خديجة إحدى أخوات الملك الراحل محمد الخامس، وكان واليا في وزارة الداخلية وعامل (محافظ) مراكش المدينة.
ولدت أم كلثوم يوم 3 فبراير (شباط) 1987، وهي أصغر أفراد العائلة، وحصلت على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) في شعبة الاقتصاد بالبعثة الفرنسية «فيكتور هيغو»، في عام 2006، قبل أن تغادر مراكش إلى باريس، حيث درست هناك طيلة 5 أعوام، وحصلت على درجة الماجستير في مجال التدبير والتواصل.
وكان الأمير مولاي رشيد قبل زواجه يلقب بـ«العازب الأشهر في المملكة»، وتداولت الصحف المغربية خلال السنوات الماضية عدة إشاعات بشأن زواجه.
ويتمتع الأمير مولاي رشيد بحضور لافت ومظهر جذاب، من خلال بدلاته الأنيقة جدا، وتسريحات شعره المميزة، كما يظهر في أكثر من مناسبة وهو يرتدي اللباس التقليدي المغربي.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع شريط فيديو للأمير وهو داخل محل بيع مجوهرات مرتديا قميصا تقليديا ومرفوقا بعدد من الشبان، وقيل إن الأمير كان ينتقي خاتم الزواج.
الأمير مولاي رشيد هو النجل الأصغر للملك الراحل الحسن الثاني، ولد في 20 يونيو (حزيران) 1970 بالرباط التي تابع بها دراسته الجامعية، حيث حصل في مايو (أيار) 1993 على الإجازة في القانون العام (فرع الإدارة الداخلية) ودبلوم القانون المقارن. وفي يونيو 1996 نال الشهادة الثانية للدراسات العليا في شعبة العلاقات الدولية، ليحصل في 18 مايو 2001 على شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة بوردو الفرنسية بميزة «مشرف جدا مع التنويه وتوصية خاصة بالنشر»؛ نظرا لأهمية الموضوع وقيمة الرسالة التي نوقشت تحت عنوان «منظمة المؤتمر الإسلامي دراسة لمنظمة دولية متخصصة».
وفي يوليو (تموز) 2000 جرت ترقية الأمير مولاي رشيد إلى رتبة جنرال دوبريكاد (لواء).
واهتم الأمير مولاي رشيد منذ صغره بالأنشطة الثقافية والرياضية حيث يرأس منذ أبريل (نيسان) 1997 الجامعة الملكية المغربية للرماية بسلاح القنص، ويرأس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وجمعية جائزة الحسن الثاني للغولف. وفي 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2004 وشح الأمير مولاي رشيد من طرف الملك ألبير الثاني عاهل بلجيكا بالحمالة الكبرى لوسام ليوبولد الثاني. وينوب الأمير مولاي رشيد عن شقيقه الملك محمد السادس في حضور عدد من المؤتمرات العربية والدولية، وكان أول من قدم البيعة للملك صيف 1999.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».