مع تفاقم وباء «كوفيد - 19»، اتُهمت كثير من الحكومات حول العالم باستخدام أساليب مراوغة وغير أخلاقية للحصول على الإمدادات الطبية، في محاولة منها لإحكام سيطرتها على الأوضاع، وسط تفشي الفيروس.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد تراوحت هذه الأساليب والتكتيكات المتبعة من الدول بين منع تصدير الإمدادات الطبية، وإرسال الجواسيس في مهام سرية للاستيلاء على الإمدادات قبل وصولها للدول الأخرى.
وكانت الصين، أكبر مصنع للأقنعة في العالم، أول دولة يظهر فيها الفيروس في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومع ذلك، فقد قامت ببيع والتبرُّع بملايين الأقنعة لأوروبا، ولكن بعض هذه الأقنعة لم تصل إلى وجهتها.
فقبل يومين، اشتكى مسؤولون محليون فرنسيون من عدم وصول شحنات أقنعة طبية واقية طلبتها بلادهم من الصين، متهمين مشترين أميركيين بدفع أسعار مضاعفة لتحويل وجهة هذه الشحنات إلى بلادهم، قبيل إقلاعها من المطارات الصينية.
وقال جان روتنر، رئيس منطقة غراند إيست الفرنسية إحدى أكثر مناطق البلاد تأثرا بوباء «كوفيد - 19»، لإذاعة «إر تي إل»، إن «الأميركيين يدفعون نقداً ثلاثة أو أربعة أضعاف ثمن الأقنعة الواقية التي طلبناها، ومن ثم علينا أن نحارب بقوة».
وكان رينو موزولييه رئيس منطقة باكا الفرنسية قد شكا أيضاً من ممارسات مماثلة من قبل شارين أميركيين.
ولم يحدد روتنر المشترين الذين يعملون لحسابهم أو أي ولاية أميركية تم نقل الشحنة إليها، لكن مسؤولاً فرنسياً آخر شارك أيضاً في شراء أقنعة من الصين قال إن المجموعة كانت تعمل لصالح الحكومة الأميركية.
ومن جهته، وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هذه التقارير بأنها «مثيرة للقلق وطلب من المسؤولين النظر في ادعاءات مماثلة بأن الأقنعة يتم تحويلها بعيداً عن بلاده».
وقال، أمس (الخميس): «نحتاج إلى التأكد من أن الأقنعة المخصصة لكندا تصل إلى كندا وتبقى فيها، وقد طلبت من الوزراء متابعة هذه التقارير المحددة».
وصادرت جمهورية التشيك شحنة من المساعدات الطبية والأقنعة الواقية كانت آتية من الصين في طريقها إلى إيطاليا. وتقول حكومة التشيك إن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج، وتعهّدت برد الشحنة لإيطاليا.
ووقع حادث مماثل في كينيا، حيث اختفت بشكل غامض شحنة تصل إلى 6 ملايين قناع متجهة إلى ألمانيا أثناء مرورها عبر الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة مسؤولة عن هذا الأمر.
وفي مؤتمر صحافي في البرازيل عُقِد أول من أمس (الأربعاء)، قال وزير الصحة لويز هنريكي مانديتا، إن المحاولات الأخيرة التي قامت بها برازيليا لشراء معدات الحماية، مثل القفازات والأقنعة من الصين، قد باءت بالفشل.
وتابع: «أرسلت الولايات المتحدة اليوم 23 من أكبر طائرات الشحن الخاصة بها إلى الصين لنقل المعدات الطبية. العديد من المشتريات التي كنا نأمل في الحصول عليها من أجل دعم نظامنا الصحي قد فشلت، العالم كله يريد هذه الأشياء أيضاً. هناك مشكلة كبيرة في زيادة الطلب عليها».
وطلب مانديتا من البرازيليين العاديين أن يصنعوا أقنعة لأنفسهم من قطع القماش، وأن يتركوا الأقنعة الطبية للأطباء وعُمّال الصحة.
وخوفاً من النقص والضغط على أنظمتها الصحية، قررت عدد من الدول، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وروسيا، تخزين الأقنعة والقفازات وملابس الأطباء، والحد من صادرات المعدات الطبية الواقية.
وذهبت تركيا إلى أبعد من ذلك، ليس فقط بحظر تصدير معدات الحماية، ولكن أيضاً بتراجعها عن بيع الأقنعة للدول الأجنبية بعد تسلُّمها لثمنها بالفعل، مثلما حدث مع إيطاليا وبلجيكا.
وفي إيطاليا، لم يتم تسليم الأقنعة التي تم دفع ثمنها لتركيا بعد أكثر من أسبوعين من مكالمة هاتفية أجراها رئيس الوزراء، جوزيبي كونتي، مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، طالبه فيها بتسليمه إياها.
ولم تسلم أنقرة بلجيكا هذه الأقنعة حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، هددت تركيا بالسيطرة على المصانع المنتجة للأقنعة المحلية، في حال قيام هذه المصانع بتصديرها للخارج.
ونقلت صحيفة «حريت» الإخبارية المحلية عن وزير الداخلية سليمان صويلو قوله إن السلطات ستسيطر على المصانع إذا لم توافق على البيع بشكل حصري لوزارة الصحة التركية.
ولم يقتصر النزاع بين الدول على الأقنعة الطبية فقط، بل شمل أيضاً الصراعات على الأدوية والمواد الغذائية.
فبعد أن اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، دون أدلة علمية، أن دواء «هيدروكسي كلوروكوين» الذي يستخدم لعلاج «الملاريا» يمكن أن يعالج «كورونا»، تحركت الهند على الفور لحظر تصدير هذا الدواء.
وقد تحركت بعض الحكومات في الأسابيع الأخيرة لتخزين الإمدادات الغذائية المحلية؛ فقد قامت كازاخستان بحظر تصدير الدقيق، التي تعتبر مُنتِجاً رئيسياً له، في حين قامت فيتنام، بحظر تصدير الأرز.
ومن جهتها، منعت صربيا تصدير الأدوية وزيت عباد الشمس.
ويقول الخبراء إن هذه الأفعال التي أقدمت عليها الدول قد تتسبب في صراعات كبيرة في المستقبل نتيجة انعدام الثقة بين بعض الدول، والرغبة في الانتقام التي أسفرت عنها الأزمة.
وتجاوز عدد الإصابات المؤكدة بفيروس «كورونا» حول العالم المليون شخص اليوم (الجمعة)، ووصل عدد الوفيات إلى أكثر من 52 ألف شخص.
توصل تحقيق أجرته وكالة أنباء «أسوشييتد برس» إلى أن الحكومة الصينية جمدت الجهود المحلية والدولية…