«كورونا» يجدد طموحات «داعش» للعودة إلى التجنيد

فيما اعتبر مراقبون أن فيروس «كورونا} جدد طموحات تنظيم {داعش} الإرهابي، للعودة للمشهد واستقطاب إرهابيين، عقب هزائم طالته طوال الأشهر الماضية، كان أشهرها مقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي، قال تقرير حديث لمجموعة «الأزمات الدولية»، إنه «مع تفاقم معدلات ضحايا فيروس (كورونا المستجد) ينبغي أن يتهيأ العالم لهجمات من جانب (داعش) الذي يُعتقد أنه في استعادته لاستغلال حالة الاضطراب التي أثارها الوباء... ويستلزم هذا التهديد (الجهادي) المستمر تعاوناً دولياً، يأمل (المسلحون) أن يستنزفه الفيروس».
وأضاف التقرير أن «خطاب (داعش) إزاء الفيروس تطور مع اتضاح معالم نطاق تفشيه الجغرافي، وحجم ضحاياه... ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، أبدى التنظيم مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة) واضحة؛ إلا أن التنظيم يبدو الآن قد تصالح مع فكرة تفشي الوباء عالمياً، وذلك ضمن فلسفته التي تتسم دائماً بالتناقض». وأكد خالد الزعفراني، المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «(داعش) يهدف من طموحاته في (زمن كورونا) رفع الروح المعنوية لعناصره، وتأكيد أن التنظيم (لا يزال حياً)، في محاولة لإثبات الوجود من جديد، والعودة لدائرة الضوء، وهذا لن يحدث، لأن التنظيم في (منحى الهبوط) ولن يرتفع مرة أخرى».
وأصدرت مجموعة «الأزمات الدولية» تقريراً، قبل ثلاثة أيام، (الثلاثاء) الماضي، حول «داعش في زمن الكورونا». أكدت فيه أنه «مع تمكن الفيروس بسرعة من إعادة ترتيب أولويات صناع السياسات والرأي العام بمختلف أرجاء العالم، تراجعت صراعات كانت تحتل حتى وقت قريب بؤرة اهتمام العالم والجدالات الإعلامية إلى الخلفية، الأمر الذي ينطبق على القتال ضد (داعش) في العراق وسوريا وغيرهما؛ إلا أنه في الوقت الذي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن (البشرية تواجه عدواً مشتركاً يتمثل في كورونا)، ما دفعه للمناشدة من أجل (وقف إطلاق نار عالمي)... يرى (داعش) الأمور من منظور مُختلف، ففي مقال افتتاحي نشرته جريدة (النبأ) التابعة لـ(داعش) أخيراً، أخبر التنظيم أعضاءه، بضرورة استمرار حربهم الممتدة عبر أرجاء العالم، حتى مع تفشي الوباء، وأن الأنظمة الأمنية الوطنية والدولية، التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
وحذر تقرير مجموعة «الأزمات الدولية»، ومقرها بروكسل، من أن «هذه الأزمة المرتبطة بالصحة العامة، يُمكن أن توفر لـ(الجهاديين) فرصة مهاجمة الدول التي ألحق الفيروس بها الضعف... و(داعش) وجه أتباعه بفعل هذا تماماً». وأكد التقرير أنه «في الوقت الذي يركز العالم على مواجهة الوباء، ينبغي للدول اتخاذ خطوات نحو حماية نفسها من التهديد الصادر عن (داعش)». وبحسب التقرير، فإن المقال الافتتاحي سالف الذكر لـ«داعش» الصادر في 19 مارس (آذار) الماضي، أشاد بتأثير الفيروس على الكثير من الدول التي وصفها المقال بالأعداء، بحسب قول «داعش»، وأن الدول تخشى من إمكانية أن يصعد مقاتلو «داعش» عملياتهم العسكرية ضد الغرب، أو تكرار الهجمات الإرهابية الماضية التي وقعت في باريس، ولندن، وبروكسل، خاصة وأن هذه الدول، على حد زعم التنظيم، لا تبدو على استعداد لتحمل أي عبء جديد، في وقت تظل هذه الدول توفر الرعاية لمواطنيها وتخفف آثار الركود الاقتصادي.
وخلصت مقالة «النبأ»، وفق مجموعة «الأزمات الدولية» إلى أن «التنظيم حث عناصره على تحرير الأسرى من السجون والمعسكرات... مذكراً بأن السبيل الأمثل لتجنب (كورونا)، يتمثل في (الجهاد) - على حد زعمه - وإلحاق الألم بأعداء التنظيم».
الزعفراني من جانبه، قلل من عودة «داعش» للقوة التي كان عليها في الأعوام التي تلت هزائمه في سوريا والعراق، العام الماضي؛ لكنه في الوقت نفسه قال إن «(داعش) قد ينفذ عمليات لكنها ستكون محدودة، ولن تكون بقوة هجماته في أعوامه الأولى عقب 2014».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون، وتجنيد أتباع جدد»... وسبقه البغدادي وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق.
ووفق تقرير «الأزمات الدولية»، فإنه «تقف خلف خطاب المقال الافتتاحي لـ(داعش) وتحريضه على العنف، بعض الحقيقة، ذلك أنه يكاد يكون من الصحيح تماماً أن (كورونا) أعاق الجهود الأمنية الداخلية والتعاون الدولي في مواجهة التنظيم، ما سمح لـ(الجهاديين) بالاستعداد على نحو أفضل لشن هجمات كبرى وتصعيد حملاتهم المتمردة داخل ميادين قتال بمختلف أرجاء العالم»، مضيفاً «لن يكشف (داعش) عن قدرات خفية لديه؛ لكن المهم هُنا، القدرات الكامنة لدى التنظيم والمساحة التي يعمل بداخلها، وداخل هذه المساحة، يُمكن للتنظيم السعي لاستغلال القدرات المتاحة لديه إلى أقصى حد، وأنه ورغم بتر رأس التنظيم البغدادي، فإن قدرات الوحدات المستقلة بذاتها في معظمها التابعة للتنظيم بمختلف أرجاء العالم، ظلت كما هي دونما تغيير». في ذات السياق، أشار تقرير لمركز «المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة» في أبوظبي، قبل ثلاثة أيام، إلى «مساعي (داعش) لاستغلال أزمة الفيروس، من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من (الإرهابيين) و(المتطرفين) المتعاطفين معه». ووفق تقرير المركز، فإن «(داعش) دعا عبر جريدة (النبأ) إلى الفرار للانضمام له، لتجنب البلاء (أى الإصابة بالفيروس)». وحول استغلال «داعش» للأزمات والأوبئة في تحقيق أهدافه. قال الزعفراني، إن «جميع التنظيمات الإرهابية تستغل كل ما هو متاح لتحقيق أهدافها، و(داعش) يستغل الدين لتحقيق أهدافه، لذا ليس بعيداً عليه أن يستغل الأوبئة وانتشار الأمراض والأزمات في تحقيق أهدافه».