سباق علمي عالمي لإيجاد علاج لـ«كورونا»

ممرضتان تقدمان الرعاية الطبية لمريض في مستشفى ببلجيكا (إ. ب.أ)
ممرضتان تقدمان الرعاية الطبية لمريض في مستشفى ببلجيكا (إ. ب.أ)
TT

سباق علمي عالمي لإيجاد علاج لـ«كورونا»

ممرضتان تقدمان الرعاية الطبية لمريض في مستشفى ببلجيكا (إ. ب.أ)
ممرضتان تقدمان الرعاية الطبية لمريض في مستشفى ببلجيكا (إ. ب.أ)

نظّم قطاع البحث العلمي صفوفه منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجدّ فكثف أعماله متوخيا الشفافية، وهدفه التوصل سريعا إلى أجوبة على أسئلة صعبة يطرحها وباء عالمي يتفشى بسرعة هائلة، بدون التخلي عن معايير الدقّة العلمية.
وقال رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشا في باريس يزدان يزدانباناه، لدى عرضه تجربة سريرية في مارس (آذار): «في زمن انتشار وباء، يكون البحث جزءا من الرد»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
والتحدي هائل إذ يقضي باحتواء تفشي الفيروس واختبار علاجات ضده والبحث عن لقاح ضد وباء كوفيد - 19. وفي مواجهة هذه الضغوط غير المسبوقة، يتقدم البحث العلمي بسرعة لم يُظهرها من قبل في مواجهة أي مرض جديد.
وقد توصل العلماء إلى فك رموز جينوم الفيروس في غضون بضعة أسابيع، وقال اختصاصي علم الأوبئة في معهد باستور، آرنو فونتانيه، متحدثا لإذاعة «فرانس كولتور»: «استغرق الأمر سنوات بالنسبة للإيدز. الآن نعيش في مرحلة مختلفة تماما. والأمر لافت بالنسبة للوقت الذي كسبناه».
فبعد بضعة أيام على تسجيل أولى حالات الالتهاب الرئوي مطلع يناير (كانون الثاني) في ووهان، بؤرة الوباء في وسط الصين، نجح علماء صينيون في فك سلسلة جينوم فيروس كورونا المستجدّ، وتقاسموا النتائج لاحقا مع زملائهم في دول أخرى من خلال قاعدة بيانات دولية.
واستنادا إلى نتائج هذه الأعمال، توصل معهد باستور في فرنسا ومختبر ألماني إلى ابتكار فحص جزيئي موثوق سمح بتشخيص أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ في أوروبا.
ويعمل باحثو معهد باستور حاليا على تطوير فحوص تسمح بقياس درجة المناعة العامة لدى مجموعة أو شعب، ما يعتبر أساسيا لرفع تدابير الحجر المنزلي.
وتمكنت أوساط البحث العلمي في فرنسا من تعبئة صفوفها بشكل سريع من خلال هيئة أقيمت لهذا الهدف عرفت باسم «رياكتينغ» أو «البحث والعمل ضد أمراض معدية مستجدة»، ويشارك فيها أطراف من جميع قطاعات الأبحاث بما فيها فروع العلوم الإنسانية.
وأوضح الطبيب المتخصص في علم الأوبئة والمنسق العلمي في هيئة «رياكتينغ» إريك دورتنزيو، أن الحاجة إلى هذه الهيئة ظهرت خلال انتشار إنفلونزا «إتش1إن1» في 2009، بعد «الإقرار بالفشل، إذ لم يكن هناك تنسيق بين الباحثين في مختلف المعاهد بما يتيح إجراء أبحاث مجدية في ظل وضع أزمة».
وباشرت الهيئة العمل على التصدي لفيروس شيكونغونيا في جزر الأنتيل عام 2013. وعززت خبرتها لاحقا لدى مكافحة فيروس إيبولا في أفريقيا.
وأوضح دورتنزيو: «أثبتنا عندها أن بالإمكان إجراء تجربة سريرية بشكل عاجل، سواء كان الأمر يتعلق بعلاج أو لقاح».
ويعمل مئات الباحثين منذ يناير(كانون الثاني) على درس فيروس كورونا المستجد، وقال دورتنزيو: «ينضمّ إليهم كل يوم باحثون جدد، كما ترد عروض مساعدة عفويّة... اضطر البعض إلى إعادة توجيه أعمالهم، بل أحيانا التخلي عنها. الظرف طارئ إلى حد أن الجميع يدركون ضرورة دفع العلم قدماً».
وشكل الأطباء منذ ظهور الإصابات الأولى في فرنسا شبكة مراقبة واسعة، وهي مرحلة أساسية لأي أبحاث، وتواصلت هيئة «رياكتينغ» مع شركاء أوروبيين بهدف إجراء تجربة سريرية واسعة النطاق أطلق عليها اسم «ديسكوفري» بدأت مؤخرا على 3200 مريض في سبع دول.
وقالت اختصاصية الأمراض المعدية في مستشفى «لا كروا روس» الجامعي في مدينة ليون الفرنسية فلورانس أدير، التي تتولى إدارة المشروع: «إنه إنجاز مطلق أن نكون نجحنا في وضع بروتوكول بهذا الحجم في فترة قياسية من الوقت، في حين أن آلية التجارب السريرية تستغرق عادة أشهرا، لا بل سنوات».
لكن العديد من الباحثين عبر العالم نددوا بـ«إهدار الوقت» منذ انتشار وباء سارس (متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحاد) عام 2003، مشيرين إلى سوء تمويل الأبحاث حول سلالة فيروسات كورونا الذي حال دون تخصيص مجهود كاف لهذا الغرض، الأمر الذي يحرمنا ربما اليوم من دواء فعال.
وقال جايسون شفارتس، من كلية الصحة العامة في جامعة يال الأميركية، إن «الاهتمام المتزايد بالبحث والاستثمار الناجم عن ظهور وباء جديد، غالبا ما يتراجع بشكل سريع بعد انحساره».
ومن التغييرات الأخرى التي نتجت عن الأزمة الصحية الحالية فورة المنشورات العلمية. وأحصت مجلة «نايتشر» ما لا يقل عن 900 مقال أو مقتطفات مسبقة من مقالات أو دراسات حول فيروس كورونا المستجدّ في العالم بين فبراير (شباط) ومارس (آذار). وتُنشر مقتطفات الإصدارات الطبية على الإنترنت في وقت أبكر، مع إتاحة الاطلاع مجانا على عدد متزايد من المقالات.
وجمعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) الأسبوع الماضي عبر دائرة الفيديو 73 وزيرا للعلوم عبر العالم، دعتهم إلى دمج «العلم المفتوح» في أنظمة البحث المعتمدة في بلدانهم من أجل «تقاسم أفضل للمعلومات»، لكن الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (سي إن أر إس) المتخصص في الاقتصاد الصحي، جوسلان تويلييه، حذر من أن إتاحة العلم للعموم «إن كان مفيدا بصورة عامة للمجتمع المدني، فقد تكون له عواقب سلبية حين تلقى بعض الدراسات التمهيدية انتشارا أسرع مما ينبغي في الإعلام كما حدث مؤخرا مع دواء الكلوروكين». وقال: «هذا قد يولّد سلوكا غير منطقي على ارتباط بدراسة جديدة أجريت تحت راية العلم، لكنها لم تلق بعد مصادقة كاملة من خلال إتمام الآلية العلمية».


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ليلة الأحلام» تُبهر جمهور جدة بتألُّق عمر خيرت وآمال ماهر

«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
TT

«ليلة الأحلام» تُبهر جمهور جدة بتألُّق عمر خيرت وآمال ماهر

«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)

في ليلة ساحرة خارج صخب يوميات الحياة، استمتع الحضور بحفل «ليلة الأحلام»، الجمعة، فاجتمع الموسيقار المصري عمر خيرت وابنة بلاده الفنانة آمال ماهر على خشبة مسرح «عبادي الجوهر أرينا» ليقدّما عرضاً استثنائياً ضمن فعاليات «موسم جدة 2024»، لتشكّل الأمسية رحلة إبداعية فريدة.

البداية بعرض فيديو للتمارين المكثَّفة التي جمعت الأوركسترا العالمية بقيادة الموسيقار وليد فايد والفنانة؛ فأشار فايد إلى أنّ صوت ماهر «يعزف ولا يغنّي»، فيما أبدى عازف الفلوت العالمي بيدرو أوستاش إعجابه الكبير به.

عمر خيرت يشدو بألحانه في «ليلة الأحلام» بجدة (بنش مارك)

افتتح خيرت الأمسية بأداء مبدع، فقدَّم مقطوعات شهيرة مثل «قضية عم أحمد»، و«فيها حاجة حلوة»، و«عارفة» التي شاركه الجمهور بغنائها، بجانب «ليلة القبض على فاطمة»، و«ما طلعت شمس ولا غربت».

وفي ختام عرضه، سلَّمه رئيس «الهيئة العامة للترفيه» المستشار تركي آل الشيخ دعوة لتكريمه ضمن حفل ضخم يقيمه في «موسم الرياض 2024»، تقدَّم بها بالنيابة عنه رئيس مجلس إدارة شركة «بنش مارك» زكي حسنين.

علَّق خيرت في مؤتمره الصحافي على الدعوة قائلاً: «سعيد جداً بها، وبجمهور السعودية الذي أشعر بتجاوبهم العميق والكيمياء التي تجمعهم بالموسيقى».

وأشاد بتعاونه مع فنانين سعوديين منذ مدّة طويلة، مشدّداً على أنّ الأغنية مهمّة جداً، ولكن بجانب أهميتها، تأتي أيضاً أهمية الموسيقى: «وهذا ما حرصتُ عليه منذ صغري، أن تكون لدينا موسيقى مرافقة للغناء».

صعدت آمال ماهر إلى المسرح، وافتتحت عرضها بأغنيتها الشهيرة «اللي قادرة» بمشاركة عمر خيرت على البيانو، ثم تتابعت الأغاني: «كل ده كان ليه»، و«مش أنا اللي أشكي» لمحمد عبد الوهاب، و«إنت الحب» لأم كلثوم بتألُّق صوتها وموسيقى الموسيقار المصري.

تعلَّم حبّ الموسيقى من عائلته (بنش مارك)

كما قدَّمت أغنية «الرسايل» لمحمد عبده مع عازف الساكسفون العالمي ديفيد كوز وعازف البيانو العالمي راؤول دي بيلاسيو الذي أشاد بصوتها وإحساسها العميق بالموسيقى العربية.

وأيضاً شاركت عازفة التشيللو العالمية ماريكو موراناكا في أداء أغنيتَي «رايح بيّا فين» و«من غير ليه» لمحمد عبد الوهاب. وفي لمسة مُشابهة لما قدَّمه الفنان محمد منير في حفله السابق، قدَّمت ماهر أغنية «علّي صوتك بالغنا» بمشاركة عازف الفلوت بيدرو أوستاش وعازف الكمان ديفيد غاريت.

وختمت الحفل بأغنية «يا أنا يا أنا» لفيروز بمشاركة عازفَي الكمان غاريت وغارسيا وعازفة التشيللو ماريكو موراناكا. وبعد أكثر من ساعتين ونصف ساعة من الأداء المبهر، تحوّل الحفل واحداً من أجمل ليالي «موسم جدة 2024».

عازفون عالميون و150 آخرون ضمن أوركسترا بقيادة وليد فايد (بنش مارك)

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الموسيقار خيرت: «أعتزّ كثيراً بالدعوة لتكريمي في (موسم الرياض)، فقد بات من الفعاليات العربية التي تتميّز بأهمية خاصة؛ إذ يُعمِّق تفاعل الجمهور العربي مع الفنّ، ويضع الفنان المُشارك أمام مسؤولية كبيرة».

وأضاف: «الدعوة فرصة للاحتفاء بمشواري الفنّي، ومشاركتي في حفل (ليلة الأحلام) جعلتني أستعيد ذكريات عزيزة على قلبي».

وعن أغنيات الحفل، تابع: «حقَّق الفنان محمد عبد الوهاب نقلة كبيرة في الموسيقى المصرية، وأنا من عشاقه. ألبوم (الوهابيات) الذي قدّمته مع (صوت الموسيقى) في الثمانينات، من التجارب الفنّية المهمّة المتعلّقة بتقديم الموسيقى الشرقية في قالب أوركسترالي؛ فوزَّعتُ بعض أغنياته، منها (لأ مش أنا اللي أبكي)، و(كل ده كان ليه)، و(كنت فين)».

وأوضح أنّ «عبد الوهاب لم يكن يرفض التوزيعات الأوركسترالية، بل كان يحترمها ويحبّها، ومن المعروف أنّ موسيقار الأجيال خاض تجربة توزيع أغنيته (لأ مش أنا اللي أبكي) مع الفنان أندريه رايدر».

ديفيد غارسيا وعازف البيانو راؤول دي بيلاسيو يقدّمان مقطوعة لويتني هيوستن (بنش مارك)

ومن الذكريات التي جالت في خاطره خلال العزف، إشادة تلقّاها من عبد الوهاب في شبابه، والتي يعدُّها تكريماً حقيقياً له في بداية مشواره: «فوجئتُ بعد عرض مسلسل (ضمير أبلة حكمت)، من بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر، بمكالمة هاتفية منه يهنئني على موسيقى المسلسل، قائلاً: (ربنا يخليك لمصر). كان لهذه الكلمات سحرٌ خاص على أذني، لأنها جاءت من موسيقار بحجمه، ولأنني أعشق تراب بلادي».

وعدَّ الفنان عمر خيرت الموسيقى جزءاً من تكوينه و«شفرته الجينية»، وفق تعبيره: «أراها إرثاً عائلياً نتناقله عبر الأجيال. فقد كان جدّي عاشقاً لها، وكان لأبي الفضل في استغراقي مبكراً في عالمها. كثيراً ما جلست أستمع إلى عزفه روائع الموسيقى العالمية على البيانو، لأتعلّم العزف مبكراً على هذه الآلة، إلى أن أتقنته بشكل أكاديمي ولم يتجاوز عمري 11 عاماً».

وأكمل استدعاء الذكريات: «أتذكر أنّ أبي اقتنع بإصراري على اختيار طريق الموسيقى، وأخذ أوراقي من الثانوية العامة لتقديمها لمعهد الموسيقى بنفسه، مؤكداً على تمتّعي بالموهبة. لقد شكَّل نموذجاً للآباء المتفهّمين حق الأبناء في تحديد مصيرهم».