«القصف الإسرائيلي» على قاعدة قرب حمص استهدف ضباطاً إيرانيين

مصادر في تل أبيب عدّته «ضربة استباقية» لمنع التموضع في سوريا

TT

«القصف الإسرائيلي» على قاعدة قرب حمص استهدف ضباطاً إيرانيين

كشفت مصادر في المعارضة السورية أن القصف الإسرائيلي الذي طال مطار الشعيرات في محافظة حمص وسط سوريا، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، استهدف اجتماعاً رفيع المستوى لضابط من الجيش السوري والإيراني بينهم قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس» الإيراني. وأكدت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية، أن «القصف الذي طال مطار الشعيرات مساء الثلاثاء بطائرات حربية إسرائيلية من الأجواء اللبنانية استهدف طائرات نقل عسكرية إيرانية، واجتماعاً لعدد من قادة
الحرس الثوري و(حزب الله) اللبناني، بينهم القائد الجديد لـ(فيلق القدس) إسماعيل قاآني، وتأكيد مقتل الجنرال في الحرس الثوري أحمد رضا بوردستان». وأوضحت المصادر أن «قيادات أمنية عالية المستوى توجهت من دمشق بالحوامات إلى المطار».
وقال سكان في محافظة حمص إن المضادات الأرضية التابعة للجيش السوري أطلقت عشرات القذائف في سماء محافظة حمص الجنوبية وشوهدت انفجارات في سماء المنطقة. وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الدفاعات الجوية السورية تصدت مساء الثلاثاء لأهداف جوية في سماء مدينة حمص. وأفاد شهود عيان بسماع أصوات انفجارات كبيرة جنوب دمشق، وأن «المضادات الأرضية التابعة للجيش السوري أطلقت عشرات من القذائف الصاروخية». وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن «دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي من فوق الأجواء اللبنانية وأسقطت عدداً من الصواريخ قبل وصولها لأهدافها».
من جانبه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مساء الثلاثاء، بأن «قصفاً نفّذته طائرات حربية إسرائيلية كانت تحلّق في أجواء لبنان، استهدفت بأكثر من 8 صواريخ، مطار الشعيرات في حمص، فيما سُمع دوي ناتج من محاولة الدفاعات الجوية التصدي لتلك الضربات».
ونفى المكتب الإعلامي لـ«فيلق القدس» مقتل قائده العميد إسماعيل قاآني، في الاستهداف الإسرائيلي لمواقع في سوريا، الثلاثاء. وفي وقت سابق، نفى المراسل الصحافي الإيراني والخبير العسكري حسين دليريان، الأنباء عن مقتل رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان.
وفي بداية مارس (آذار)، شنت طائرات إسرائيلية غارات على موقعين للقوات الحكومية السورية في حمص والقنيطرة في الجولان، ما أسفر عن سقوط قتيل وجرحى. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية وقتذاك، عن مصادر مقربة من القوات الحكومية، أن «جندياً قُتل وأصيب ثلاثة آخرون في قصف إسرائيلي على مطار الشعيرات جنوب شرقي محافظة حمص». وأضافت أن «وحدات الدفاع الجوي السوري أسقطت خمسة صواريخ، في حين وصلت ثلاثة صواريخ إلى المطار».
وكان مطار الشعيرات قد تعرض لقصف من طائرات أميركية في بداية أبريل (نيسان) 2018، بعد اتهام الجيش السوري بأنه قصف مناطق في محافظة إدلب بالسلاح الكيماوي.
في تل أبيب، رغم أن الجهات الرسمية الإسرائيلية لم تنفِ أو تؤكد قصف القاعدة قرب حمص، فإن مصادر أمنية عدّت القصف رسالة تحذير موجهة إلى طهران، مفادها أن الانشغال الإسرائيلي بانتشار وباء «كورونا» لا يعني أنها تهمل أو تغض الطرف عن النشاط الإيراني الهادف إلى التموضع في سوريا. وقالت المصادر إن طهران «لا تكفّ عن محاولاتها لتعزيز وجودها في الأراضي السورية وتنفيذ خطتها لإنشاء ممر بري مباشر من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط عن طريق العراق وسوريا ولبنان وتكريس حالة الاقتراب بميليشياتها من الحدود الإسرائيلية».
وجاء القصف في وقت نشر فيه معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب دراستين، أجراهما باحثون في المعهد بمشاركة عدد من الجنرالات في الجيش الإسرائيلي، تحذران من النشاط الإيراني. ولم تستبعد إحدى هاتين الدراستين، أن تكون القيادة الإيرانية تخطط لاستغلال الانشغال الإسرائيلي والعالمي بأزمة «كورونا»، لإجراء تصعيد في نشاطها الحربي، خصوصاً بعد فشل هذه القيادة في معالجته في إيران.
وتوقع الجيش الإسرائيلي، وفق تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الأربعاء)، أن يتسبب الوضع الذي يصوره في إيران بتقليص المساعدات لـ«حزب الله» وخطوات التموضع في سوريا «بسبب ضغوط داخلية للجمهور بتحويل الاستثمارات إلى الجهاز الصحي بدلاً من تسليح المحور الإيراني». وأضاف: «على خلفية الحقيقة أن جنرالات إيرانيين توفوا بسبب (كورونا) في سوريا أيضاً، فإن حزب الله اختار الابتعاد عن ضباط إيرانيين لمنع الإصابة بالعدوى، وقسم من هؤلاء الضباط غادروا لبنان». ولكن، على الرغم عن هذه التقديرات، فإن الجيش الإسرائيلي يتابع النشاط الإيراني «بيقظة شديدة» ويوجه الرسائل إلى طهران بأنه لن يسمح لها بتنفيذ مخططها.
وجاء في دراسة لمعهد الأمن القومي في تل أبيب أنه «يمكن لقادة (حزب الله) وإيران أن يعتقدوا أن ثقل المهام الملقاة على جهاز الأمن في إسرائيل وتراجع القوى العاملة هو فرصة لتطوير خطوط الإنتاج في سوريا ولبنان لصنع أو تدقيق الصواريخ. وبدلاً من ذلك، قد تنجح إيران في نشر قدرات الأسلحة النارية في سوريا و- أو العراق، وإطلاقها باتجاه إسرائيل. وقد تحاول إيران، من خلال ذلك، أن توضح لإسرائيل ما هو ثمن الحرب. ويمكن أيضاً أن تسعى إيران لتعزيز قدراتها النووية، فتقلص الجدول الزمني المحتمل للوصول إلى القنبلة النووية، خصوصاً مع احتمال أفول سياسة «أقصى ضغط» الأميركية بسبب كورونا».
وأوصى الباحثون الحكومة الإسرائيلية والجيش بـ«اتخاذ إجراءات استباقية تمنع ضرب مصالح إسرائيل وتثني القادة في المنطقة عن اتخاذ خطوات من المحتمل أن تؤدي إلى التصعيد الفوري أو تجعل العلاقات المستقبلية صعبة»



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.