تونس: «أجواء الوباء»ترفع الاحتياطي لمستوى قياسي

قال البنك المركزي التونسي إن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى نحو 7 مليارات دولار (رويترز)
قال البنك المركزي التونسي إن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى نحو 7 مليارات دولار (رويترز)
TT

تونس: «أجواء الوباء»ترفع الاحتياطي لمستوى قياسي

قال البنك المركزي التونسي إن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى نحو 7 مليارات دولار (رويترز)
قال البنك المركزي التونسي إن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى نحو 7 مليارات دولار (رويترز)

كشف البنك المركزي التونسي عن تحسن مخزون البلاد من النقد الأجنبي خلال هذه الفترة متجاوزاً الأرقام المسجلة طوال السنوات الماضية ليقدر بأكثر من 20 مليار دينار تونسي (نحو 7.1 مليار دولار)، مستفيداً من انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية، وتراجع الأنشطة الاقتصادية على المستوى المحلي، ودخول معظم المؤسسات التونسية في حالة شلل اقتصادي، نتيجة انتشار الوباء.
وأشار البنك إلى أن الاحتياطي من العملات الأجنبية بلغ 20.171 مليار دينار تونسي، وكان خلال الفترة نفسها من السنة الماضية لا يزيد على 14.5 مليار، وهو ما مكن من تغطية أكثر من 115 يوم توريد. والحال أن هذا الاحتياطي قد تراجع حتى إنه لم يعد يغطي سوى 73 يوم توريد خلال السنوات الماضية، وهو ما كان محل انتقاد شديد من قبل خبراء في المالية والاقتصاد نتيجة كسر حاجز 90 يوم توريد بوصفه خطاً أحمر لا يمكن النزول تحته. وتعود أسباب تحسن احتياطي النقد الأجنبي إلى انخفاض كميات العملة الصعبة التي كان يضخها البنك المركزي في السوق المالية لتعديل أسواق الصرف، وتراجع إقبال صغار المستثمرين وأصحاب المهن الصغرى والمتوسطة على القروض البنكية، وتقلص الطلب على العملة الأجنبية لتمويل عمليات التوريد خصوصاً من دول الاتحاد الأوروبي التي أغلق كثير منها حدوده ودخل في عزلة شبه كلية، علاوة على تراجع عمليات المبادلة بين الدينار التونسي وبقية العملات الأجنبية خصوصاً اليورو والدولار.
أما السبب الرئيسي والأكثر أهمية وتأثيراً وفق عدد من خبراء وزارة المالية التونسية، فهو يتمثل في تراجع أسعار النفط؛ حيث إن تونس تستورد أكثر من نصف حاجياتها من الخارج. ويؤكد هؤلاء أن كل تراجع في أسعار النفط بدولار واحد ينعكس إلى 120 مليون دينار (نحو 41 مليون دولار) على مستوى ما تربحه البلاد من الموارد المالية. وإذا قارنا بين أسعار النفط التي اعتمدتها وزارة المالية التونسية عند إعداد ميزانية السنة الحالية، فإننا سنجد أن تونس قد ربحت كثيراً خلال هذه المدة التي قدرت فيها أسعار النفط بـ21 دولاراً، وهو سعر لم يحدث منذ سنة 2003. في حين أن الأسعار المرجعية التي اعتمدتها في الميزانية كانت في حدود 65 دولاراً، وهو ما يعني أن الاقتصاد لتونسي وفّر ما لا يقل عن 44 دولاراً في برميل النفط الواحد، وهذا يترجم عملياً إلى نحو 1.8 مليار دولار خلال هذه الفترة.
في غضون ذلك، أكد محمد الصادق البديوي، رئيس الغرفة النقابية لمحطات بيع الوقود أن النشاط تراجع بنسبة 70 في المائة خلال هذه الفترة نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي وتعطل مصالح الدولة وإقرار حظر التجوال والحجر الصحي العام في تونس. وأضاف أن محطات توزيع المحروقات بأنواعها تضررت من انتشار الوباء، ودعا السلطات التونسية إلى عدم إقرار تعديل على أسعار المحروقات خلال هذه الفترة التي تعرف انكماشاً اقتصادياً قياسياً؛ على حد تعبيره.
يذكر أن تونس قد اتفقت مع صندوق النقد الدولي على إقرار التعديل الآلي لأسعار المحروقات كل 3 أشهر، وذلك للضغط على الدعم الموجه لهذا القطاع، غير أن تراجع أسعار النفط دفع عدداً من الخبراء إلى المطالبة بضرورة مراجعة الأسعار في الأسواق المحلية. وكان منجي مرزوق وزير الطاقة والمناجم والانتقال الطاقي قد أكد على إمكانية التقليص في أسعار المحروقات خلال منتصف أبريل (نيسان) المقبل تبعاً لانخفاض الأسعار العالمية بشكل لافت للانتباه.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».