اتهمت أحزاب سياسية معارضة عدة؛ في مقدمتها حزب العمال اليساري وحزب الحركة الديمقراطية، الرئيس التونسي قيس سعيد بـ«فتح جبهات معارك»، في وقت تحتاج فيه تونس إلى «وحدة وطنية، وتضامن بين مختلف فئاتها الاجتماعية»، وقالوا إن الرئيس سعيد «لم يتخذ خلال اجتماع مجلس الأمن القومي (أول من أمس) أي قرارات إيجابية؛ باستثناء قرار تمديد الحجر الصحي لمدة أسبوعين. أما بقية ما جاء في الاجتماع الذي كان ينتظره الشعب بترقب كبير، فلم يكن سوى مجرد دعوات، أحيت معارك قديمة، ومن بينها مقترح (المصالحة الجبائية) الذي قدمه سنة 2012 عندما كان أستاذاً للقانون الدستوري، وأعاده كما هو خلال اجتماع (أول من أمس) وهو رئيس للجمهورية».
وعدّ عدد من السياسيين المنتمين إلى المعارضة أن الرئيس سعيد لوّح بمعركة حاسمة مع شريحة من رجال الأعمال، بعد أن خيرهم بين دعم خزينة الدولة عن طيب خاطر بهدف مقاومة وباء «كورونا»، واستخدام سلاح القانون. وذكّر في هذا السياق بقائمة رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مالي مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وينص قانون «المصالحة الجبائية»، الذي طرح بعد ثورة 2011، على أن يتعهد كل محكوم ضده بإنجاز عدد من المشاريع، التي يطالب بها السكان في كل محافظة، مثل الطرقات، والمستشفيات، والمؤسسات التربوية، وأن يتم ذلك تحت إشراف لجنة جهوية تتولى المراقبة والتنسيق، وألا يتم إبرام صلح نهائي مع من استفادوا مالياً من نظام بن علي إلا بعد التأكد مما يفيد إنجازهم المشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها من قبل القضاء.
وتقدر مصادر حكومية المبالغ التي تصرف فيها نحو 400 رجل أعمال تونسي، دون سند قانوني، بأكثر من 10 مليارات دينار (نحو 3.6 مليار دولار).
وانتقد أحمد نجيب الشابي، رئيس حزب الحركة الديمقراطية وأحد أهم رموز المعاضة لنظام بن علي، هذا التوجه بشدة، وقال إن الرئيس سعيد واصل من خلال خطابه «تحريض التونسيين بعضهم على بعض، بنفس الدوافع ولنفس الغايات، وذلك في إطار التنازع على النفوذ والصلاحيات بين الرئاسات الثلاث»؛ على حد تعبيره، مؤكداً أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني للبلاد خطير جداً، ولا يتحمل مزيداً من التشاجر بين الأفرقاء.
أما في الجانب الاجتماعي، فقد دعا الرئيس سعيد إلى الإسراع في تنفيذ الإجراءات الحكومية بأكثر دقة، وتغيير طرق العمل التي تم اعتمادها، من أجل تفادي النقائص، وتذليل العراقيل، مع بذل مزيد من الجهود لإيصال المؤونة إلى التونسيين في كل المناطق، وتحقيق المطالب المشروعة للطبقات الهشة والفقراء والمحتاجين، علاوة على مقاومة الاحتكار، وضرورة إعادة النظر في القانون الجزائي، من أجل اعتبار محتكري المواد الغذائية «مجرمي حرب ويجب تسليط أشد العقوبات ضدهم».
في السياق ذاته، قال حمة الهمامي، رئيس حزب العمل اليساري المعارض، إن الرئيس قرر العودة إلى الماضي حينما أثار مسألة توفير الموارد لتمويل مجهود الحرب على وباء «كورونا»، «حيث تحدث عن قانون المصالحة، وعن الأموال الضخمة المنهوبة التي لم يستردها التونسيون. كما تحدث عن المال الفاسد الذي طغى على تمويل الانتخابات... لكنه لم يقدم في خطابه سوى قرار وحيد، وهو تمديد الحجر الصحي»، على حد تعبيره.
وأوضح الهمامي أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية حق التقدم بمشاريع قوانين لإعطائها الأولوية في المناقشة تحت قبة البرلمان. كما يمنحه سلطة القرار في كل ما يتعلق بأمن الوطن والشعب، وكل ما يهم السياسة الخارجية، لكنه تساءل موجهاً كلامه إلى الرئيس سعيد: «ما الذي يجعل خطابكم في افتتاح مجلس الأمن القومي مجرد إنشاء لا يتعدى التنديد والتشهير، والتعبير عن مشاعر التعاطف المجردة مع الفقراء والمعدمين ولا يرقى إلى مستوى اتخاذ القرارات التي يقتضيها الوضع في تونس؟». مضيفاً أن «تونس في حرب، ولا تقبل التردد والكلام الفضفاض»؛ على حد قوله.
المعارضة التونسية تتهم الرئيس بـ«إحياء معارك قديمة»
سعيّد دعا المستفيدين من نظام بن علي إلى «مصالحة جبائية»
المعارضة التونسية تتهم الرئيس بـ«إحياء معارك قديمة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة