مجلس النواب الفرنسي يتأهب للتصويت على الاعتراف بدولة فلسطين

إسرائيل تقوم بحملة لمواجهة التعاطف مع الفلسطينيين

مجلس النواب الفرنسي يتأهب  للتصويت على الاعتراف بدولة فلسطين
TT

مجلس النواب الفرنسي يتأهب للتصويت على الاعتراف بدولة فلسطين

مجلس النواب الفرنسي يتأهب  للتصويت على الاعتراف بدولة فلسطين

بدأت ملامح معركة سياسية - دبلوماسية تلوح في الأفق الفرنسي مع الإعلان عن تصويت مجلس النواب، بمبادرة من الحزب الاشتراكي الذي يشكل عماد الأكثرية اليسارية، على قرار يحث الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على غرار ما فعلت السويد، رسميا نهاية الشهر الماضي، وما فعله مجلس العموم البريطاني قبل أيام.
ومن المقرر أن يعمد النواب إلى التصويت في 28 من الشهر الجاري، على أن يلحق بهم مجلس الشيوخ في 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ورغم أن التصويت الإيجابي للمجلسين لا يلزم الحكومة بشيء، فإنه سيضعها في موقف حرج، خصوصا أن المبادرة في المجلس النيابي جاءت من صفوف الأكثرية، فيما انطلقت المبادرة في مجلس الشيوخ من جانب الشيوعيين والخضر. وحسب مصادر نيابية فإن الأمور تسارعت عصر أول من أمس، عقب اجتماع رئيس المجلس النيابي مع رؤساء الكتل الممثلة في الجمعية الوطنية، حيث أقر تاريخ الـ28 الجاري لإجراء التصويت. لكن حتى الآن لم يقدم النواب الاشتراكيون النسخة النهائية لمشروع القرار إلى مكتب المجلس، بانتظار ما كان سيؤول إليه اجتماعهم عصر أمس. وتتقدم النائبة إليزابيت غيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، دعاة الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، فيما تدعو أصوات من داخل الحزب المعروفة بقربها من المواقف الإسرائيلية إلى «التروي» والالتزام بموقف «متوازن»، وعدم الإضرار بحظوظ معاودة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحتى الآن ظل الموقف الفرنسي مشوبا بالغموض، رغم أن وزير الخارجية لوران فابيوس أعلن أكثر من مرة، وآخرها السبت الماضي، أنه «يتعين في وقت ما أن يحصل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن السؤال هو متى وكيف لأنه يتعين أن يكون هذا الاعتراف مفيدا للجهود المبذولة بهدف الخروج من الطريق المسدود والمساهمة في حل نهائي للنزاع» بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبحسب الوزير الفرنسي فإن «الفكرة القائمة حتى الآن هي أن الاعتراف يجب أن يكون مربوطا بالمفاوضات، ولكن إذا لم تحصل أو إذا لم تفض إلى نتيجة، فعندها سيتعين على فرنسا أن تتحمل مسؤولياتها»، أي الإقدام على الاعتراف.
والواضح من الموقف الفرنسي أن باريس لا تريد رسميا «القطيعة» مع إسرائيل، وهي تلتزم الحذر في التعاطي مع المواضيع التي تمسها. وتقول مصادر رسمية فرنسية إن باريس «تفضل» موقفا أوروبيا موحدا من الموضوع الفلسطيني. بيد أن المزاج العام في فرنسا هو «النقمة» على السياسة الإسرائيلية التي تعترف المصادر الفرنسية بأنها «تجهض» حل الدولتين من خلال الاستيطان، كما أنها تضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في موقف حرج للغاية.
وقبل أن يعرف تاريخ التصويت في مجلس النواب، بدأت إسرائيل حملة سياسية دبلوماسية مكثفة لمواجهة الموجة المتعاطفة مع الطرف الفلسطيني، حيث علم من مصادر واسعة الاطلاع أن السفارة الإسرائيلية في باريس تقوم بالاتصال مع النواب فرديا لتنبيههم إلى «مخاطر» الإقدام على الاعتراف بفلسطين، بحجة أنه «سيقضي نهائيا على مسار السلام». كما وجه السفير الإسرائيلي، أول من أمس، رسالة مفتوحة سخر فيها من «السياسيين» الذين يتناسون «داعش» والإرهاب وسوريا، وكل المشاكل الأخرى في الشرق الأوسط: «ويعتبرون أن الحل هو الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية». ويتضح من كل ما تقدم أن باريس تخضع لضغوط متضاربة داخليا وخارجيا. وما ستقرره فرنسا سيكون بالغ الأهمية، لأنها إذا قررت السير بالاعتراف بفلسطين، فإنها ستكون أول دولة غربية كبرى تقدم على هذه الخطوة، ومن شأن ذلك أن يؤثر على دول أوروبية أخرى، مثل إيطاليا، وإسبانيا، والبرتغال، واليونان، وغيرها من الدول التي تحتاج لجناحي دولة أوروبية قوية للسير على هذه الطريق.
وواضح أيضا أن الممثلة الجديدة للسياسة الأوروبية الإيطالية فدريكا موغريني تدفع بهذا الاتجاه، ولم تتردد في إسرائيل نفسها عن التأكيد على «الحاجة الملحة» لقيام الدولة الفلسطينية. ولذا، فإن مسؤولية النواب الفرنسيين كبيرة خلال تصويتهم في 28 من الشهر الجاري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.