الموت يغيّب المفكر الإسلامي المصري حمدي زقزوق عن 87 عاماً

الأزهر ناعياً: التاريخ سيظل يذكره بعلمه وفكره الوسطي

الدكتور محمود حمدي زقزوق
الدكتور محمود حمدي زقزوق
TT

الموت يغيّب المفكر الإسلامي المصري حمدي زقزوق عن 87 عاماً

الدكتور محمود حمدي زقزوق
الدكتور محمود حمدي زقزوق

غيّب الموت اليوم (الأربعاء) المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عن عمر ناهز 87 عاماً. ولد زقزوق في ديسمبر (كانون الأول) عام 1993، بقرية الضهرية التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية بدلتا مصر. وقال الأزهر ناعياً الدكتور زقزوق، اليوم، إن «التاريخ سيظل يذكر فقيد الأزهر والأمة العربية والإسلامية، بعلمه وفكره الوسطي ومؤلفاته التي تعد من أقوى المراجع في الفلسفة الإسلامية، والتي تمتاز بقوة الحجة والبرهان... أبرزها، مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد، والإسلام في تصورات الغرب، ودراسات في الفلسفة الحديثة، والفكر الديني وقضايا العصر».
المفكر الراحل كان الأول في مسابقة إيفاد أعلنها الأزهر، فسافر إلى ألمانيا عام 1962، وأثبت نبوغه ورقي فكره، فعاد إلى مصر مدرساً في أصول الدين بالأزهر، ثم نائباً لرئيس جامعة الأزهر، ثم وزيراً للأوقاف لمدة 15 عاماً، كما شغل الكثير من المناصب. وأكد الأزهر في بيان له «ظل الدكتور زقزوق بعلمه وقلمه، مفكراً وفقيهاً ومتكلماً وفيلسوفاً».
استطاع الدكتور زقزوق خلال رحلة عمره نيل عدد من الدرجات العلمية، هي الإجازة العالمية من كلية اللغة العربية بالأزهر عام 1959، والشهادة العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر عام 1960، والدكتوراه في الفلسفة من جامعة ميونيخ بألمانيا عام 1968.
نال الدكتور زقزوق جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1997، وآخر تكريم حصل عليه في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك خلال فعاليات مؤتمر تجديد الفكر الديني الذي عقده الأزهر؛ وذلك تقديراً لجهود الراحل في تجديد الفكر الإسلامي، ونشر سماحة الإسلام.
ونعاه اليوم الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، قائلاً إن «الأمة الإسلامية فقدت عَلماً بارزاً من أعلام الأزهر، أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين، وبذل جهداً واضحاً في التجديد في الفكر والخطاب الديني ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة، والرد على الشبهات التي تثار حول الإسلام والمسلمين»، مضيفاً أن «التاريخ سوف يذكر بحروف من نور الجهود التي قام بها الدكتور زقزوق، وسعيه لنشر المفاهيم الدينية الصحيحة، وجهوده العلمية وغزارة الإنتاج الفكري والقانوني».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم