«حماس» تعلن اعتقال «متخابرين» مع إسرائيل

قالت إنهم كلفوا مراقبة «مسيرات العودة» وتقديم معلومات أخرى

مسيرات العودة في خان يونس التي كانت تنطلق كل جمعة في قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسيرات العودة في خان يونس التي كانت تنطلق كل جمعة في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تعلن اعتقال «متخابرين» مع إسرائيل

مسيرات العودة في خان يونس التي كانت تنطلق كل جمعة في قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسيرات العودة في خان يونس التي كانت تنطلق كل جمعة في قطاع غزة (أ.ف.ب)

كشف جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة «حماس» في قطاع غزة، النقاب عن اعتقال عدد من المتخابرين مع الاحتلال الإسرائيلي، كانت مهمتهم مراقبة فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بحسب بيان للحركة.
ونشرت «الداخلية» في القطاع فيلماً قصيراً يرصد الصراع بين أجهزة الأمن في غزة والمخابرات الإسرائيلية في قضية العملاء.
وقدّم الفيلم مشهداً تمثيلياً يُحاكي عملية اعتقال جهاز الأمن الداخلي أحد المشتبه بهم في رصد ومراقبة مسيرات العودة. وقد أظهرت التحقيقات أنه من أقدم وأهم العملاء المُجندين من قبل المخابرات الإسرائيلية.
وكشف الفيلم عن تفاصيل أحد العملاء، الذي يحمل الرمز «M12» ويبلغ من العمر 60 عاماً، وقد ارتبط بالمخابرات الإسرائيلية منذ عام 1994.
واعترف المتخابر «M12» بتقديم معلومات حول عدد من رجال المقاومة، ومن العاملين في جهاز الأمن الداخلي، وعن أشخاص يعملون في الشرطة الفلسطينية.
وذكر أنه تواصل في شهر مايو (أيار) 2018 مع ضابط يُدعى «رياض»، وقدم له معلومة عن مكان لإطلاق صواريخ للمقاومة من خلف منزل في محيط سكنه.
ويروي المتخابر في اعترافاته أن ضابط المخابرات كان يسأله عن التحضيرات التي تتم كل جمعة لتنظيم مسيرات العودة، ودعوة الجماهير للتوجه إلى الحدود للمشاركة في هذه الفعاليات، والتعرف على الشباب الذين يجلبون الإطارات المطاطية (الكوشوك). وتحدث أيضاً عن تكليفه مهام متابعة مسيرات العودة ومراقبة نشطائها.
وتعامل هذا المتخابر مع عدد من الضباط الإسرائيليين؛ ففي عام 1994 كان تواصله مع الضابط «أبو داود»، وفي 2009 مع الضابطين «جلال» و«جهاد»، وفي 2016 كان على تواصل مع الضابط «شفيق»، فيما كان يتواصل عام 2017 مع الضابطين «زاهر» و«رياض».
ونشر الفيلم صورة لضابط المخابرات الإسرائيلية «شفيق» الذي يعمل في حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة، واعترف المتخابر «M12» بأنه قابل الضابط المذكور في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، في حين كانت المقابلة الثانية في بداية شهر يونيو (حزيران) 2017، والمقابلة الثالثة بمدينة «نتانيا» في الأراضي المحتلة.
وقال متخابر آخر يحمل الرمز «R 24» ويبلغ من العمر 63 عاماً، إنه كان على تواصل وثيق مع ضباط مخابرات آخرين. وقال إن ضابط المخابرات الإسرائيلية «أبو الأمير» قال له باللهجة المحلية: «إحنا دفعنا فلوس كتير في غزة ليثور الناس على حكومة غزة (حماس)، لكن للأسف كل المشاريع وكل الطرق التي استخدمناها فشلت، والناس بدل ما تثور على الحكومة في غزة، توجهت للحدود تعمل لنا مشاكل هناك».
ولم يكشف الجهاز عن عدد العملاء الذين تم إلقاء القبض عليهم، واكتفى بعرض متخابرين اثنين فقط. وتطلق «حماس» بين الفينة والأخرى حملات تفتح فيها باب التوبة للعملاء وتعتقل آخرين وتحاكمهم وتعدمهم.
وأقدمت «حماس» منذ سيطرتها على القطاع في 2007 على إعدام عدد من الأشخاص بتهمة التخابر مع إسرائيل، بينهم من تم إعدامه ميدانياً مما خلف انتقادات كبيرة.
وتنفيذ أحكام الإعدام يتم رغم الخلاف القانوني حول الأمر؛ إذ ترى «السلطة» أن محاكم «حماس» غير مختصة، إضافة إلى أن أي إعدامات وفق القانون الفلسطيني تحتاج من أجل تنفيذها إلى توقيع الرئيس.
لكن الفصائل الفلسطينية في غزة تؤيد هذه الحملات. وعدّت فصائل فلسطينية أن ما تم الكشف عنه من قبل أجهزة الأمن بقطاع غزة، حول اعتقال عددٍ من المتخابرين مع الاحتلال الإسرائيلي المكلفين مراقبة مسيرات العودة، «يفضح حالة الرعب التي أصابت الاحتلال وقيادته المهزومة من مسيرات العودة». وثمنت الفصائل، في بيان مشترك لها، ما تقوم به الأجهزة الأمنية في القطاع، والمتمثل في «حماية العمل الشعبي والوطني وتحصين الجبهة الداخلية وحمايتها من الاختراق أو الزعزعة»، ودعت إلى زيادة الحرص واليقظة في ظل استمرار الحصار والحالة المعيشية السيئة في غزة والخوف من انتشار فيروس «كورونا» الذي «قد يفتح شهية الاحتلال لتكثيف حملاته العدوانية على غزة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».