شكوك حول إتمام العام الدراسي الحالي في العراق

بعد توقفه نتيجة المظاهرات والحظر الصحي بسبب «كورونا»

TT

شكوك حول إتمام العام الدراسي الحالي في العراق

ترجّح أقوى التوقعات داخل الأوسط الأكاديمية العراقية «استحالة» نجاح وزارتي التربية والتعليم العالي في إكمال العام الدراسي الحالي (2019-2020)، نظراً للظروف المعقدة التي رافقت الموسم التعليمي منذ اليوم الأول لانطلاقه، والتحاق الطلبة بمقاعدهم الدراسية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ صادف في ذلك التاريخ أن انطلقت الشرارة الأولى للمظاهرات العراقية التي استمرت لنحو 5 أشهر، وتسببت في تعطيل غالبية الجامعات والكليات في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، نتيجة الإضرابات التي قام بها الطلبة بعد التحاق أعداد كبيرة منهم بالحراك الاحتجاجي. ورغم الجهود الواسعة التي بذلتها السلطات في إقناع الطلبة، والتي تراوحت بين أساليب الترغيب والترهيب، بالعودة إلى مقاعد الدراسة، فإنها لم تنجح في ذلك، وظلت قاعات الدرس فارغة على امتداد الـ15 أسبوعاً الأولى المثبتة رسمياً لإنهاء مقررات الفصل الأول من المناهج والمواد الدراسية.
وإذا كانت وزارة التربية التي تدير العملية التربوية في المدارس الابتدائية والثانوية قادرة على اجتياز العام الدراسي الحالي، نتيجة عدم تأثير الحراك الاحتجاجي على تلك المدارس كثيراً، مثلما فعل مع طلبة الجامعات والكليات، فإن وزارة التعليم العالي تواجه مشكلات جدية في إنجاز عامها الدراسي، ويستبعد كثير من المختصين في التعليم قدرتها على ذلك، حتى مع محاولاتها الاستعانة بالطرق الإلكترونية لتواصل الطلبة مع أستاذتهم لإكمال مقرراتهم العلمية بعد انتشار فيروس كورونا في البلاد. وإلى جانب مشكلة التعطيل التعليمي التي نجمت عن الحراك الاحتجاجي، واستوعبت معظم أيام الفصل الدراسي الأول، جاء الحظر الصحي الذي أقرته السلطات ليأكل ما تبقى من وقت لإكمال العام الدراسي.
ورغم التوقعات المحبطة التي تشير إلى عدم إمكانية إتمام العام الدراسي، فإن وزارة التعليم العالي ما زالت تتطلع لإتمامه. وتتحدث مصادر الوزارة عن أنها ستضع تقويماً جديداً لانطلاق الدراسة مجدداً، بعد انتهاء الحظر الصحي منتصف أبريل (نيسان) الحالي.
وكانت الوزارة قد حددت في وقت سابق، منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، موعداً ثانياً لعودة الطلبة إلى مقاعدهم، لكنها جوبهت بإصرار الطلبة على الإضراب والاستمرار في الاحتجاجات.
وأعلنت وزارة التعليم العالي أنها تبنت أسلوب التعليم الإلكتروني نتيجة للظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق.
وأوضحت الوزارة، في بيان، أمس، أن «الهدف من تبني التعليم الإلكتروني في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العراق والعالم تواصل ربط الطلبة والأساتذة مع العملية التعليمية، وهذا يتوافق مع ما قامت به جميع المؤسسات الأكاديمية العالمية، وأن المنظمات الدولية، كاليونيسكو والإسيسكو، عدته خياراً ناجحاً».
ودعت الوزارة «أعضاء الهيئة التدريسية إلى بذل الجهود اللازمة، حسب الإمكانيات المتاحة، لخدمة الطلبة وإنجاح العملية التعليمية»، وأشارت إلى «متابعتها آليات تنفيذ وتطبيق التعليم الإلكتروني في الجامعات، عبر فريق وزاري مختص، وبعض الإجراءات الخاصة بتقييم هذه التجربة، ومدى إفادة الطلبة منها».
ومن جهة أخرى، يرجح غالبية الأساتذة والمختصين أن تجربة التعليم الإلكتروني لن يكتب لها النجاح المرجو، لأسباب كثيرة. وقال رئيس الجامعة المستنصرية حميد فاضل، في تصريحات لقناة «العراقية» شبه الرسمية، إن «إقبال الطلبة على التعليم الإلكتروني ضعيف بشكل عام، وهو لا ينسجم، بل يتعارض، مع الدراسات والمقررات التطبيقية والمختبرية في الكليات الطبية والهندسية وغيرها».
وتؤكد التدريسية في الجامعة التكنولوجية وفاء الفتلاوي «عدم استجابة غالبية الطلبة للتعليم الإلكتروني نتيجة أسباب كثيرة، منها عدم اعتيادهم على هذه الطرق، إلى جانب ضعف الإنترنت، وعدم وجوده أصلاً لدى بعض العوائل الفقيرة».
وتقول الفتلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «إكمال العام الدراسي الحالي بحاجة إلى معجزة؛ لا أدري كيف سيتم ذلك. حتى الآن لم يعطَ الطلبة 10 في المائة من المقرر الدراسي. الأمور معقدة تماماً، ولا نعرف متى ينتهي حظر التجوال لاستئناف الدراسة».
وبدورها، عدت لجنة التعليم العالي والبحث العلمي النيابية أن التعليم الإلكتروني يشكل عبئاً إضافياً على الطلبة في الظروف الحالية الصعبة نتيجة انتشار فيروس كورونا. وذكرت اللجنة، في بيان، أنها «سجلت تحفظها على تجربة التعليم الإلكتروني، بصفة أن الإقبال عليها ما زال ضعيفاً من قبل الأساتذة قبل الطلبة، لحداثتها ولضعف الإنترنت في عموم العراق، مما سبب هلعاً وتذمراً من قبل المواطنين، الطلبة وذويهم، وأصبحت أمراً مرهقاً أضاف عبئاً جديداً على العائلة العراقية، خاصة أنها في ظرف لا تحسد عليه بسبب انقطاع الدخل اليومي للمعتمدين عليه، ناهيك من القلق الذي ينتابهم، شأن بقية أقرانهم في العالم أجمع، بسبب وباء كورونا».
وأضاف البيان أن اللجنة «توصي باعتبار هذه الطريقة (التعليم الإلكتروني) وسيلة اختيارية لجذب الطالب، والتواصل معه وتثقيفه، صحياً وعلمياً، والتواصل معه لضمان التزامه بحظر التجوال، وعدم إضاعة الوقت بأمور لا فائدة منها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.