دي ميستورا يبحث مع وزير الخارجية المصري حصيلة لقاءاته مع الأطراف السورية

الناطقة باسم المبعوث الدولي: «التفاصيل التقنية» لخطته تتبلور خلال أسبوعين

محادثات المبعوث الدولي دي ميستورا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
محادثات المبعوث الدولي دي ميستورا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا يبحث مع وزير الخارجية المصري حصيلة لقاءاته مع الأطراف السورية

محادثات المبعوث الدولي دي ميستورا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
محادثات المبعوث الدولي دي ميستورا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس في القاهرة (أ.ف.ب)

بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تطورات الأزمة السورية والأوضاع الأمنية والسياسية، غداة إعلان دي ميستورا أنه تلقى إشارات إيجابية من المسؤولين السوريين بشأن مقترح لإبرام هدنة في مدينة حلب في شمال البلاد، وهي إحدى ساحات المعارك الرئيسية في الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من 3 أعوام.
إزاء ذلك، وصل حراك دي ميستورا إلى القاهرة، حيث التقى أمس وزير خارجية مصر سامح شكري. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي إن المبعوث الأممي عرض على الوزير شكري محصلة اللقاءات والاتصالات التي أجراها في الفترة الأخيرة مع الأطراف السورية والإقليمية والدولية المعنية ورؤيته لسبل التحرك في الفترة القادمة في إطار جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا والأفكار المطروحة في هذا الشأن.
وأشار عبد العاطي، في بيان صحافي، إلى أن الوزير شكري عرض خلال المقابلة «الرؤية المصرية للتطورات الحالية على الساحة السورية والتشديد على الأهمية القصوى لإيجاد حل سياسي للأزمة، باعتباره السبيل الوحيد للخروج من المأزق الراهن بما يضمن وحدة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية وتحقيق التطلعات السياسية المشروعة للشعب السوري الشقيق».
وشجع وزير الخارجية المبعوث الأممي على مواصلة جهوده والاستمرار في التواصل مع مصر والسعي لإيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية التي تؤثر سلبا على الوضع في المنطقة بأكملها. وجاء اللقاء غداة مغادرة دي ميستورا دمشق، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، وإعلانه عن أن دمشق «أعطت إشارات إيجابية بشأن هدنة في حلب».
يعمل المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا على بلورة تفاصيل خطته المقترحة لـ«تجميد» القتال في بعض المناطق السورية قبل نهاية الشهر. وبينما رحبت أطراف عدة، من بينها النظام السوري والمعارضة، بخطة دي ميستورا، أثيرت تساؤلات كثيرة حول كيفية تنفيذ «التجميد» في حال وافقت الأطراف المختلفة عليها. وأوضحت الناطقة باسم المبعوث الدولي، جولييت توما، لـ«الشرق الأوسط»: «سنعمل خلال الأسبوعين المقبلين على بلورة الناحية التقنية للخطة، والعمل على كيفية تنفيذها من الناحية العملية. ويشمل ذلك معرفة كيفية مراقبة الوضع و(تجميد) القتال بين الأطراف المختلفة». وأضافت توما أن «بعد الحصول على موافقة أطراف النزاع المعنيين والموجودين على الأطراف يمكننا التحرك، ولكن ذلك سيتطلب بلورة الناحية التقنية».
ومنذ توليه مهمته، قام دي ميستورا بالتواصل مع أطراف في المعارضة السورية بالإضافة إلى زيارته دمشق ولقائه الرئيس السوري. وقالت طعمة إن دي ميستورا «حصل على تجاوب مع المسؤولين في دمشق والآن علينا التوجه إلى الأطراف الأخرى على الأرض من أجل بلورة الحل». وبعد زيارة دي ميستورا إلى دمشق والتشاور مع روسيا وإيران والولايات المتحدة ومصر، يتجه المبعوث الدولي إلى التشاور مع المعارضة. إلا أن تواصل دي ميستورا مع المعارضة لن يختصر على الائتلاف الوطني السوري فقط، بل سيشمل أطراف معارضة عدة، إذ شرحت توما: «لم يعد النزاع محصورا على طرفين». ومن المرتقب أن يتواصل دي ميستورا مع الأطراف السورية والدولية خلال الأسبوعين المقبلين مع التنسيق مع الأمم المتحدة حول كيفية تطبيق الخطة.
وبينما لا تشمل خطة دي ميستورا الدخول في تفاصيل السماح لدخول المساعدات الإنسانية، وهو أمر يشرف عليه المنسق الإنساني الدولي لسوريا يعقوب الحلو والفريق المرافق له، إلا أن دخول مساعدات إنسانية إلى حي الوعر إلى حمص بعد زيارة دي ميستورا لها تعتبر «إيجابية» في السعي إلى بناء بعض «حسن النيات» على الأرض، بينما تستمر الجهود السياسية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.