تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين طرفي الحرب في العاصمة الليبية طرابلس بجلب المرتزقة من سوريا ودول أفريقية عدة «ما قد يساهم في نشر فيروس كورونا» بالبلاد، متعللين في ذلك بأن هذه الفئة «المُستأجرة لا يتم إخضاعها للفحص من أي جهة».
ورأى عضو مجلس النواب الليبي محمد عامر العباني أن حكومة «الوفاق ستكون المسؤولة حال تفشّي الفيروس في البلاد، بسبب استعانتها بالمرتزقة الذين تجلبهم من تركيا، بالإضافة إلى عناصر سورية مسلحة، للقتال في طرابلس».
وقال العباني لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجب نسيان أن تلك الفئة قدمت إلى البلاد من مناطق ذات وضع صحي ومعيشي متدنٍ، قبل أن تنتقل إلى تركيا التي تعاني هي الأخرى من كورونا»، متابعاً: «الأخطر أن حركتهم في ليبيا غير محددة، فهم لا يخالطون قيادات وعناصر الميليشيات المسلحة بالغرب فقط، وإنما يتنقلون أحياناً بين الأهالي والمطاعم والمتاجر، مما يعزز نقل الفيروس».
وفي مقابل هذه الرؤية، اتهم فوزي ونيس، المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الوفاق «الجيشَ الوطني» بـ«استقدام المرتزقة من الخارج للقتال في ليبيا»، لافتاً إلى «احتفاظهم في ثلاجة الموتى بالمستشفيات التابعة لوزاته بجثث عدد من المرتزقة الذين كانوا يقاتلون في صفوف (عملية الكرامة)، وجميعهم عناصر غير ليبية».
وأضاف ونيس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل الجثث الموجودة لدينا، وكذلك من يوجد بالسجون من أسرى تلك القوات، هم من أصحاب البشرة السمراء، وبالتالي فالمسؤولية تلقى عليها في احتمالية إصابتهم ونقل العدوى للبلاد، وبالطبع هذا يؤثر على قدرتنا كقطاع صحي في محاصرة الفيروس ومنع انتشاره».
ويرفض النائب بمجلس النواب بطبرق، زياد دغيم، حديثَ ونيس، مستغرباً «محاولات الموالين لحكومة الوفاق التقليل من خطورة أن يكون عناصر المرتزقة مصدراً لنشر الفيروس».
وقال دغيم لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد أي دليل على استعانة الجيش الوطني بمرتزقة، لكن هناك مئات الفيديوهات للمرتزقة السوريين بالأراضي الليبية، ومنهم أسرى لدى الجيش الوطني»، مذكراً بتصويت البرلمان التركي وموافقته على إرسال قوات إلى ليبيا «أي أن هناك إقراراً بالتدخل الخارجي، وبوجود عناصر تركية في بلادنا».
واستكمل: «هذه المجموعات، سواء تركية أو سورية، وغيرها ممن يسعون وراء المال، لا تملك الوقت الكافي للتركيز على إجراءات الوقاية المتعارف عليها، ولذا فاحتمالات انتشار الوباء عن طريقها كبيرة جداً».
كان المتحدث باسم «الجيش الوطني»، اللواء أحمد المسماري، قد تحدث أكثر من مرة عن وجود حالات مصابة بفيروس «كورونا» ضمن المقاتلين السوريين الآتين من تركيا في قاعدة معيتيقة التي تسيطر عليها حكومة «الوفاق»، وقال نهاية الأسبوع الماضي، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «تؤكد مصادرنا الموثوقة داخل قاعدة معيتيقة الجوية احتجاز قرابة 20 عنصراً من المرتزقة السوريين للاشتباه بإصابتهم بوباء كورونا، وقد تم نقلهم لمعسكر الرحبة في تاجوراء».
وأضاف أن «القيادة العامة، وهي تتابع هؤلاء، تؤكد أن صحة وسلامة الليبيين أولوية قصوى لها، ولن تنتظر إذناً من أحد لحماية شعبها من الإرهاب والأوبئة والعابثين بأمن وسلامة الوطن».
وفي السياق ذاته، عد عضو مجلس النواب بطرابلس أيمن سيف النصر أن «ليبيا وشعبها باتوا يواجهون الموت، ليس عبر الفيروس القاتل فقط، وإنما بسبب الحرب أيضاً». ودافع سيف النصر عن حكومة «الوفاق»، قائلاً: «لم أشاهد مرتزقة سوريين ممن يُروج أن الحكومة تستعين بهم».
ورأى سيف النصر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطر الرئيسي هو تعريض حياة الليبيين يومياً للموت بسبب الحرب التي أجبرت ما لا يقل عن 350 ألفاً من سكان العاصمة على النزوح، ودفعت نسبة كبيرة منهم للإقامة بأماكن ومراكز إيواء مزدحمة؛ إذا ما أصيب فرد واحد من الموجودين بها، سنكون أمام كارثة».
وأضاف سيف النصر، وهو طبيب: «الوباء قد ينتقل عبر أي فرد، والمهم قدرة الدولة على مواجهته؛ الأمر لا يتعلق بالقطاع الصحي، وإنما بالأجهزة الأمنية المنشغلة بالحرب، فهذه مكانها الشارع لضمان تطبيق حظر التجول، كما أن موارد الدولة لا بد أن توجّه لإطعام السكان، في ظل وجود أكثر من 3 ملايين مواطن بالعاصمة».
وتساءل: «ماذا لو انتقل الفيروس إلى المقاتلين أو العائلات التي اقتربت الحرب من منازلهم؟ هذه كارثة أيضاً لعدم تمكن الفرق الطبية حينها من التدخل».
وحذر فرج الحمري، الأستاذ بكلية الطب بجامعة عمر المختار، من «خطورة دخول أي عنصر أجنبي، أو حتى ليبي، إلى البلاد دون فحص»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «دول العالم، ونحن منها، حظرت دخول أي وافد إلى أراضيها، بما في ذلك أبناء البلد ذاته، إلا بعد التأكد من خلوهم من الإصابة بالفيروس»، مستغرباً «دخول أفراد غير ليبين قدموا إلى البلاد بطرق غير رسمية، ومن دون كشف طبي أو إي إجراءات صحية وقائية»، مستطرداً: «بالطبع، هذا أمر بالغ الخطورة، والخطورة تزيد إذا كانوا بالفعل قد قدموا من سوريا أو تركيا».
7:49 دقيقة
مخاوف ليبية صحية من «مرتزقة الحرب»
https://aawsat.com/home/article/2208296/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%C2%AB%D9%85%D8%B1%D8%AA%D8%B2%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%C2%BB
مخاوف ليبية صحية من «مرتزقة الحرب»
تبادل اتهامات بـ«السماح بدخولهم» من دون فحص «كورونا»
مخاوف ليبية صحية من «مرتزقة الحرب»
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة