تراجع أنشطة الأحزاب السياسية في تونس

بعضها علَّق أنشطته وأخرى أبدت دعماً للائتلاف الحاكم

TT

تراجع أنشطة الأحزاب السياسية في تونس

تمكنت حكومة إلياس الفخفاخ من تجاوز ضغوط المعارضة التونسية، ممثلة في المواقف الحادة التي يعبِّر عنها عدد من الأحزاب السياسية، على غرار «الحزب الدستوري الحر» الذي تتزعمه عبير موسى، و«ائتلاف الكرامة» بزعامة سيف الدين مخلوف، و«الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال) الطرف الاجتماعي القوي. وبات الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه «حركة النهضة» بمعية «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» و«حركة تحيا تونس» و«كتلة الإصلاح الوطني»، في مأمن نسبي من الانتقادات السياسية والمناكفات التي طبعت المشهد السياسي التونسي لسنوات متتالية.
وكانت مجموعة من الأحزاب على غرار حزب «قلب تونس» الذي يتزعم أحزاب المعارضة بـ38 مقعداً برلمانياً، قد علَّقت كل أنشطتها السياسية واجتماعات مكاتبها السياسية إلى ما بعد فترة «كورونا»، في حين غابت بقية الأحزاب السياسية عن المشهد العام، ولم تعد لها أنشطة معلنة ولا أخبار اجتماعات ولو كانت افتراضية، بما يوحي كأنها في طريق الاندثار، أو أنها تمر بأزمة وجود خطيرة، على حد تعبير أحد المحللين السياسيين التونسيين، سرحان الشيخاوي.
وفي هذا الشأن، توقَّع ناجي العباسي، المحلل السياسي التونسي، أن تشهد الأحزاب السياسية التونسية -سواء التي في السلطة أو التي انضمت إلى المعارضة- إعادة هيكلة بنيتها الحزبية من جديد؛ خصوصاً التي استثمرت في عجز الأحزاب الحاكمة منذ ثورة 2011 عن الخروج من الأزمات، واستغلت فقر التونسيين بصرفها أموالاً طائلة للفوز بمقاعد في البرلمان التونسي، ثم غابت عن الأنظار، وتغافلت عن دورها في مجالي التوعية والتأطير بهدف تجاوز الأزمة الاستثنائية التي تمر بها تونس وبقية بلدان العالم، على حد تعبيره.
وكان راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي، ورئيس «حركة النهضة» (الحزب الإسلامي المتزعم للائتلاف الحاكم)، قد صرح خلال جلسة برلمانية عقدت الأسبوع الماضي قائلاً: «نحن الآن في حرب مع عدو لا نراه، ولذلك ندعو إلى ضرورة تكاتف كل الجهود، كما أن المرحلة الحالية تتطلب رؤية وشجاعة ووحدة»، معتبراً أن الحرب على الوباء «تعتبر اختباراً للجميع، ولا مجال لصراع الصلاحيات اليوم»، على حد تعبيره.
ومع أن الائتلاف الحاكم قد اتخذ حزمة من الإجراءات الاستثنائية الموجهة للفئات الاجتماعية الأكثر احتياجاً، فإن ذلك لم يخفف من الانتقادات الموجهة إلى مختلف الأحزاب السياسية؛ سواء من في السلطة أو من هو في المعارضة، نتيجة إطلاق الوعود الانتخابية خلال فترة ما قبل الانتخابات، و«الاحتجاب» بالكامل خلال هذه الفترة الاستثنائية، وترك المبادرة للحكومة فقط.
ودعت تدوينات ساخرة في مواقع التواصل الاجتماعي التي يقبل أكثر من 7 ملايين تونسي عليها، إلى «إجراء انتخابات مبكرة تزيح الطبقة السياسية الحالية، وتدفع الأحزاب إلى الاقتراب من التونسيين، وتتقاسم معهم الهموم خلال هذه الفترة الاستثنائية». وانتقدت تلك التدوينات ما سمته «الجانب الانتهازي للأحزاب السياسية التي يقتصر قربها من المواطن على الزمن الانتخابي فحسب».
يذكر أن مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية، من أهمها حزب «قلب تونس» الذي يتزعمه نبيل القروي المترشح السابق للرئاسة، اعتمدت على توزيع المساعدات الاجتماعية، وهو ما يسر لها الوصول إلى البرلمان والفوز بالمرتبة الثانية خلف «حركة النهضة»، غير أنها غابت تماماً عن الشهد السياسي الحالي، ما طرح تساؤلات عدة حول وظائف الأحزاب السياسية خلال الأزمات الاستثنائية.
وكان حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري» الذي يتزعمه لطفي المرايحي، قد تعرض لانتقادات حادة عندما نشر على موقعه الاجتماعي أخباراً حول تقديمه مساعدات غذائية إلى عدد من سكان حي شعبي يقع في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، ما أكد أن أحزاب المعارضة في مأزق، إذ هي مدعوة لدعم الخطوات التي يتخذها الائتلاف الحاكم، وكل نشاط تمارسه قد يقابل بانتقادات تتهمها بـ«التوظيف السياسي».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.