قطيعة مفتعلة ومؤذية عن أعلامنا وأدبائنا ومفكرينا

محمود شريح
محمود شريح
TT

قطيعة مفتعلة ومؤذية عن أعلامنا وأدبائنا ومفكرينا

محمود شريح
محمود شريح

محمود شريح (أكاديمي فلسطيني): شعراؤنا باقون في الذاكرة
أن يرحلَ المبدع ثم ينساه أهل لغته أمرٌ لا غرابة فيه، فهذه مسألة قديمة منذ فجرِ الكتابة والفنّ حيث ازدهر الفكر على ظهر البسيطة شرقاً وغرباً، لكن القمم الشامخة، كتابة وفنّاً وفكراً، باقية في الذاكرة، ما بقي في النفس حنين إلى نقش الهوى على قرطاس المعرفة. ورغمَ هذه الأيام الصعبة في دنيا العرب فمن الإنصاف القول إن الشعر، ديوان العرب، حي يرزق، وإن شعراء الحداثة الراحلين باقون في الذاكرة، فها هو قبّاني في تطويعه مفردة الغرام، ودرويش في أبجديّة الوطن، والسيّاب في عبارة المنفى، وعقل في صبّه القافية إضاءة، دلالة أنهم لم يخرجوا من الفانية. أمّا الأحياء من شعراء العربية، وهم مبدعون كثر، فإنّهم ينعمون في قراءة نصّهم، وإن كان هناك تقصير في رواجهم وفي ازدهار السابقين عليهم، فهذا مردّه غياب توجيه النشء الطالع إلى الاحتكاك بالفكر والكتابة والفن منذ نعومة أظفاره. وإذا كانت على جذورها تنبتُ الشجر، فإن تلقين الأدب في مراحل الدرس الأولى ضمانة لبقاء الذاكرة ودينامية التفاعل مع النصّ، وضرورة لإبقاء شعلة الفكر متوهّجة. وإذا غاب الكاتب ونسيه قومه فاللوم واقع لا محالة على المنهج التربوي في المدارس والجامعات، وهذه يغيب عنها توجيه ملتزم بمادّة الفكر الوهّاج، ولعلّ هناك ملامة على أساتذتها، وتقصيراً من وزارات الثقافة، من مسقط إلى طنجة. إذن ما الملامة على القارئ، فالنسيان وارد، في غياب التوجيه الفَطن إلى منارات الفكر في دنيا العرب، وهي وهّاجة في تراث العرب، قديمة وحديثة.
لكن ما ينسحب على الشعر الصافي ينسحب على السرد الرفيع، فهناك هذه الأيام يقظة لدى نخبة قرّاء واسعة عادت إلى رفّ الرواية عند مؤسّسيها، ذلك أن محفوظ في «ثلاثيته» وكنفاني في «رجاله»، وحبيبي في «وقائعه»، والطيّب صالح في «موسمه»؛ دلالة على أن التراث حي، وإن كان بحاجةٍ اليومَ إلى نفض الغبار عنه، ليس إلّا.

سليمان بختي (كاتب لبناني):
لا خيار لنا سوى الاستثمار الثقافي
هذه مسألة لها علاقة بنظرة الأمة إلى تاريخها، ونفسها، وعلاقتها بذاكرتها. فالذاكرة المنقطعة عن الماضي، هي ضعف في الانتماء إلى الجذور والهوية.
نحن شعوب لها تاريخ، يجب أن نعيد النظر باستمرار في الأسماء ومنجزاتها. فالأسماء الأدبية الكبيرة والأعلام الذين قدموا محاولاتهم وتجاربهم وكانت صادقة، من الضروري أن تعاد قراءتهم. فالربط الدائم بين الحاضر والماضي، وبين الحاضر والمستقبل، هو من الأمور الجوهرية. وهذا لا ينجز بالتمنيات، وإنما بإرادة سياسية واجتماعية وثقافية، للعمل على تراث هو ملك كل طفل وشاب وشيخ في الأمة.
على أي حال، لا خيار آخر أمامنا غير أن نستثمر في تراثنا الثقافي والفكري، لأن كثيراً من الأبواب الأخرى سدت أمامنا. ومن المفيد جداً الاتكاء على هذا التراث العميق وتفعيله، والبحث فيه عما هو جدير بالاستفادة منه لمواجهة المستقبل، والتعاطي مع الحاضر.
فالتراث فيه قوة الـ«نحن» التي نفتقدها بعدما سادت في مجتمعاتنا الفردية. وهو ما نحتاجه لنهضة المجتمع، ودمج التاريخ الشخصي بالتاريخ العام، وتحقيق استقرار الفرد في مجتمع حي متواصل، متعاضد ومتفاعل.
قال زكي ناصيف لعاصي الرحباني عام 1957 وهو يحضر لليالي اللبنانية: «نريد غناء مبنياً على الفولكلور، فما يميزنا عن غيرنا من شعوب العالم ليس سوى فولكلورنا وموسيقانا الشعبية». هذا يُري إلى أي حد هذا التراث هو جزء أساسي من التميز وما يجعلنا مختلفين.
القطيعة عن إعلامنا وأدبائنا ومفكرينا هي قطيعة مفتعلة ومؤذية، جعلت جيلنا يذهب في اتجاه، فيما الجيل الجديد يذهب في اتجاه آخر، مختلف تماماً. وكل منا يبني على صخرة مختلفة.
العمل على عودة الوصل بين الأجيال عبر الفكر والأدب والتراث، يحتاج سياسة تربوية، ندافع بها عن حضورنا في هذا العالم. وهذا يحتاج إلى وعي جديد، ومؤسسات متينة، وبنى تحتية تعمل على التراث وتعيد تظهيره على ضوء المستجدات في العالم ومناهج العلوم الإنسانية الجديدة.
إذ لا بد من وضع التراث تحت مجهر التطورات، لقراءة منجزاتنا السابقة بروح علمية منفتحة. فما نحتاجه في تعاملنا مع ماضينا وأعلامه، نظرة نقدية لا تقديسية عقيمة.
فالنهضة هي كيفية التوفيق بين الأصالة والحداثة، هذا ما تحدث عنه روادنا، وبقيت نقطة الضعف هي في كيفية تحويل الأفكار إلى خطط عملية. فدائماً ما كنا نعجز عن الوصول إلى خطة وطنية وتربوية. ونحن اليوم أمام مفترق، إما القطيعة والاندثار وإما أن نعود إلى وصل ما انقطع. ومن دون هذا الجسر، فإننا نصبح أرقاماً وكائنات استهلاكية، وهذا أخطر ما يواجهنا.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.