السعودية تزيل المسافات وتلملم جهود قادة مجموعة العشرين... بـ«جسر تلفزيوني»

سخرت التكنولوجيا لتوحيد حرب العالم ضد عدو البشر «كورونا» (إ.ب.أ)
سخرت التكنولوجيا لتوحيد حرب العالم ضد عدو البشر «كورونا» (إ.ب.أ)
TT

السعودية تزيل المسافات وتلملم جهود قادة مجموعة العشرين... بـ«جسر تلفزيوني»

سخرت التكنولوجيا لتوحيد حرب العالم ضد عدو البشر «كورونا» (إ.ب.أ)
سخرت التكنولوجيا لتوحيد حرب العالم ضد عدو البشر «كورونا» (إ.ب.أ)

مشهد قادة أقوى 20 دولة وهم يتواصلون مع بعضهم عبر شاشات الكمبيوتر، لبحث سبل مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، هو مشهد سيخلد في التاريخ طويلاً، حيث جاءت القمة الافتراضية الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين لتكون أول قمة عالمية من نوعها تتم افتراضياً عبر جسر تلفزيوني، بعد أن ألغت السعودية حدود التباعد المكاني والزماني، بتسخيرها تكنولوجيا الاتصال المرئي؛ التي تعد الوسيلة الأكثر فاعلية لعمليات الاتصال عن بُعد.
وأبدى خبراء الإعلام والاتصال انبهاراً شديداً بكفاءة استخدام هذه التقنية في إنجاح الاجتماع الافتراضي العاجل، خاصة وأنه جاء بكوادر سعودية وطنية كاملة، أثبتت جاهزيتها للتعاطي السريع مع متطلبات هذا الحدث العالمي، من خلال نجاح عملية التشغيل وحجم البيانات البينية الرابطة بين 35 جهة حول العالم.
ويرى الدكتور محمد الحيزان، وهو أكاديمي سعودي متخصص في الإعلام والاتصال، أن بادرة تنظيم اجتماع قمة العشرين الذي ترأسه السعودية عبر قنوات اتصال الفيديو بشكل طارئ وسريع، ونجاحها في ذلك، جعلها تقدم للعالم أجمع جملة رسائل قيمة، مضيفا «منها تأكيد المكانة الكبيرة التي تستحقها المملكة ضمن دول المجموعة؛ إذ استشعرت أهمية وخطورة السبب الذي دعاها إلى الدعوة له، والعمل على تنفيذه بدقة، ومضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لأول مرة وضعت خطة عمل عميقة تشكل ركائز وبرامج من شأنها أن تقود رؤية واضحة لتجاوز الأزمة».
وعن توظيف التقنية، يتابع الحيزان حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «ربما تكون المرة الأولى في تاريخ القمة؛ فهي أسست لمنهج عمل عملي سريع ليس للقمة، وإنما لأية قمم أو اجتماعات سياسية قادمة، وهذا سيعجل بشكل كبير دخول المجتمع الدولي لمحيط العالم الافتراضي في كافة المجالات، وجميل أنها بادرة تُسجل للمملكة، وهي غير مستغربة من دولة تملك بنية تحتية متقدمة كثمرة من ثمار رؤيتها الطموحة 2030».
وخلف كواليس هذه القمة الاستثنائية الافتراضية المهمة، بدا واضحاً للعيان قوة البنية التحتية التي وفرتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، من خلال مركز المعلومات الوطني، والتي فتحت قنوات اتصال على أعلى مستوى، وأظهرت مقاطع نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فرح موظفي الهيئة السعوديين بنجاح عملية التشغيل، على اعتبار أنهم جزء من هذا الحدث التاريخي.
ومن الجدير بالذكر هنا تحرك السعودية نحو الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على البيانات، حيث تقدر قيمة اقتصاد البيانات والذكاء الاقتصادي في البلاد بحوالي 15 إلى 20 مليار ريال (4 إلى 5.3 مليار دولار)، في حين تتوفر فرصة لتحقيق إيرادات إضافية بما يقارب 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار) من خلال تسخير قوة البيانات لتحقيق أقصى قيمة منها، وضمان استخدامها بطريقة مسؤولة وآمنة.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».