إردوغان يعزل وزير النقل بعد صدام حول «قناة إسطنبول»

لمضيّه في مناقصة ضخمة وسط المعاناة من تداعيات «كورونا»

الرئيس التركي أردوغان - وزير النقل جاهد طورهان
الرئيس التركي أردوغان - وزير النقل جاهد طورهان
TT

إردوغان يعزل وزير النقل بعد صدام حول «قناة إسطنبول»

الرئيس التركي أردوغان - وزير النقل جاهد طورهان
الرئيس التركي أردوغان - وزير النقل جاهد طورهان

أقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بشكل مفاجئ وزير النقل والاتصالات والبنية التحتية جاهد طورهان، وعيّن بدلاً عنه نائبه عادل كارا إسماعيل أوغلو، في الوقت الذي أُعلنت فيه قيود جديدة على حركة النقل الدولي والمحلي بعد زيادة عدد الوفيات والمصابين بفيروس «كورونا المستجد» في تركيا بمعدل كبير.
وجاءت إقالة طورهان التي أُعلنت بمرسوم رئاسي لم يحدد سبب الإقالة، قبل فجر أمس (السبت)، بعد انتقادات من جانب رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وحالة استياء من الشارع التركي بسبب مضيه في عقد مناقصة تخص تنفيذ جسرين ضمن مشروع قناة إسطنبول المثير للجدل، في الوقت الذي اضطرت فيه شركات إلى الإغلاق وتسريح آلاف الموظفين نتيجة تداعيات فيروس «كورونا».
وجلبت الإقالة المفاجئة الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما بعد أن تصاعد الجدل في الفترة الأخيرة بين طورهان وإمام أوغلو بعد طرح مشروع قناة إسطنبول على جدول أعمال الحكومة بعد الانتخابات المحلية التي أُجريت في تركيا نهاية مارس (آذار) 2019.
وأعلنت وزارة النقل عن المناقصة في مطلع مارس الجاري ونفّذتها يوم الخميس الماضي، في الوقت الذي تصاعدت فيه الشكاوى من الأوضاع الاقتصادية وتسريح آلاف العمال والموظفين وشكاوى المتعهدين وشركات المقاولات التي تعمل في المشروعات الكبرى في إسطنبول من عدم الحصول على مستحقاتهم وتضررهم من تداعيات تفشي وباء «كورونا».
ويثير مشروع قناة إسطنبول، أو كما تسمى «القناة المجنونة»، جدلاً حاداً بين رئيس بلدية إسطنبول وأحزاب المعارضة من جانب والحكومة من جانب آخر بسبب جدواه الاقتصادية مقابل تكلفته الضخمة التي تتجاوز 20 مليار دولار، والأضرار التي سيخلّفها على البيئة والزراعة ووفرة المياه في الولاية التي يقطنها 16 مليون شخص، فضلاً عما تكشّف بشأن بيع مساحات كبيرة من الأراضي حول القناة لشخصيات قطرية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن إمام أوغلو انسحاب بلدية إسطنبول الكبرى من بروتوكول مشروع قناة إسطنبول مجدداً ورفضه للمشروع الذي يقدمه الرئيس رجب طيب إردوغان على أنه سيكون مشروعاً رائداً على مستوى العالم.
وقال إمام أوغلو: «إن مشروع قناة إسطنبول لن يكون كمشروع قناة السويس في مصر أو قناة بنما، بل سيكون مشروع جناية أو جريمة»، مشيراً إلى أن تركيا تواجه وضعاً قد يعرّض مستقبلها للخطر.
وأضاف أن «مشروع قناة إسطنبول هو مشروع كارثة يستهدف وجود 16 مليوناً وأمن 82 مليون نسمة، مهما كان وعد المقاولة المربحة، يجب التخلي عنه على الفور»، قائلاً «إن مشروع إسطنبول يعني الحكم بالعطش... نحن نخسر موارد المياه القائمة منذ 8 آلاف و500 عام. وستُخلط بحيرة (تاركوس) بالمياه المالحة، وهناك احتمال أن تفقد البحيرة للأبد صفة أنها مصدر مياه، كما أن قناة إسطنبول تعني إثارة مخاطر الزلازل. وهذا سبب آخر لأن نقول عنه مشروع جناية».
وتابع إمام أوغلو: «اليوم تواجه تركيا أزمة اقتصادية خطيرة. وازدادت حالات الانتحار. هناك أناس يفقدون وعيهم من الجوع. وهناك مئات الآلاف من المنازل لا يوجد بها طعام. جميع المطابخ بها حريق، وكل همّ إردوغان هو لمن سأعطي المقاولة التي في إسطنبول. إن عينيه معميتان لدرجة أنه لا يضع المقالات التي تقول فيها المؤسسات العامة إن هذا خطأ، في ملف تقييم التأثير البيئي... لقد قالوا بأنفسهم إنهم خانوا إسطنبول. فقط حتى لا تُناقش الأزمة الاقتصادية ومشكلات المواطن، يصر على قناة إسطنبول».
وكان رئيس حزب السعادة المعارض تمال كارمولا أوغلو، قد انتقد في وقت سابق مشروع القناة، واصفاً إياه بـ«الاستثمار الخاطئ».
وقال: «ستنشئون المشروع، إذا أتاحت الدولة الإمكانيات لمدة 5 – 10 أعوام قادمة، من الممكن أن تنشئوه لنقطة محددة. لكن اعلموا أن هذا ليس حلاً. ولا يمكن أن يكون حلاً... مشروع قناة إسطنبول هو استثمار خاطئ».
كما هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو، إردوغان مراراً بسبب إصراره على مشروع قناة إسطنبول، قائلاً إنه سيعود بالفائدة على إردوغان فقط وليس على إسطنبول أو تركيا مع أنه سيكبّد خزينة الدولة مليارات الدولارات.
ويدافع إردوغان عن مشروع قناة إسطنبول، التي يخطط لأن تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة في الشطر الأوروبي من إسطنبول، على امتداد 45 كم، بموازاة مضيق البوسفور لتخفيف الضغط عن المضيق، الذي يربط طبيعياً بين البحرين في إسطنبول، ويقول إنه سيكون مشروعاً رائداً على مستوى العالم. وينفي المناهضون لخطط إردوغان أن هذا المشروع سيكون له أثر في القريب العاجل على إسطنبول.
ومن جانبها كشفت وزارة النقل والبنى التحتية التركية، عن دراسات شاملة أجرتها في تخصصات مختلفة بين عامي 2011 و2019، فيما يتعلق بمشروع «قناة إسطنبول»، مشيرة إلى أنها أُجريت في 33 قسماً بمشاركة نحو 200 أكاديمي من جامعات عدة، بينها «بوغازيتشي» و«الشرق الأوسط التقنية»، و«إسطنبول التقنية»، وأن 57 مؤسسة ومنظمة أبدت رأيها بشأن تقييم الأثر البيئي وشاركت في الدراسات المذكورة المتعلقة المشروع، كما أُجريت تجارب معملية ومحاكاة من أجل المشروع في تركيا وفرنسا.
وتهدف الحكومة من خلال المشروع إلى تخفيف حركة السفن عبر البوسفور، وفتح فرص استثمارية جديدة على ضفتي القناة، وتعزيز موقع تركيا في مجال المعابر المائية.
وهاجم إردوغان منتقدي المشروع الذي طرحه منذ نحو 10 سنوات، قائلاً: «أولاً يجب أن نسأل من يوجهون هذه الانتقادات عما قدموه حتى الآن»، مشيراً إلى أن اتفاقية «مونترو» لا تعترف بأي حق لتركيا في المضايق، وأن السفن تعبر منها كما تريد.
واتفاقية «مونترو» تقضي بتنظيم حركة المرور عبر مضايق البحر الأسود للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، ودخلت حيز التنفيذ في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1936.
وقال إردوغان إن حكومته ستنشئ إسطنبول مختلفة كثيراً من خلال مشروع القناة، وأنها ستبني فوقها 5 جسور، «بالنسبة إلينا، فإن هذا المشروع سيزيد من جمال إسطنبول من الناحية البيئية، وسيزيل المخاطر المتعلقة بالبيئة في مضيق البوسفور».
وعبّر إردوغان عن استغرابه من انتقادات بعض الأوساط في تركيا لما تردد عن شراء شخصيات قطرية قطع أراضٍ في تركيا، قائلاً: «سمعت أقاويل عن شراء قطريين لأراضٍ في تركيا، لذا وجب توجيه السؤال للذين يصدحون بتلك الأقاويل: هل أخذوا (أي الجانب القطري) أي دعم من الدولة لشراء هكذا أراضٍ؟ وهل هناك أي مانع قانوني لشرائهم أصولاً ثابتة في تركيا؟».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.