«الجنائية الدولية» لـ«الشرق الأوسط»: التحقيق في جرائم حرب مزعومة في أفغانستان بدأ بشكل سري

تشمل جرائم ارتكبها عناصر «طالبان» و«جماعة حقاني» وعناصر الأمن الأفغاني

صورة من خارج مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (تصوير عبد الله مصطفى )
صورة من خارج مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (تصوير عبد الله مصطفى )
TT

«الجنائية الدولية» لـ«الشرق الأوسط»: التحقيق في جرائم حرب مزعومة في أفغانستان بدأ بشكل سري

صورة من خارج مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (تصوير عبد الله مصطفى )
صورة من خارج مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (تصوير عبد الله مصطفى )

قال المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، إن التحقيق بدأ بالفعل في جرائم الحرب المزعومة في أفغانستان. وأضاف فادي العبد الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، خلال اتصال هاتفي معه، أمس، رداً على سؤال حول المدة التي يمكن أن يستغرقها التحقيق الذي بدأه مكتب الادعاء في المحكمة: «بأن التحقيق قد بدأ بالفعل، ولكن هل التحقيق سيصل إلى قضايا محددة أو أشخاص محددين؟ هذا صعب التنبؤ به، لأن كل تحقيق له ظروفه، والأدلة المتوفرة، كل هذه الأمور تؤثر على مدة التحقيق».
وقال أيضاً إن التحقيقات دائماً ما تكون مشمولة بالسرية، ولا يمكن الإعلان عن أي شيء يتعلق بسير التحقيقات إلا عندما يعلن عنها المدعي العام بنفسه.
وحول ما تردد بشأن السجون الأميركية في دول شرق أوروبا، وعلاقتها بهذا الملف، قال المتحدث إن هذا الموضوع هو جزء من الطلب الذي تقدم به مكتب المدعية العامة في ملف التحقيق بشأن الجرائم المزعومة في أفغانستان.
وحول ضرورة تعاون الإدارة الأميركية مع المحكمة، قال المتحدث إن «الولايات المتحدة الأميركية هي دولة غير منضمة لنظام روما التأسيسي للمحكمة، وليس عليها إلزام للتعاون مع المحكمة، بينما أفغانستان مجبرة على التعاون».
وأشار المتحدث، في تصريحاته، إلى قرار صدر في وقت سابق من الشهر الحالي، عن دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية بالإجماع، وينص على إعطاء الضوء الأخضر للمدعية العامة في المحكمة فاتو بنسودا، بالتحقيق في الجرائم المزعومة الخاضعة للاختصاص القضائي للمحكمة فيما يتعلق بالوضع في أفغانستان. وحسب موقع أخبار الأمم المتحدة على الإنترنت، ستعمل المدعية العامة على التحقيق في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبتها «طالبان» و«شبكة حقاني» الموالية، وجرائم حرب ارتكبت على يد قوات الأمن الوطني الأفغاني، وعلى وجه الخصوص أعضاء في المديرية الوطنية للأمن والشرطة الوطنية الأفغانية.
ومن المتوقع أن تجري المحكمة تحقيقاً في جرائم حرب مزعومة ارتكبت على يد الجيش الأميركي في أفغانستان، وأعضاء في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، في «مرافق الاحتجاز السرية» في أفغانستان، وعلى أراضٍ في دول أخرى أطراف في نظام روما الأساسي، ومن حيث المبدأ تقع هذه الفترة بين 2003 - 2004. وعرفت أماكن الحجز السرية تحقيقات طالت أشخاصاً لهم صلة بملفات تتعلق بالإرهاب والتطرف.
وفي بيان سابق، قال مكتب المدعية العامّة إنه «لا توجد أسباب حقيقية للاعتقاد بأن فتح التحقيق لن يخدم مصلحة العدالة، أخذاً بعين الاعتبار خطورة الجرائم ومصالح الضحايا». وأكدت المدعية العامة أن الهدف الوحيد لمكتبها هو التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المزعومة ومقاضاة مرتكبيها.
من جانب آخر، قال مكتب السيّدة بنسودا، إنه بإمكان القضاء إصدار أوامر للمثول أمام المحكمة، أو إصدار مذكرات توقيف «بصرف النظر عن هوية المرتكب» بسبب جرائم مزعومة ارتكبت فيما يتعلق بالوضع في أفغانستان.
وجاء قرار المحكمة بعد أيام على توقيع اتفاق بين «طالبان» والولايات المتحدة. وأصدر وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، بياناً وصف فيه قرار المحكمة بأنه «إجراء يحبس الأنفاس من قبل مؤسسة سياسية غير مسؤولة تتنكر بهيئة قانونية». وأضاف أن القرار الذي يأتي بعد أيام من توقيع «صفقة السلام التاريخية» بين واشنطن و«طالبان»، قرار «طائش»، على حدّ تعبيره، حسب ما نشر موقع أخبار الأمم المتحدة على الإنترنت.
والمحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الدولية الدائمة في لاهاي، ولها ولاية محاكمة المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. وأنشأ المجتمع الدولي المحكمة الجنائية الدولية، لمحاربة الإفلات من العقاب على هذه الجرائم في أعقاب فظائع الإبادة الجماعية في منتصف التسعينيات في رواندا ويوغوسلافيا السابقة. والمحكمة الجنائية الدولية هي محكمة الملاذ الأخير، وتبدأ تحقيقاتها فقط في حال لم تكن السلطات الوطنية راغبة أو قادرة على إجراء محاكمات وطنية نزيهة لتلك القضايا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».