توقف كرة القدم يمنح المدربين فرصة لابتكار خطط تكتيكية جديدة

نادراً ما يحصل المديرون الفنيون على الوقت الكافي لمراجعة أساليبهم التقليدية

كلوب يرغم غوارديولا أحياناً على تغيير طريقة لعبه المعتمدة على الاستحواذ على الكرة  -  مارتينيز لعب دوراً محورياً في بايرن لمواجهة خطط كلوب
كلوب يرغم غوارديولا أحياناً على تغيير طريقة لعبه المعتمدة على الاستحواذ على الكرة - مارتينيز لعب دوراً محورياً في بايرن لمواجهة خطط كلوب
TT

توقف كرة القدم يمنح المدربين فرصة لابتكار خطط تكتيكية جديدة

كلوب يرغم غوارديولا أحياناً على تغيير طريقة لعبه المعتمدة على الاستحواذ على الكرة  -  مارتينيز لعب دوراً محورياً في بايرن لمواجهة خطط كلوب
كلوب يرغم غوارديولا أحياناً على تغيير طريقة لعبه المعتمدة على الاستحواذ على الكرة - مارتينيز لعب دوراً محورياً في بايرن لمواجهة خطط كلوب

أظهر مارتون بوكوفي شجاعة كبيرة مع زغرب في وقت الحرب، لكن المدير الفني المجري أعاد التفكير في الخطط التكتيكية في كرة القدم؛ لذا يجب على المديرين الفنيين في الوقت الحالي استغلال فترة توقف البطولات للتفكير بشكل بناء.
وعندما سُئل المدير الفني المجري بوكوفي عما فعله في الحرب العالمية الثانية، رد قائلاً «لقد اخترعت مركز المهاجم الوهمي، فماذا فعلت أنت؟» لم يكن هذا كل ما فعله بوكوفي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث وجد المدير الفني المجري - الذي ربما يكون أعظم مدير فني عرفته كرة القدم فيما يتعلق بالخطط التكتيكية - نفسه في زغرب، حيث كان يدرب نادي غراديانسكي، عندما اندلعت الحرب.
وعندما استولت الحركة الثورية الكرواتية (أوستاشه) على السلطة وبدأت في سنّ تشريعات معادية للسامية، أصبح موقف بوكوفي غير آمن؛ نظراً لأن والده كان يهودياً وأمه كاثوليكية. أما بوكوفي نفسه فكان يقول إنه مسيحي، لكن زوجته، أرانكا كلاين، كانت يهودية، كما كانت إحدى شقيقاته على الأقل يهودية.
ولم يستمر بوكوفي في عمله فحسب، لكنه ساعد أيضاً في حماية أحد العمال بالنادي، وهو لاجئ يهودي يدعى ماكس ريسفيلد كان قد فر من النازيين في فيينا، وكان ينقل الطعام له ولعائلته أثناء اختبائهم تحت منصة في الاستاد، حيث ظلوا هناك لمدة أربع سنوات ولم يتم اكتشافهم.
لقد كان بوكوفي رجلاً شجاعاً لا يتخلى أبداً عن مبادئه، لكنه كان في الوقت نفسه يمتلك شخصية صعبة، ونادراً ما يفكر في تغيير عاداته والأشياء التي يؤمن بها. لقد كان يحب السينما وكان يذهب إليها كل يوم بعد انتهاء التدريبات، لكنه كان يكره أن يتم تشتيت انتباهه؛ لذلك كان يذهب أولًا إلى شباك التذاكر ويسأل عما إذا كانت زوجته موجودة داخل السينما، وإذا عرف أنها هناك فإنه يقوم على الفور بالذهاب إلى سينما مختلفة! وقالت ماريكا لانتوس، التي عمل زوجها، ميهالي، فيما بعد مساعداً لبوكوفي في نادي أولمبياكوس «لقد كان رجلاً حاداً ودقيقاً وصارماً.
وكان دائماً ما يسعى لتطبيق النظام والانضباط. لم يكن يهمه أبداً اسم اللاعب الذي يتعامل معه، وكان يخبر أي لاعب بوجهة نظره فيه بشكل صراحة، وربما كان هذا هو السبب في أن الكثيرين لم يكونوا يحبونه. ربما يكون شخصاً سيئ المزاج، لكنه كان يملك قلباً من ذهب.
كان يمكن تشبيهه بالحماة السيئة التي تعلق على كل شيء وتبحث دائماً عن الأخطاء. لم يكن يفهم أنه يتعين عليه التمييز بين الناس، وكان يقول ما يريده من دون أن يضع اعتباراً لأي شيء».
لكنه كان مديراً فنياً عبقرياً. وعندما انتهت الحرب في يوغوسلافيا وسيطر الشيوعيون على مقاليد الأمور، تم حل الأندية التي كانت تلعب في الدوري الفاشي، كما تم تدمير الكثير من السجلات التاريخية لتلك الأندية. وفي نهاية المطاف، تم إعادة إنشاء نادي غرادانسكي، باسم دينامو، وتم إقناع بوكوفي بتولي قيادة الفريق. وقد حصل بوكوفي على فرصة كبيرة لإعادة التفكير في الأمور والخطط الفنية خلال فترة توقف المسابقات الرياضية. وكان بوكوفي قد أشرف بالفعل على تغيير الطريقة التي يلعب بها نادي غرادانسكي من 2 - 3 - 5 إلى 3 - 2 - 2 – 3، لكنه ظل يتساءل عما سيمكن أن يقوم به بعد ذلك. وكان يفكر فيما يمكن أن يحدث لو سحبت قلب الدفاع إلى العمق لدرجة أن يتحول إلى لاعب خط وسط تقريباً، وسحبت أحد الظهيرين إلى العمق حتى يتحول إلى لاعب آخر في خط الوسط، وحولت طريقة اللعب من 3 - 2 - 2 - 3 إلى شيء قريب جداً من طريقة 4 - 2 - 4؟
وفي عام 1946، وبالتحديد في مباراة فريقه أمام لوكوموتيفا التي كانت ستحسم فوز فريقه بلقب الدوري، طبّق بوكوفي هذه الأسئلة النظرية داخل الملعب بشكل عملي. وفاز غراديانسكي، لكن بوكوفي لم يكن سعيداً تماماً، وقال «دراغوتين هريبكو لعب الدور المحدد له بشكل جيد، لكن ليس بشكل مثالي.
كلاعب كرة قدم لم يقدم أبداً أداءً رائعاً، لكنني دائماً ما أتحدث عنه عندما يتم سؤالي عن المهاجم الذي يتراجع للخلف.
يمكن وصفه بأنه فأر التجارب بالنسبة لي، حيث كنت أعتمد عليه في تجربة أي شيء جديد. إنني أتذكر بشكل جيد كيف كان لاعبو لوكوموتيفا عاجزين عن مراقبته والتعامل معه».
وأخذ بوكوفي هذا النظام معه عندما عاد إلى بودابست، وبحلول عام 1952 اعتمدت المجر على هذه الطريقة نفسها وساعدتها على الفوز بالميدالية الذهبية في الأولمبياد، بعد مسيرة بلا أي هزيمة على مدار أربع سنوات – وهي الفترة التي سحق فيها منتخب المجر نظيره الإنجليزي مرتين – قبل أن تنتهي هذه المسيرة المذهلة بالخسارة أمام ألمانيا الغربية في نهائي كأس العالم 1954.
في الحقيقة، نادراً ما يحصل المديرون الفنيون على الوقت الكافي للتفكير، نتيجة خوض عدد كبير من المباريات المتلاحقة في وقت قصير، بالإضافة إلى العمل الروتيني في التدريبات والتعامل اليومي مع اللاعبين.
لكن الآن، وفي ظل توقف المنافسات الرياضية لمدة شهرين على الأقل، أصبح لدى المديرين الفنيين الوقت الكافي. ومع ذلك، يتعين علينا أن نتفق على أن كرة القدم قد وصلت لمستويات متقدمة للغاية الآن، ومن غير المرجح أن تشهد خطوات تطوير هائلة بالشكل الذي أحدثه بوكوفي.
لكن ما الذي يمكن أن يقدمه المديرون الفنيون في هذه الفترة الطويلة التي لا يعانون فيها من ضغط المباريات؟
وأصبحت كرة القدم على مستوى النخبة تسير إلى الأمام وتبحث دائماً عن الحلول. وعندما ينجح فريق في اللعب بطريقة معينة، تبحث الفرق الأخرى عن وسيلة لعرقلته، وخير مثال على ذلك عندما نجح المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا – والمديرون الفنيون الذين يقلدونه – في تطبيق طريقة الاستحواذ على الكرة بشكل هائل، ظهرت طريقة جديدة بقيادة المدير الفني الألماني يورغن كلوب تعتمد على الضغط المتواصل على الفريق المنافس، وهي الطريقة التي أثبتت نجاحاً فعالاً، لدرجة أن غوارديولا نفسه بدأ يغير طريقة لعبه. ويعد هذا شيئاً منطقياً تماماً؛ نظراً لأن أفضل طريقة للتغلب على طريقة الاستحواذ على الكرة هي الضغط المتواصل من أجل تعطيل التمريرات القصيرة واستعادة الكرة.
لكن ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ وما هي الطريقة التي يمكنها التغلب على طريقة الضغط المتواصل التي يعتمد عليها كلوب؟ ربما تتمثل إحدى هذه الطرق في تمرير الكرة بشكل أفضل، وبطريقة لا يمكن التنبؤ بها، كما كان يفعل برشلونة بقيادة غوارديولا في الفترة من 2008 وحتى 2011 عندما كان الفريق في قمة مستواه وكان النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في أفضل حالاته فيما يتعلق بالمراوغات.
لكن هذا الفريق لم يعد موجوداً الآن، وربما بات من المستحيل تكراره مرة أخرى، فما هي الطريقة التي يمكنها التغلب على طريقة الضغط المتواصل على حامل الكرة؟
وكانت الطرق الواضحة، التي اعتمد عليها غوارديولا لفترة وجيزة أمام بوروسيا دورتموند بقيادة كلوب عندما كان المدير الفني الإسباني يتولى تدريب بايرن ميونيخ في إحدى مباريات الكأس بألمانيا، تتمثل في التغلب على طريقة الضغط المتواصل على حامل الكرة من خلال اتباع الأسلوب نفسه والضغط على الفريق المنافس، حيث استخدم غوارديولا خافي مارتينيز مهاجماً صريحاً من أجل الضغط على نادي بوروسيا دورتموند من الأمام. وقد تسبب هذا الأمر في إزعاج كبير لقلبي دفاع بوروسيا دورتموند، خاصة أن غوارديولا كان يضغط عليهما باثنين من المهاجمين وليس مهاجماً واحداً، وهو الأمر الذي كان يؤدي إلى أخطاء كبيرة من قبل المدافعين فيما يتعلق بالتمركز الصحيح داخل الملعب.
لكن في هذه الفترة التي تتوقف فيها المباريات بسبب تفشي فيروس كورونا، ربما يتعين على المديرين الفنيين أن يسألوا أنفسهم: ماذا كان سيفعل مارتون بوكوفي لو كان موجوداً الآن؟


مقالات ذات صلة

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

خاص حماد البلوي (الشرق الأوسط)

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

أكد حماد البلوي رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 أن شعوره بالفوز رسمياً بالاستضافة هو شعور أي سعودي يعيش هذا اليوم بكل فخر واعتزاز.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة سعودية ياسر المسحل خلال حضوره اجتماع كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (أ.ف.ب)

السعودية تستعرض رؤيتها الطموحة لاستضافة كأس العالم 2034 في كونغرس الفيفا

في كلمة ألقاها رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، ياسر المسحل، خلال عرض الملف الرسمي لاستضافة المملكة لكأس العالم 2034 في كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

هيثم الزاحم (الرياض)
رياضة سعودية الفيصل والمسحل خلال «كونغرس فيفا» (أ.ف.ب)

ياسر المسحل: ولي العهد أشرف على ملف السعودية لمونديال 2034 بنفسه

قال ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشرف على ملف المملكة العربية السعودية لاستضافة مونديال 2034 بنفسه.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة عالمية سونز قال إن كرة القدم لا تنتمي فقط إلى الغرب (رويترز)

خبير ألماني: السعودية دولة مهمة في كرة القدم

دافع سيباستيان سونز، الخبير الألماني المتخصص في شؤون الإسلام والسياسة، عن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الأربعاء بمنح السعودية حق استضافة مونديال 2034.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة سعودية الأمير عبد العزيز بن تركي يحتفل لحظة الإعلان رسمياً عن استضافة السعودية كأس العالم 2034 (وزارة الرياضة)

وزير الرياضة السعودي: نسخة «كأس العالم 2034» ستكون استثنائية

أكد الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، الأربعاء، أن نسخة «كأس العالم 2034» التي ستستضيفها السعودية ستكون استثنائية.

سلطان الصبحي (الرياض)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.