نتنياهو وغانتس في مفاوضات مكثفة لتشكيل حكومة طوارئ لـ 3 سنوات

صورة للغريمين نتنياهو وغانتس أثناء الحملة الانتخابية الثالثة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
صورة للغريمين نتنياهو وغانتس أثناء الحملة الانتخابية الثالثة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو وغانتس في مفاوضات مكثفة لتشكيل حكومة طوارئ لـ 3 سنوات

صورة للغريمين نتنياهو وغانتس أثناء الحملة الانتخابية الثالثة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
صورة للغريمين نتنياهو وغانتس أثناء الحملة الانتخابية الثالثة الشهر الماضي (أ.ف.ب)

قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب الجنرالات «حوسن ليسرائيل»، بيني غاتس، الدخول في مفاوضات مكثفة لإزالة آخر العقبات التي تعترض طريقهما لتشكيل حكومة طوارئ بينهما لمواجهة خطر الانتشار السريع لفيروس «كوبيد - 19» (كورونا)، وذلك في ظل تتصاعد الانتقادات لهما داخل معسكر كل منهما.
وقالت مصادر مقربة من الطرفين إن الاتفاق بين نتنياهو وغانتس بات مكتملاً بنسبة 90 في المائة، لكن هناك عددا من القضايا ما زالت عالقة بين الطرفين، تتركز أساساً في مخاوف لدى غانتس تجاه قضية محاكمة نتنياهو بتهم الفساد. فهو يخشى من مطبات يمكن أن يضعها نتنياهو لإجهاض محاكمته. ويطالب بالتوقيع على وثيقة يتعهد فيها بإتاحة استمرار إجراءات المحاكمة بشكل رتيب ومن دون أي تدخل منه أو استغلال موقعه بصفته رئيسا للحكومة. ومع أنهما اتفقا على تسليم وزارة القضاء لحزب غانتس فإن وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن الشرطة بقيت في يد كتلة اليمين. ويطالب نتنياهو بإجراءات تضمن ألا يتم تمرير قانون يمنعه من تشكيل حكومة في المستقبل، بسبب لائحة الاتهام، فيما يطلب غانتس ألا يتم تمرير قانون يتيح لنتنياهو تجميد أو تأجيل محاكمته. كما أن هناك نقاشا بين الطرفين حول كيفية التصرف مع صفقة القرن.
ويتضح من معلومات تسربت للصحافة، أمس الجمعة، أن الاتفاق بين الطرفين ينص على تشكيل حكومة لمدة 3 سنوات، تهتم في الأشهر الستة الأولى بمكافحة كورونا، ويتناوب فيها نتنياهو وغانتس على رئاسة الحكومة مناصفة، يبدأها نتنياهو رئيسا فيكون عندها غانتس قائما بأعمال رئيس الحكومة ووزيرا للخارجية. وتضم الحكومة 30 وزيرا، نصفهم من كتل اليمين ونصفهم الآخر من «حوسن ليسرائيل» ومن يأتي معه من أحزاب الوسط واليسار، ويكون وزير الدفاع طوال السنوات الثلاث جابي أشكنازي، الرجل الثاني في حزب غانتس. وبعد سنة ونصف السنة يكون رئيس الحكومة رجلا من قيادة الليكود قائما بأعماله ووزيرا للخارجية.
وقد أثار هذا الاتفاق اعتراضات واسعة وتذمرا بين صفوف المعسكرين. ففي اليمين انتقدوا نتنياهو على أنه دفع ثمنا باهظا لغانتس عندما منحه نصف الوزارات. فكيف تعطي 15 وزيرا لكتلة من 15 نائبا، بينما كتل اليمين مؤلفة من 58 نائبا ولها أيضا 15 وزيرا. ومن هم الوزراء الذين يضحي بهم نتنياهو الآن ليصبحوا خارج الحكومة. وهل فرط نتنياهو من الآن في حزب المستوطنين «يمينا»، الذي يضم وزير الدفاع، نفتالي بنيت، ووزيرة القضاء السابقة، أييلت شكيد. وقد اتصل بنيت بنتنياهو أمس، مستوضحا، لكنه لم يحصل على إجابة شافية. وقال مصدر في حزب الليكود إن نتنياهو لم يقرر بعد ما إذا سيكون «يمينا» جزءا من الحكومة.
أما في معسكر الوسط واليسار والعرب فقد اعتبروا تصرف غانتس «خيانة لهم ولمليون ناخب صوتوا له» وقالوا إنه «جنرال يزحف على البطن» وذكروا أنه كان قد شبه نتنياهو فقط قبل أسبوع بأنه إردوغان (الرئيس التركي) فقالوا له «أنت الآن نائب إردوغان». وأكدوا له أن نتنياهو سيخدعه كما خدع آخرين من قبله ولن يفي بوعده ويتيح له التناوب على رئاسة الحكومة وربما سيجره إلى معركة انتخابات إضافية تقضي عليه سياسيا.
وقال حتى عضو الكنيست من حزب غانتس المقرب منه شخصيا، ألون شوستير، للإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، أمس الجمعة: «أنا آمل بأن ينفذ رئيس الحكومة تعهده بشأن التناوب، لكني لست متأكدا من أن هذا ما سيحدث». لكن مقربا آخر من غانتس قال إنه تلقى وعدا من رئيس حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، أريه درعي، بأنه بشكل شخصي يتعهد له بأن اتفاق التناوب سيُنفذ.
وفي الوقت الذي رحب فيه الكتاب والإعلاميون والخبراء من اليمين بخطوة غانتس وقالوا إنها تدل على أنه «جنرال حقيقي ذو عمود فقري ومبادئ»، كما كتب أرئيل سيجال، و«رجل مستقل فضل مصالح الدولة على مصالحه الحزبية والشخصية»، كما كتب يعقوب ليبسكين، فإن كتاب التيار الوسطي واليسار اعتبروا غانتس «صبيا في السياسة وقع بحبائل نتنياهو».
وكتب ناحوم بارنياع، في «يديعوت أحرونوت» قائلاً إن «غانتس دخل إلى الحياة السياسية كي يكون الشخص الثاني تحت نتنياهو. إنه ليس خائنا، وهو ليس بطلا أيضا. إنه ينتمي إلى جيل الجنرالات الذين لم يحققوا انتصارا في حياتهم العسكرية، وإنما التعادل فقط. وخرجت كاحول لافان جريحة من جولة الانتخابات الثالثة. وتعين على غانتس أن يدرك أن جولة رابعة ستقلص كتلته أكثر. ولم يكن بإمكانه تشكيل حكومة أقلية، وحتى لو كان سينجح بجلب الأصوات المطلوبة من كتلته، كانت هذه الحكومة ستسقط فريسة لأزمة كورونا وآلة نتنياهو الدعائية. ولم يرغب بالجلوس في المعارضة، فهو ليس مبنيا للمعارضة».
وأكدت محررة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت»، موران أزولاي، أن استطلاعات رأي بحوزة غانتس، هي التي حسمت أمر إقدامه على خطوته، إذ إن نتائجها أشارت إلى أن كتلة اليمين ستحصل على 61 مقعدا في الكنيست لو جرت انتخابات الآن. وكتب المحلل السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، أن «بيني غانتس اقتنع بأن مصلحة الدولة تستوجب الآن النزول عن الأشجار والصعود إلى مسار آخر.
لكن هذه ليست الصهيونية فقط. لقد أدرك أيضا أنه مهم بالنسبة له أن يكون رئيس حكومة أكثر من الحفاظ على كحول لفان والحلف مع يائير لبيد». لكن بن كسبيت شكك في إمكانية أن يتولى غانتس رئاسة الحكومة، في سبتمبر (أيلول)2021.
وقال: «الإحصائيات تدل على أن مصير حلف نتنياهو - غانتس الجديد لن يكون مختلفا عن تحالفات نتنياهو السابقة. وانتهى ذلك دائما بالطريقة نفسها: خيانة في اللحظة الأخيرة من جانب نتنياهو وإلقاء الجثة السياسية لمن تمت خيانته في البحر، كطعام للأسماك». وحسب كسبيت فإن «غانتس اقتنع بأن نتنياهو جدي هذه المرة. وقد تحدث كثيرا مع نتنياهو في الفترة الأخيرة. ومبعوثون سريون أجروا زيارات مكوكية للاثنين. وكانت الرسالة واضحة: نتنياهو يريد خروجا محترما (من الحلبة السياسية). دعه يتغلب على كورونا، واستكمال مسائل صفقة القرن وسينهي دوره. دعوه يرحل باحترام».
وأما رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، ألوف بِن، فقد كتب أن تشكيل حكومة جديدة تضم غانتس وحزبه، ستنقذ نتنياهو من المحاكمة. وقال: «إلغاء المحكمة ستكون المهمة الأولى لحكومة الوحدة، أو الطوارئ. وبحلول الخريف المقبل سيعاد طرح ضم الضفة الغربية. وإذا واجه دونالد ترمب صعوبات في حملة إعادة انتخابه، فسيتشجع لدفع خطوات ضم إسرائيلية من أجل تجنيد مؤيديه الإنجيليين لمساعدته مقابل جو بايدن. وسيستخدم وباء كورونا لتبرير الضم، بادعاء أن إسرائيل بحاجة إلى ضمان سيطرتها على الحدود الخارجية والداخلية من أجل منع الأمراض. فإذا صمد غانتس وبقي في الحكومة فإنه سيتعرض للإهانة. حتى في منصبه وزيرا للخارجية، سيجد نتنياهو يزاحمه ويسلبه ساحات مهمة، من واشنطن إلى موسكو».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.