الجيش التركي يواصل دورياته المنفردة على طريق حلب ـ اللاذقية

عودة ضخ المياه من محطة علوك شرق الفرات بعد تحذير أممي

TT

الجيش التركي يواصل دورياته المنفردة على طريق حلب ـ اللاذقية

سيرت القوات التركية أمس (الجمعة) دورية عسكرية جديدة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4). بينما استأنفت أنقرة ضخ المياه من محطة علوك إلى بعض مناطق سيطرة القوات الكردية في الحسكة ومناطق أخرى. وفي الوقت ذاته وقعت اشتباكات في منطقة شرق الفرات بين فصائل من المعارضة المسلحة الموالية لتركيا.
وانطلقت الدورية العسكرية التركية، التي تعد الثامنة منذ 15 مارس (آذار) الجاري تطبيقا لاتفاق موسكو لوقف إطلاق النار في إدلب الموقع في الخامس من الشهر ذاته بين تركيا وروسيا، من سراقب وسارت حتى قرية مصيبين.
في الوقت ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجمع مئات الأهالي للتظاهر والاعتصام بالقرب من مدينة أريحا على طريق «إم 4» ضد تسيير القوات التركية والروسية لدوريات مشتركة على الطريق لرفضهم الاتفاقات التركية الروسية. وكان مسلحون مجهولون فجروا جسر الكفير الواقع على الطريق ذاته غرب مدينة جسر الشغور، وقامت القوات التركية أول من أمس باستحداث نقطة مراقبة عسكرية في الموقع. ومنذ أيام أعاد الأهالي بدعم من فصائل رافضة للاتفاقات والتفاهمات التركية الروسية إقامة السواتر الترابية على طريق «إم 4» عند بلدة النيرب شرق إدلب، بعد أن كانت القوات التركية أزالتها تمهيداً لتسيير دوريات مشتركة مع القوات الروسية، بعد أن تركت موسكو مهمة تأمين الطريق وإزالة المعوقات أمام تسيير الدوريات للجانب التركي. وسيرت تركيا وروسيا 3 دوريات مشتركة على مسافات مختصرة من طريق «إم 4» منذ 15 مارس، آخرها أول من أمس، بسبب احتجاجات الأهالي. على صعيد آخر، وقعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، على خلفية أعمال تحرش بالنساء من جانب بعض العناصر. وقال المرصد إن الاشتباكات وقعت أمس بين أبناء دير الزور المنضمين إلى فصيل «أحرار الشرقية» وعناصر من قرية حمام التركمان، بعد تحرشات متكررة بنساء القرية من قبل عناصر «أحرار الشرقية»، حيث أصيب 3 عناصر من الفصائل خلال الاشتباكات. في الوقت ذاته، استأنفت القوات التركية أمس ضخ مياه الشرب من محطة «علوك» في ريف رأس العين، بعد 5 أيام من توقفها، وذلك بعد تحذيرات أممية من كارثة بسبب تفشي فيروس «كورونا المستجد».
كانت القوات التركية المتمركزة في محطة «علوك»، قطعت المياه المغذية لمدينة الحسكة ومناطق بريفها، بعد أيام من عودتها، حيث سبق وأن قطعتها في 6 مارس (آذار) الجاري، لمدة 12 يوما.
وجاءت عودة المياه بعد قبول الإدارة الذاتية الكردية تزويد محطة المبروكة بكمية أكبر من الكهرباء التي تغذي بدورها منطقي تل أبيض شمال الرقة ورأس العين شمال الحسكة حيث توجد القوات التركية فيما يعرف بمنطقة عملية «نبع السلام».
وبحسب مديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فإنهم قاموا بتحليل المياه قبل ضخها إلى منازل المدنيين، وأظهرت التحاليل خلو المياه من أي شوائب أو فيروسات.
ووصلت المياه إلى الأحياء الجنوبية من مدينة الحسكة (تل حجر، الناصرة، الكلاسة، مشيرفة) وحي غويران، ليتم تغذية بقية الأحياء اليوم (السبت) بعد امتلاء الخزانات. وكانت ممثلة اليونيسف في سوريا، فران إكويزا، حذرت في وقت سابق من الخطر الناجم عن إيقاف ضخ المياه من محطة علوك بقولها «إن تعطيل محطة المياه في خضم الجهود الحالية لاحتواء انتشار فيروس كورونا يضع الأطفال وأسرهم في خطر غير مقبول».
وتطالب تركيا، الإدارة الذاتية بتغذية رأس العين، التي تسيطر عليها مع فصائل المعارضة المسلحة الموالية لها بـ30 ميغاواط من الكهرباء، مقابل إعادة ضخ المياه من محطة علوك بشكل دائم، وهي الكمية التي تصفها الإدارة الذاتية بـ«الكبيرة»، بحسب وصف الرئيسة المشاركة لمديرية المياه، سوزدار أحمد. كانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية وجهت رسالتي احتجاج إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي بخصوص قطع تركيا ضخ مياه الشرب من محطة علوك والآبار المغذية لها بشكل متعمد وممنهج، ما أدى إلى حرمان ما يزيد على 600 ألف مواطن سوري معظمهم من الأطفال والنساء من مياه الشرب.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.