كررت الحكومة اليمنية الشرعية، مطالبتها للأمم المتحدة بنقل مقر بعثتها الخاصة بدعم اتفاق الحديدة ومركز العمليات المشتركة إلى المناطق المحرّرة، لضمان حيادية وفعالية أداء اللجنة.
جاء ذلك عقب احتجاز ميليشيات الحوثي الانقلابية، أول من أمس (الثلاثاء)، سفينة البعثة الأممية المشرفة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتي ترسو في ميناء الحديدة، ومنعها من المغادرة للمرة الثانية.
ووصف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، هذا العمل بـ«التطور الخطير»، الذي جاء بعد أيام من اعتداء الميليشيات الحوثية على ضابط الارتباط العقيد الصليحي، على يد قناص حوثي في شارع صنعاء، بمدينة الحديدة.
وقال الإرياني في سلسلة تغريدات على صفحته بموقع «تويتر»، أمس (الأربعاء)، إن ذلك «يؤكد من جديد عجز الأمم المتحدة عن تأمين مقراتها وضمان سلامة العاملين فيها، وضرورة إعادة النظر في آلية عمل بعثتها لدعم اتفاق الحديدة التي صارت رهينة بيد الميليشيا الحوثية».
من جهته، أكد المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية فرضت، لليوم الثاني على التوالي، حصاراً محكماً على طاقم السفينة الأممية وضباط الارتباط الحكوميين الموجودين على متن السفينة.
وقال الدبيش: «الميليشيات لا تزال تفرض حراسة مشددة على السفينة الأممية من داخلها وخارجها، كما أن فريقنا الحكومي لا يزال بحكم المختطف لدى الجماعة دون أن تحرك الأمم المتحدة أي ساكن ولا مبعوثها الأممي».
واتهم المتحدث الدبيش البعثة الأممية بـ«التواطؤ» مع الجماعة الحوثية، وقال إن مَن يتحكم بقرارات البعثة في المقام الأول هم قيادة الجماعة في الحديدة، وتحديداً مشرف الميليشيات على محافظة الحديدة المدعو أحمد البشري، ورئيس فريق الجماعة في لجنة تنسيق إعادة الانتشار الموشكي، ورئيس فريق ضباط الارتباط الحوثيين الأقدم المدعو أحمد جابر.
وكانت مصادر يمنية أكدت، أول من أمس (الثلاثاء)، أن الميليشيات الحوثية منعت السفينة الأممية الراسية في ميناء الحديدة من الإبحار إلى ميناء المخا جنوباً لنقل ضباط الارتباط الحكوميين الذين كانت الشرعية أعلنت تعليق عملهم في البعثة المشتركة على خلفية الخروق الحوثية.
وأفاد المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي العقيد وضاح الدبيش لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الميليشيات الحوثية رفعوا الأسلحة على طاقم السفينة لمنعها من التحرك، عندما حاول القبطان رفع المرساة للإبحار باتجاه ميناء المخا.
وذكر العقيد الدبيش أن الميليشيات الحوثية دفعت بنحو 30 مسلحاً من عناصرها لاقتحام السفينة الأممية ومحاصرة طاقمها وأعضاء البعثة الأممية ومنعهم من الذهاب إلى غرفهم أو مكاتبهم، وفق ما أكده لـ«الشرق الأوسط».
وأوضح المتحدث العسكري أن البعثة الأممية امتنعت عن تلقي أي رسائل أو اتصالات من رئيس الفريق الحكومي المشارك في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، في وقت كان تم فيه الاتفاق مع البعثة على نقل ضباط الارتباط الحكوميين إلى ميناء المخا، يوم أمس (الثلاثاء).
وكان من المقرَّر أن تبحر السفينة في الساعة السادسة من صباح الثلاثاء إلى ميناء المخا، لإيصال الضباط التابعين للفريق الحكومي العاملين في مركز العمليات المشتركة على متن السفينة.
واستأجرت الأمم المتحدة السفينة لعقد اللقاءات المشتركة وتشغيلها كمركز عمليات لضباط الرقابة المشتركة، التي يُفترض أنها مكان محايد لا يخضع لسيطرة أي طرف من الأطراف قبالة الحديدة.
ويطالب الفريق الحكومي بعثة الأمم المتحدة بإعادة الضباط، منذ علَّق عمله مع البعثة في 11 مارس (آذار) الحالي، بعد أن استهدفت ميليشيات الحوثي ضابط الرقابة العقيد محمد الصليحي التابع للفريق الحكومي بعيار ناري من قناص الميليشيات، ما تسبب بإصابته ونقله إلى العناية الطبية المشددة.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن رئيس الفريق الحكومي اللواء الركن محمد عيظة أنه «حمل بعثة الأمم المتحدة أمن وسلامة الضباط التابعين للفريق الحكومي مطالباً البعثة باتخاذ الإجراءات الصحيحة لضمان حيادية وحرية من على السفينة جميعاً».
وكان إنشاء نقاط المراقبة الخمس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هو التقدم اليتيم لاتفاقية استوكهولم في شأن الحديدة، رغم توقيعه في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
ويتهم سياسيون يمنيون رئيس البعثة الأممية في الحديدة رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهندي أبهيجيت غوها بـ«محاباة» الحوثيين، و«غض الطرف» عن زوارقهم المفخخة وألغامهم البحرية المهدِّدة للملاحة في البحر الأحمر.
وتقول الحكومة اليمنية إنها لن تسمح للميليشيات الحوثية «باستغلال اتفاق السويد لتحويل موانئ الحديدة إلى معامل ومخازن للقوارب المفخخة والألغام البحرية ومنطلق للتخطيط وتنفيذ عمليات الجماعة الإرهابية التي تهدد خطوط الملاحة الدولية تنفيذاً للسياسات الإيرانية في استهداف وتقويض أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم».
وكانت لجنة إعادة الانتشار المشتركة برئاسة الأمم المتحدة في الحديدة استطاعت أن تجمع الطرفين خلال ست جولات من اللقاءات، من أجل تنفيذ الاتفاق، غير أنها لم تقطع أي شوط يُعتدّ به، باستثناء الهدنة الهشة التي رافقتها آلاف الخروقات منذ سريانها في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وصادق مجلس الأمن الدولي في سبتمبر (أيلول) الماضي على تعيين الجنرال الهندي في المنصب بعد انتهاء فترة الدنماركي مايكل لوليسغارد، أملاً في أن ينجح الأول في استكمال تنفيذ الاتفاق، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإنجاز المرحلة الثانية من إعادة الانتشار، وصولاً إلى تحقيق اختراق في الملفات الأكثر تعقيداً، وهي الأمن والموارد والسلطة المحلية.
ورغم مزاعم الميليشيات الحوثية أنها أنهت أكثر من 90 في المائة من التزاماتها المتعلقة باتفاق الحديدة، فيما يخص إعادة الانتشار في المرحلة الأولى، فإن الحكومة الشرعية تؤكد أن انسحاب الجماعة من موانئ الحديدة الثلاثة المعلن عنه كان صورياً فقط، نظراً لأن الجماعة قامت بتسليم الموانئ لعناصرها أنفسهم بعد أن ألبستهم زي قوات خفر السواحل.
وتمثل ملفات السلطة المحلية وقوات الأمن المحلية وموارد الموانئ أهم أبرز ثلاث نقاط حالت حتى الآن دون تحقيق أي تقدُّم ملموس لتنفيذ اتفاق الحديدة المتعثر منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
اليمن يجدد دعوته لنقل مقر «بعثة الحديدة» إلى المناطق المحررة
اليمن يجدد دعوته لنقل مقر «بعثة الحديدة» إلى المناطق المحررة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة