رحيل مفاجئ لوزير الدفاع السوداني... وتعليق المفاوضات مع المسلحين

مجلسا السيادة والوزراء ينعيانه... وجنازة رمزية تماشياً مع إجراءات {كورونا}

جثمان وزير الدفاع السوداني بعد عودته إلى الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
جثمان وزير الدفاع السوداني بعد عودته إلى الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
TT

رحيل مفاجئ لوزير الدفاع السوداني... وتعليق المفاوضات مع المسلحين

جثمان وزير الدفاع السوداني بعد عودته إلى الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
جثمان وزير الدفاع السوداني بعد عودته إلى الخرطوم أمس (إ.ب.أ)

ووري الثرى بالخرطوم وزير الدفاع السوداني الفريق أول ركن جمال عمر محمد إبراهيم، الذي توفي بصورة مفاجئة فجر أمس الأربعاء بعاصمة دولة جنوب السودان، وهو يشارك في المفاوضات، مع الحركات المسلحة بشأن الترتيبات الأمنية وإعادة دمج وتسريح قواتها بعيد توقيع اتفاقية سلام، ونتج عن وفاته تعليق التفاوض لمدة أسبوع.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد عامر محمد الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس مجلس السيادة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، وجه بالاكتفاء بمراسم التشييع العسكرية التي أجريت في مطار الخرطوم، وترك أمر دفن الجنازة لذوي الراحل، وذلك انسجاماً مع الحملة التي تنظمها السلطات الصحية ضد جائحة كورونا والتي قضت بمنع التجمعات.
ووفقا لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من جوبا، فإن الوزير المتوفى، ويبلغ من العمر 60 عاماً، أحس ببعض الإعياء عقب تناول وجبة العشاء ليل الثلاثاء - الأربعاء في مقر إقامة الوفود بفندق «بيرميد»، صعد بعده إلى غرفته، وطلب من مرافقيه أدوية من الصيدليات المجاورة، وحين عادوا كان قد دخل في إغماءة، وسريعا نقلوه للمستشفى بيد أنه فارق الحياة قبل وصول المستشفى، ويرجح أن يكون الوزير قد توفي بنوبة قلبية مفاجئة.
ونعاه رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقادة الحركات المسلحة التي كان يتفاوض معها، وقوى إعلان الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي وعدد آخر من المنظمات والأحزاب.
وقال بيان صادر عن مجلس السيادة، إن الراحل «شهيد» اختاره الله لجواره، و«هو يدافع ويكافح من أجل استقرار السودان وسلامه وعزته»، وتابع: «ظل الفقيد طوال فترة حياته العملية مثالا للبذل والعطاء والتفاني من أجل الوطن وعزته ورفعته».
وقال حمدوك إنّ البلاد فقدت أحد أبنائها الأوفياء المخلصين، وإنه تميز بالحكمة والصبر، ولعب دورا مهما في الحكومة الانتقالية وعملية السلام.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد عامر محمد الحسن في تصريحات، إن البلاد فقدت رمزاً عسكرياً نابغاً برحيل الفريق أول جمال عمر، الذي كان يعول عليه في الوصول لسلام مستدام بإنجاز ملف الترتيبات الأمنية الذي كان ممسكا به، وهو يعد أحد أهم ملفات التفاوض.
وأقيمت مراسم استقبال عسكرية وطابور شرف للجثمان بالمطار الحربي بالخرطوم، لدى وصوله من جوبا، قبل تشييعه إلى مقابر الفاروق بالخرطوم، وكانت حكومة جنوب السودان قد نظمت تشييعا رسميا لجثمان الراحل شاركت فيه وفود التفاوض والبعثات الدبلوماسية وعدد من ممثلي الحكومة، وعلى رأسهم مستشار الرئيس توت قلواك، وأعلنت وساطة جنوب السودان في مباحثات السلام الجارية في جوبا، تعليق المفاوضات لمدة أسبوع.
كما نعت الجبهة الثورية، وهي أحد التحالفات المسلحة، الراحل الذي كان يتفاوض معها على الترتيبات الأمنية، ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي، الذي جاء في بيان نعيه، أنه توفي بأزمة قلبية وهو «في خط دفاع وطني، يناضل من أجل السلام، تقبله الله شهيداً في سبيل الوطن الذي يفتقده في وقت هو بحاجة لعطائه وخبرته».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.