طلاب لبنانيون في إيطاليا: جوع وإفلاس وعزلة

السفارة في فرنسا خصصت خطين ساخنين لتقديم المساعدة مادياً ومعنوياً

TT

طلاب لبنانيون في إيطاليا: جوع وإفلاس وعزلة

تضج وسائل التواصل الاجتماعي بنداءات لحوالي 80 طالباً لبنانياً في إيطاليا يعانون بسبب تفشي فيروس «كورونا»، ويقبعون «تحت وطأة الجوع والإفلاس والعزلة وخطر التقاط العدوى والموت»، ما حوَّل أوضاعهم المتأزمة إلى بندٍ من بنود بيان مجلس الوزراء أول من أمس (الثلاثاء)، فعرض وزير الخارجية ناصيف حتي لشؤون الطلاب في الخارج سبل تقديم المساعدات العينية والمادية لهم، على أن يتقدم بخطة مساعدة اجتماعية لهم بناءً لطلب رئيس الحكومة حسان دياب.
الطالب اللبناني جاد رضا الذي يقيم في مدينة فيرارا في مقاطعة إميليا رومانيا - شمال إيطاليا ويدرس هندسة الميكانيك، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع صعبة بشكل عام. والطلاب اللبنانيون في إيطاليا يعانون من الوضع المالي. بعضهم ممن يعملون بالإضافة إلى الدراسة، ليتمكنوا من تأمين الأساسيات وتسديد تكاليف الدراسة، وفقدوا أعمالهم حالياً بسبب الحجر الإلزامي. والبعض الآخر انقطع عنه التحويلات المالية من أهله في لبنان، مع أزمة المصارف ومن ثم (الكورونا)، والإقفال الذي رافقها. ويواجهون المجهول ويعجزون عن دفع إيجار منازلهم. ونسبة كبيرة منهم لم تجد بداً من الاستدانة، حتى تتغير الأحوال. إلا أن المحظوظين هم الذين يعمل أهلهم خارج لبنان ويحولون لهم ما يلزمهم من أموال».
ويضيف رضا أن «المفروض أن تتدخل السفارة اللبنانية لتأمين الوسائل الكفيلة بتسهيل وصول التحويلات إلى الطلاب، في حين يقتصر نشاط السفارة على الاطمئنان على صحة الطلاب وعدم إصابتهم بالفيروس ونصحهم بالتزام بيوتهم. ويحاول بعض الطلاب تشكيل لجنة تتولى مساعدة من يحتاج منهم إلى المال من خلال تبرعات».
ويأمل رضا أن تنحسر الأزمة بعد انقضاء فترة الحجر. كما يشير إلى أن «الطلاب قلقون بشأن استمرار الإفقال بعد حلول الشهر المقبل، ما يضعهم في مأزق فعلي. وتحديداً بعد فشل محاولة بعضهم العودة إلى لبنان لعجز الدولة الإيطالية عن إجراء الفحص المخبري لهم للتأكد من سلامتهم ورفض الدولة اللبنانية استقبالهم من دون إجراء الفحص».
وشهدت السنوات الماضية ازدياداً في عدد اللبنانيين الذين ينتشرون في العالم لمتابعة تحصيلهم الجامعي. وأهم أسباب هذا «الزحف» يعود إلى أن تكاليف التعليم الجامعي في الخارج كانت أقل منها في الجامعات اللبنانية «العريقة»، عندما كان سعر صرف الدولار لا يتجاوز 1500 ليرة لبنانية. وتستقطب فرنسا العدد الأكبر من هؤلاء الطلاب. ويقول السفير اللبناني في باريس رامي عدوان لـ«الشرق الأوسط» إن «السفارة أوجدت قسماً يهتم بشؤون 5300 طالب لبناني في الجامعات في مختلف المدن الفرنسية، ويتواصل معهم. ما سمح بلقاء الطلاب في أكثر من مدينة. وقبل أزمة (الكورونا) والأزمة الاقتصادية في لبنان، حرصنا على معالجة مشكلاتهم والاهتمام بها. واستطعنا مساعدة الذين يواجهون صعوبات وفي كل المجالات». ويضيف «مع أزمة (الكورونا)، سعينا أولاً للاطمئنان على أوضاعهم الصحية والمالية. وفي حين يحصل جزءٌ كبير منهم على التحويلات، يبقى أن هناك من فقد أهله عملهم، وبات صعباً عليهم دفع تكاليف تعليمهم. لذا تواصلنا مع الجامعات حيث يوجد هؤلاء، واستحصلنا لهم على إعفاءات بانتظار تحسن أوضاع أهلهم، كما استحصلنا على تخفيض ثمن الوجبات في المطاعم الجامعية، ونعمل لتأمين مساعدات لمن يقبعون في الحجز الإلزامي من خلال المؤسسات الرسمية الفرنسية الداعمة والبلديات والجمعيات الطلابية والجمعيات الاغترابية اللبنانية». وعدا الدعم المالي، تهتم السفارة اللبنانية بالدعم المعنوي للطلاب خلال هذه المرحلة. ويوضح عدوان أن «السفارة خصصت خطين ساخنين هما (0643753072 و0643753328) منذ 15 الشهر الجاري، وذلك لتقديم الدعم المعنوي للطلاب الذين يعانون الكآبة بسبب الحجز الإلزامي، وتحديداً أولئك الذين يقيمون بمفردهم. ولدينا اختصاصيون حاضرون للاستماع إليهم طوال النهار وطوال أيام الأسبوع. وعدا ذلك نتعاون مع السلطات الفرنسية وشركة طيران الشرق الأوسط لتأمين عودة الراغبين، عندما تسمح الظروف بذلك».
ويشير عدوان إلى أن «المساعدة لا تقتصر على الطلاب، بل تشمل كل اللبنانيين، وتحديداً من تنتهي إقامته، فيتم الاتصال بالجهات الرسمية الفرنسية لتمديدها من دون غرامات. كذلك أوجدنا خلية أزمة ليسهل التعامل مع أي إصابة محتملة للبنانيين بالوباء».
سهير الحاج عبد الله، وجدت في إجراءات السفارة منفذاً لتسهيل أمور ابنها الطالب في فرنسا نسيب عبد الله. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ابنها الذي يتابع منذ ثلاث سنوات دراسة الهندسة البتروكيماوية في باريس، يقبع وحيداً منذ صدور قرار الحجر الإلزامي. وعندما أتصل به، أخفي خوفي عليه وانفعالاتي حتى لا أفاقم ظروفه. فالتعب واضح في صوته. وهذا يؤلمني. إلا أني أفضل أن يبقى في باريس، حيث العناية أفضل مما هي عليه في لبنان».
وتشير إلى أن «أزمة (الكورونا) ترافقت مع أزمة التحويلات المالية وارتفاع سعر صرف الدولار. وكنت أحوِّل إليه ألف يورو شهرياً أي كان ما يوازي مليونا وستمائة ألف ليرة لبنانية. وكانت تكاليف تعليمه في باريس أقل مما هي عليه في الجامعات اللبنانية. أما اليوم، فالمبلغ أصبح يوازي مليونين وثمانمائة ألف ليرة، ويفوق راتبي الشهري. فارتفاع سعر صرف الدولار خرب بيتنا، وصعوبة تحويل المال اللازم فاقمت معاناتنا. أما جاد رضا من إيطاليا، فهو يحاول تخفيف قلق والدته في لبنان بشأنه، ومطالبتها إياه بأن يجد وسيلة للعودة إلى لبنان، ليضيف أنه «يفضل البقاء في إيطاليا رغم سوء الوضع على العودة إلى لبنان، لأن الجهوزية هنا تبقى أفضل. كما أني أواصل دراستي عن بعد، فالجامعة تتابع التدريس وإجراء الامتحانات عن بعد».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.