منظمات حقوقية تحذّر من «كارثة» وصول «كورونا» إلى سجون سوريا

زنزانة مكتظة بالمساجين في الحسكة بسوريا (رويترز)
زنزانة مكتظة بالمساجين في الحسكة بسوريا (رويترز)
TT

منظمات حقوقية تحذّر من «كارثة» وصول «كورونا» إلى سجون سوريا

زنزانة مكتظة بالمساجين في الحسكة بسوريا (رويترز)
زنزانة مكتظة بالمساجين في الحسكة بسوريا (رويترز)

حذّرت منظمات حقوقية اليوم (الأربعاء)، من «كارثة» محتملة في حال تفشي فيروس «كورونا المستجدّ» في السجون السورية، حيث من شأن الاكتظاظ وانعدام الخدمات الطبية أن يعّرض حياة عشرات الآلاف لخطر داهم.
وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا تفشّى الفيروس في الأفرع الأمنية أو في السجون المدنية... سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة».
وأضافت: «تبيّن في السنوات التسع الأخيرة أن القوى الأمنية ورؤساء الأفرع الأمنية لا يقدمون أي نوع من الرعاية الصحية لأمراض تعدّ بسيطة مقارنةً مع (كورونا)».
وتَضيق السجون ومراكز الاعتقال التي يشرف عليها النظام السوري بعشرات الآلاف، كثيرون منهم اعتُقلوا بسبب مشاركتهم في مظاهرات احتجاجية أو لإبدائهم رأياً سياسياً معارضاً للنظام، وفق منظمتي العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش». وغالباً ما يوضع هؤلاء في زنازين ضيقة ومكتظة تشكل بيئة حاضنة لانتشار الأمراض ويُحرمون من الغذاء الكافي والرعاية الصحية والتهوية.
وتفاقمت المخاوف على مصير السجناء والمعتقلين بعد تسجيل دمشق، الأحد، أول إصابة بفيروس «كوفيد - 19» وسط خشية من هشاشة المنظومة الصحية التي استنزفتها تسع سنوات من الحرب، مع دمار مستشفيات وتشريد الطواقم الصحية ونقص التجهيزات.
وقالت الباحثة لدى «هيومن رايتس ووتش» سارة كيالي: «إصابةٌ واحدة بفيروس (كورونا) في مراكز الاحتجاز من شأنها أن تكون وستكون كارثية، ليس فقط لأن الفيروس شديد العدوى ومميت في بعض الحالات، ولكن أيضاً لأن النظام السوري عذّب المعتقلين وأساء معاملتهم، ما يجعلهم أكثر عرضة» لمخاطر تفشيه.
ووثّقت المنظمة على مدى سنوات انتهاكات على نطاق واسع في مراكز الاعتقال والسجون تشمل التعذيب والإعدامات والقتل دون محاكمة، عدا عن التجويع وسوء المعاملة ونقص الخدمات خصوصاً الطبية، ما أودى بحياة الآلاف.
وحذّرت كيالي من أنه في حال «انتشار الفيروس في السجون، فعلى الأرجح سنرى زيادة مطردة» في الوفيات.
ولتلافي ذلك، أكدت سمعان، من منظمة العفو، أنه «من واجب النظام أن يقدم أي علاج ضروري لمكافحة الأمراض بينها (كورونا)».
وطالبت 43 منظمة حقوقية ومجموعات سورية معارضة في بيان مشترك، الاثنين، السلطات «بالإفراج الفوري عن المسجونين والمُحتجزين السياسيين والحقوقيين، وعدم القيام بأي عمليات اعتقال جديدة» للحد من انتقال الفيروس.
وطالبت المنظمات، وبينها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، كلاً من منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، «بالضغط العاجل لتتمكنا من ممارسة دورهما في تحسين الظروف الصحية في مراكز الاحتجاز ولزيارتها بشكل طارئ».
ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، أمس (الثلاثاء)، إلى «الإفراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين والمختطفين والسماح بشكل فوري لأسباب إنسانية للمنظمات الإنسانية بزيارة مراكز الاعتقال... وضمان توفير الرعاية الصحية والإجراءات الوقائية في كل أماكن الاحتجاز».
وجاءت هذه الدعوات بعد إصدار رئيس النظام السوري بشار الأسد، في 22 مارس (آذار)، عفواً عاماً يشمل تخفيض العقوبات لعدد من السجناء، من دون أن يتضح عدد الذين سيستفيدون منه. وقد نصّ على «العفو العام عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة... للمصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء... وللمحكوم عليه بحكم مبرم وبلغ السبعين من عمره».
وأوضح معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني، للتلفزيون السوري، أن «تخفيف الازدحام في السجون هو غاية أساسية» لمرسوم العفو بعدما بات فيروس «كورونا المستجد» وباءً.
وتطول المخاوف أيضاً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مئات المعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في شمال غربي البلاد، وأولئك المحتجزين لدى الفصائل السورية الموالية لأنقرة شمالاً وقوات سوريا الديمقراطية التي تحتجز الآلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» في شمال شرقي البلاد.


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك جرعة من لقاح «كورونا» (رويترز)

رجل يتهم لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» بـ«تدمير حياته»

قال مواطن من آيرلندا الشمالية إن لقاح «فايزر» المضاد لفيروس كورونا دمر حياته، مشيراً إلى أنه كان لائقاً صحياً ونادراً ما يمرض قبل تلقي جرعة معززة من اللقاح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى «كورونا» الشديدة يمكن أن تتسبب في التهاب في «مركز التحكم» في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​الحوثيون يستعدون لمحاكمة عمال إغاثة بينهم موظفون أمميون

عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
TT

​الحوثيون يستعدون لمحاكمة عمال إغاثة بينهم موظفون أمميون

عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

بعد تبخر الوعود الحوثية التي قُطعت للأمم المتحدة بالإفراج عن العشرات من الموظفين في مكاتبها والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية في اليمن، كشفت مصادر قانونية يمنية عن توجه الجماعة نحو إحالة دفعة جديدة من هؤلاء المعتقلين إلى القضاء؛ تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة التخابر لصالح الولايات المتحدة.

وذكرت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن خارجية الجماعة الحوثية قطعت وعوداً للأمم المتحدة بمعالجة قضية المعتقلين، بدءاً من السماح لهم بالاتصال بأسرهم، وأنه تم بالفعل السماح لعدد محدود من المعتقلين بإجراء مكالمة هاتفية سريعة بأسرهم، لكن الجماعة الانقلابية رفضت السماح لهم بالاستعانة بمحامين، قبل أن يُفاجأ مجتمع العمل الإنساني بإحالة الدفعة الأولى إلى نيابة أمن الدولة ومكافحة الإرهاب؛ تمهيداً للمحاكمة.

الحوثيون يواصلون اعتقال العشرات من عمال الإغاثة بينهم 17 موظفاً أممياً (إعلام محلي)

ووفق المصادر، فإن الجماعة تعتزم أيضاً إحالة دفعة أخرى من المعتقلين إلى النيابة؛ تمهيداً للمحاكمة، ومن بينهم معتقلون منذ عام 2021 على ذمة العمل لدى سفارة الولايات المتحدة قبل إغلاقها عند اقتحام الحوثيين صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، متجاهلة بذلك المطالب الدولية باحترام الحصانة الممنوحة لموظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة.

تأتي التطورات مع تأكيد منظمتين دوليتين أن الحوثيين اعتقلوا تعسفياً وأخفوا قسرياً عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني منذ 31 مايو (أيار)، ومع ذلك فإن عدد المعتقلين مستمر في الارتفاع.

وذكرت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش»، أن الحوثيين يواصلون دعوة المجتمع الدولي إلى احترام حقوق الفلسطينيين في غزة، بينما ينتهكون في الوقت نفسه حقوق الأشخاص الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطرون عليها. وأكدت أنه «عليهم أن يظهروا للشعب اليمني الاحترام نفسه الذي يطالبون به للفلسطينيين، بدءاً بإنهاء هذه الحملة التي لا نهاية لها من الاعتقالات التعسفية».

تنديد دولي

وفق بيان مشترك أصدرته «هيومن رايتس ووتش» و«معهد القاهرة»، اعتقل الحوثيون العشرات بتهمة الاحتفال بذكرى قيام الجمهورية في شمال البلاد في 26 سبتمبر عام 1962، وفي حالات أخرى، اعتقلوا أشخاصاً بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو منشورات أخرى على الإنترنت تحيي هذه الذكرى.

الحوثيون ينكثون بالوعود التي قُطعت لمنسق الشؤون الإنسانية في اليمن (إعلام محلي)

ونُقل عن رجل اعتُقل شقيقه بسبب نشر مقطع فيديو يحتفل فيه بالذكرى، أن خمس مركبات عسكرية حوثية وصلت إلى منزل شقيقه في اليوم التالي، وأخبره الحوثيون أنهم يريدون منه حذف قناته على اليوتيوب وآخر منشور له في 26 سبتمبر.

وذكر الشخص أنهم أخذوا شقيقه إلى إدارة البحث الجنائي، وعندما بدأوا في إطلاق سراح المعتقلين في 30 سبتمبر الماضي، علم أنهم أرسلوه إلى إدارة الاستخبارات والأمن ولم يُفرج عنه بعدُ.

ووفق البيان أيضاً، اعتُقل كاتب في صنعاء له عدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشره منشوراً عن المناسبة. وقال أحد أصدقائه إن الحوثيين وصلوا إلى منزله في عدة مركبات عسكرية، حيث «اقتحموا المنزل، وكسروا الأبواب، وأخافوا زوجته وابنه... أخذوه هو وأجهزته والكومبيوتر المحمول والجوالات والكاميرات القديمة وفتشوا المنزل بالكامل». ولم يقدم الحوثيون مذكرة اعتقال أو مذكرة تفتيش في أي من الحالتين، في انتهاك للقانون اليمني، والقانون الدولي.

وذكر آخرون في إفادة نقلتها المنظمتان أن الحوثيين هددوهم أو أرهبوهم لمنعهم من نشر أي شيء عن ثورة «26 سبتمبر»، فيما ذكرت امرأة أنها تلقت مكالمة هاتفية تهددها بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في الذكرى.

عشرات اليمنيين اعتقلوا بسبب احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» (إعلام محلي)

وقالت المرأة إنها لم تشعر أبداً بالخوف من الحوثيين، لكن الإحباط هو أنها لا تستطيع الخروج للاحتفال بالذكرى السنوية للثورة، ولا تستطيع رفع علم الجمهورية. وعبّرت عن شعورها بالإحباط لأن العلم اليمني غير موجود في شوارع صنعاء في ذكرى الثورة، وقالت إنها كانت تبكي كل يوم.

وبينت المنظمتان أن اعتقال شخص دون مذكرة وتهم واضحة يعد انتهاكاً بموجب المادة 132 من قانون الإجراءات الجنائية اليمني. وقالت المنظمتان أيضاً إن احتجاز شخص دون أساس في القانون المحلي أو الدولي، وكذلك احتجازه دون توجيه اتهامات له على الفور، يعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وكانت لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن قالت إنها وثقت العام الماضي كثيراً من الحالات التي تنطوي على الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، وإن «معظم الانتهاكات التي حققت فيها اللجنة نُسبت إلى الحوثيين».