إبحار شعري في اليابسة

«القبطان البري» للشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار

إبحار شعري في اليابسة
TT

إبحار شعري في اليابسة

إبحار شعري في اليابسة

بعد «أخيراً وصل الشتاء» (2004)، و«أنظر وأكتفي بالنظر» (2007)، و«نيران صديقة» (2009)، و«بيتٌ بعيد» (2013)، و«عودة آدم» (2018)، يعود الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار إلى قرائه بديوان شعري جديد، عن «منشورات المتوسط» بإيطاليا، تحت عنوان «القبطان البرّي».
في إصداره الشّعري السّادس، الذي تتوزعه 11 قصيدة، ينطلق الخصار من وضعية السؤال، لكي يقدم نفسه، معترفاً، في قصيدة «أنا هو»، بأنه هو القبطان: «هل رأيتِ صياداً يهرع إلى البحيرة - يترك الأسماك لحالها - ويرمي الشّباك ليصطاد الماء؟ - أنا هو - وهذه القبعة التي أضعها على رأسي - لا لتحميني من الشمس - بل لتحمي الشمسَ من أفكاري». قبل أن نقرأ له في قصيدة «حروب داخلية»: «لا بِحارَ ولا سُفن - لا قواربَ ولا مجاديف - لا صواري ولا مِرْساة. - أنا القبطان البرّي - أُخرج الخوف من دولابي - وأبحر كلّ يوم في اليابسة. - خطواتي أمواج - يداي شراعان - ونظرتي تُبيد القراصنة».
يُكرِّرُ الخصار اعترافاته في صيغة عناوين وجملٍ، نلتقي خلالها، كما جاء في تقديم للناشر، بـ«ظلال رجالٍ تبنّى الشاعر قصصهم، وتجاربهم في الحبّ، والخيبة، والمغامرة على حافّة أزمنة مُنهارة، وأمكنة تُبدِّلُ أشكالها، وكائناتٍ وأشياء؛ يستدعيها إلى قصائدهِ فتتحوَّل إلى ذاكرة حيّة، لها ماضٍ وتاريخ وحضور غارقٌ في التفاصيل»؛ ومن ذلك أن نقرأ له في قصيدة «رجل مخفور بالصخور»: «عائداً من حرب مع لا أحد - حيث الحطامُ فحسب هو ما يحفُّني - أخفي الدخانَ والحسرة في جيوبي - وأعبر الزقاق إلى نهايته - (..) - رجلٌ يرفع يديه إلى السماء - كأنما يريد أن يحضنَ غيوماً - لكنّ قدميه عالقتانِ في الوحل». أو في قصيدة «لن أَدْلقَ حياتي على كتفٍ غير كتفي»، حيث نقرأ: «أنا قشّة تِبنٍ في ممر قصي - تدوسها قدمٌ وتتألم - (...) - حفنة تراب في قبضة عاشقٍ مخذول - مفتاحٌ يرتعش في يد رجل سكران - أنا رسالة قديمة تعبر المحيطَ في زجاجة - ولا تصل - (...) - أنا كلُّ هؤلاء - وأنا لا أحد». أو في قصيدة «نافذة تسكر بالموسيقى»، حيث نقرأ: «لستُ الرجلَ الذي خذلته امرأة - ولا الرجلَ الذي خذلها. - أنا بائعُ العطر الذي وجد نفسه في حفلِ عزاء - الجندي الذي قتله صديقُه بالخطأ - العابرُ الطيّبُ الذي مات في عراك - لأن يدَهُ امتدَّتْ بين يدين هاجَتَا - أنا أيضاً الرجل الذي ينفخ في الساكسفون - ويبكي أمام امرأة صمّاء».
في تقديم الناشر، دائماً، سنقرأ عن قصيدة الخصّار «المنشغلة عن العالم بالاشتغال على ذاتِها، لكنّها سرعانَ ما تعودُ لتكتب العالم ذاتَه، وقد استلزمت من صاحبها لغة مُنسابة، كنهرٍ يمضي في الشّعاب، يظهرُ حيناً ويختفي حيناً آخر، لرؤيا العين فقط، لكنَّه موجودٌ وراسخٌ وله أن يسردَ لنا قصصَ زوارق مرّت، وأخرى غرقت، وثالثة تاهت، سيحكي لنا عن ضِفَّتيْه، وبحرهِ المآل. ولكنْ، أي بحرٍ هذا الذي يجعلُ الخصّار يُعنوِنُ كتابهُ بالقبطانِ البرّي؟ إنها يابسة المدينة، والشوارع والأمكنة اللّزجة التي تنهمرُ عليها الخطى». وزاد التقديم أن هذا «الانشطار المقصود في المعنى، يمنحُ القارئ، مساحة للتفكير جمالياً في الطريقة التي يكتبُ بها الخصّار قصائده، هناك حضورٌ لافتٌ للموسيقى، لآلاتها وعازفيها، وأصوات المغنّينَ المنسيّين في زوايا معتمة، ومدنٍ بعيدة، حيثُ هناك دائماً امرأة تأتي وتغيب، هناك صوتُها، هناك أيضاً السّاعاتي والقيثار الإسبانيّ، والموت الذي يؤكّد لنا أنَّ حبلَ الأيام قصير».
وتحدث لنا الخصار عن مجموعته الشعرية الجديدة، مشيراً إلى أنها تتكون من نصوص مركبة؛ كل نص له تيمة موحدة، منتهياً إلى أن «القبطان البري»، في النهاية، هو الشاعر نفسه، المحيط هو الحياة، والأمواج هي تعاقب الليل والنهار. أما السفينة فهي حيلته في مواجهة الحياة بتقلباتها اللا منتهية.
وتشكل الموسيقى تيمة أساسية، في ديوان الخصار الجديد، حيث يهرب بنا الشاعر، بعيداً عن ضجيج العالم، إلى موسيقاه، إلى ذوقه الخاص. كما نكون مع تيمة الكتابة، حيث يقف الشاعر عند أسباب الكتابة، وعند تمنعها، وصعوبتها، ليكتب كمن يشرب الخمرَ لينسى وكمن يشرب القهوة ليصحو. فيما يرصد في قصيدة «حروب داخلية» ما يعتمل من معارك في ذاته، حيث نقرأ له: «ليلكَ مؤلمٌ وجارح - مثل رسالة من أبٍ - إلى ابنهِ الوحيدِ الميّت».
أما في نص «الموتى ينتظرونني على الطوار»، فنجده يتعاطف مع موتى «ما عاد أحدٌ يطرق أبوابهم - وما عاد العشبُ ينمو في غرفهم كما كان». قبل أن يطلب من الموت أن يتمهل قليلاً حتى ينهي بعض ما يشغله: «تمهل أيها الموت قليلاً - إذا أخذتني اليوم إلى مغاراتك التي لا ضوء فيها - فمن سيصحو غداً - ليشبِكَ يديه بيدي طفله الوحيد - ويتناوبا معاً على الغناء - والصراخِ والصَّفير؟».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.