في العزلة... عراقيون يمارسون الأعمال المنزلية

منهم من تعلم إعداد خبز «التنور»

مدرس الفلسفة ستار عواد يصنع خبز التنور في منزله ببغداد (الشرق الأوسط)
مدرس الفلسفة ستار عواد يصنع خبز التنور في منزله ببغداد (الشرق الأوسط)
TT

في العزلة... عراقيون يمارسون الأعمال المنزلية

مدرس الفلسفة ستار عواد يصنع خبز التنور في منزله ببغداد (الشرق الأوسط)
مدرس الفلسفة ستار عواد يصنع خبز التنور في منزله ببغداد (الشرق الأوسط)

ليس من المبالغة القول إن العراقيين يتميزون حتى عن نظرائهم من العرب والمسلمين بشدة التمسك بالعادات والمناسبات الاجتماعية، ويصل بهم الأمر في بعض الأحيان إلى حد «التطرف» في إظهار المودة والكرم والاهتمام بالقريب أو الضيف أو الصديق. وهي عادات لم تنسَ مع الزمن أو تغيير الظروف والأوضاع.
لعل أصعب ما واجهه العراقيون خلال فترة الحظر الصحي الذي فرضته السلطات لمواجهة مخاطر فيروس «كوفيد - 19» هو اضطرارهم لكسر عاداتهم الاجتماعية المتمثلة بزيارة الأهل والأصدقاء وعيادة المريض وحضور مناسبات الأفراح والأحزان. لذلك لم يلتزم حتى هذه اللحظة، عدد غير قليل من العراقيين بحظر التجوال رغم التشدد الذي تبديه السلطات، وظلوا أوفياء لعاداتهم الراسخة، متجاهلين ما قد ينجم عن ذلك من مخاطر مباشرة وحقيقية على صحتهم وصحة الآخرين. حتى ليتصور المرء أن بعضهم يفضل الإصابة بالفيروس على أن يتخلى عن عاداته وطقوسه اليومية. «الشرق الأوسط» استطلعت آراء عينة من المواطنين العراقيين وسألتهم حول «أيام العزلة» وكيف يمضونها.

عزلة المناضل السابق
أحمد جميل (22 سنة)، عاد قبل يومين من ساحة التحرير وسط بغداد، بعد نحو 3 أشهر من الوجود الدائم هناك بعد أن اضطرته تحديات «كورونا» وقرار جماعات الحراك بترك الساحة لحين «جلاء غمة» الفيروس الفتاك.
عاد أحمد جميل إلى منزله الذي بالكاد عاد إليه في غضون الأشهر الأخيرة. لم يتغير شيء في المنزل، الأثاث ذاته ونبتة «الشبوي» ذاتها في ركن الحديقة الصغير. يقول أحمد لـ«الشرق الأوسط»: «أمي تقول لي يومياً: خرجت سالماً من الرصاص والقنابل المسيلة للدموع، لا أريدك أن تموت بكورونا، ابق في المنزل أرجوك ولا تغادره».
وبالنسبة لـ«ثوري سابق لم يكن الجلوس في المنزل خياراً مفضّلاً»، يضيف أحمد وقد رسم ابتسامة عدم رضا على المصير الذي آل إليه. ويتابع: «استيقظ في ساعة متأخرة كل يوم، أتناول طعام الإفطار، ثم أعود للنوم، أستيقظ لأتناول الطعام مرة أخرى. الحق أنه ترف لم أعتد عليه منذ أشهر، لكن ما العمل والخيارات في هذا العالم قاسية جداً. كورونا لا يرحم». ويضيف: «في لحظات الصحو لا يأتي على بالي سوى وجوه الرفاق والأصدقاء الذين شاطرتهم أحلى وأصعب اللحظات في ساحة التحرير، سأعود لتلك الرفقة ذات يوم».

«ديتول» أكثر من الطعام!
المخرج التلفزيوني مهدي طالب حوّل ما يجري في منزله إلى دراما مضحكة وساخرة وفيها كثير من المفارقات، إذ يقول إن «الديتول والمواد المعقمة لدينا في البيت أكثر من الأكل، سينفد الديتول عند الشركة المنتجة ولن ينفد في بيتنا الذي أصبح المركز الرئيسي لهذه المادة». ويضيف ضاحكاً: «كل نصف ساعة تقوم إحدى البنات بالتنظيف وعمليات التعقيم، لن تجد ذلك حتى في أرقى المستشفيات، أنفقت العائلة معظم مدخراتها على المنظفات». ويتابع: «البرتقال لدينا يفوق ما هو موجود في محافظة ديالى (نظراً لإنتاجها الوفير من البرتقال). بعد أن سمع أهلي أنه مفيد لتقوية المناعة ضد الفيروس».
وعن رؤيته لعلاقة أفراد الأسرة ببعضهم بعد أن حرمه عمله المتواصل في المجال التلفزيوني من الوجود داخل المنزل لأوقات طويلة، يقول مهدي طالب كأنه يصف مشهداً درامياً: «أهلي يتحدثون كلهم في الوقت نفسه، لا يكترثون للسيناريو المكتوب، لا يتفقون على أي موضوع، يشبهون أعضاء البرلمان. لا يتفقون حتى على وجبة الطعام، لذلك صار القرار أن نطبخ أكلات غير جدلية». ويضيف عن الخلاف حتى في قصة البرامج التلفزيونية ومتابعة القنوات الفضائية: «هناك من يصرّ على متابعة قناة (الشرقية) وآخر يريد (العربية والحدث) والبنات يقُلن إن قنوات (إم بي سي) أحلى».

أسواق أم صالة عمليات؟
أما مدرس الفلسفة في الجامعة المستنصرية ستار عواد، فيرى أن «ما يهون علينا عزلتنا المنزلية هو أن جميع أفراد سكان الكرة الأرضية يعيشون هذا الحجر، لم تعد ثمة أهمية للوقت ولا لأيام الأسبوع، لا نعرف متى يبدأ النهار ومتى يكون الليل». ومع ذلك يقول ستار عواد: «أنهض من النوم ولا أعرف كم الساعة غالباً، ثم أذهب إلى (السوبر ماركت) القريب، أدخل ويراودني شعور كأنني في صالة العمليات، أخاف أن ألمس الأشياء رغم لبسي القفازات، أنظر إلى بقية المتبضعين وأراهم مثل فريق عمل في صالة عمليات كبرى. الجميع يرتدي الكمامات والقفازات».
بعد ذلك، والحديث لستار: «نستعد جميعاً لتهيئة وجبة الطعام التي ليس لها وقت ثابت، ثم أذهب لمشاهدة الأخبار الكئيبة ومتابعة الإحصائيات المتسارعة. ورغم كل هذا الروتين المتكرر فإنني أشعر بالمتعة وبفائض الوقت، كتب كثيرة مهملة قرأتها، أفلام مهمة شاهدتها». ويضيف: «الأهم من ذلك كله أن الإقامة الجبرية كانت فرصة مهمة لمعرفة مشاكل العائلة وما يتصل بمراقبة سلوكيات الأولاد عن قرب، حاولت تصحيح مفاهيم خاطئة يتبناها أولادي في كثير من الموضوعات. إنها فرصة رائعة، نعم أفتقد رفقة الأصدقاء وصخب قاعات الدرس، لكني لم أكن أتوقع أن أقضي يومي بهذه السعادة». ويواصل ستار عواد قائلاً: «لأول مرة وبشكل جدي صرت أمارس الأعمال المنزلية من باب الواجب وليس التسلية، حتى أنّي تعلمت صناعة الخبز المحلي بالتنور».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».