بومبيو يسعى في كابل لإنقاذ اتفاق السلام مع «طالبان»

أدى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس، زيارة مفاجئة إلى العاصمة الأفغانية كابل، حيث عقد محادثات مع الرئيس أشرف غني وخصمه السياسي عبد الله عبد الله، وذلك بهدف إنقاذ اتفاق السلام الذي أبرمته واشنطن مع حركة «طالبان» الشهر الماضي، وتحريك الجمود السياسي الذي قوّض جهود الولايات المتحدة لسحب جميع قواتها من البلاد.
وسعى بومبيو، وفق مصادر متطابقة، لضخ زخم جديد في العملية السلمية، خصوصاً إثر تعثر تنفيذ نتائج الاتفاق الذي أبرمته واشنطن مع «طالبان»، في 29 فبراير (شباط) الماضي، لإنهاء أطول حرب أميركية في الخارج، وتعرقله الخلافات السياسية في كابل وأعمال العنف. وقال أحد كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية في كابل: «نحن في أزمة (...) نخشى أنه ما لم يتم حل الأزمة قريباً، فقد يؤثر ذلك على عملية السلام، ويمكن أن يتعرض اتفاقنا مع (طالبان) للخطر». وتابع: «ما نريده هو أن يصل الرئيس غني والرئيس التنفيذي السابق عبد الله إلى اتفاق حول كيفية تشكيل حكومة شاملة تكون مقبولة لكليهما».
يذكر أنه في عام 2014 قام وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري بمهمة دبلوماسية مماثلة، عندما كان غني وعبد الله يتنافسان للمرة الأولى على منصب الرئاسة. واتفق الرجلان في ذلك الوقت، على تقاسم السلطة، حيث تولى غني منصب الرئاسة فيما تولى عبد الله منصب الرئيس التنفيذي.
وعُقدت، أول من أمس، أول جلسة مباحثات بين الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان»، عبر خدمة «سكايب»، بشأن تبادل الأسرى والسجناء، وفق ما أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد. وذكر خليل زاد، في تغريدة أن الولايات المتحدة شاركت في تسهيل إجراء مباحثات تقنية بين الحكومة الأفغانية و«طالبان» حول إطلاق السجناء، من خلال مؤتمر عبر الفيديو.
ونص الاتفاق الذي أبرمته واشنطن مع «طالبان» على تبادل الأسرى والسجناء؛ لكن هذا البند لم يطبَّق حتى الآن. والأربعاء الماضي، قال خليل زاد إن تبادل السجناء بات أمراً ملحّاً بعد تفشي فيروس «كورونا» المستجد، ويجب أن يتم في أقرب وقت ممكن.
في المقابل، كان الرئيس الأفغاني يعترض على أحد البنود الرئيسية في الاتفاق بين الأميركيين و«طالبان»، وهو الإفراج عن نحو 5 آلاف سجين من الحركة، مقابل ألف عنصر تقريباً من القوات الأفغانية.
وتصاعدت المخاوف في واشنطن من احتمال أن تنعكس الخلافات بين غني وعبد الله على الاتفاق، خصوصاً أن القوات الأميركية قد أعلنت تجميد انسحاباتها من أفغانستان الأسبوع الماضي، بسبب تفشي وباء «كورونا»، في ظل حالة الطوارئ التي وُضعت فيها القوات الأميركية لمواجهة تأثيرات الوباء على عملياتها.
وينص الاتفاق بين واشنطن و«طالبان» أيضاً على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان مقابل تعهد الحركة بنبذ أي عمل إرهابي، والدخول في مفاوضات مع حكومة كابل، وهو ما كانت الحركة ترفضه. وبحسب الاتفاق، يبدأ انسحاب القوات الأميركية في 10 مارس (آذار)، ويتواصل لخفض عدد القوات في مرحلة أولى إلى 8600 جندي من نحو 13000 ألف.
غير أن تصعيد هجمات «طالبان» على مواقع وقوات حكومية، إثر تجدد الخلاف حول كيفية تطبيق الحركة والحكومة لآلية الاتفاق، وكذلك هجمات تنظيم «داعش»، أدت إلى تصاعد الانتقادات الأميركية، خصوصاً من البنتاغون، مطالبة إياها بخفض التصعيد واحترام روح الاتفاق.
وطبقاً لمسؤولين أحدهما تابع لحكومة كابل وآخر من حركة «طالبان»، فإن المناقشات التي جرت عبر «الفيديو كونفرنس» دامت ساعتين ونصف الساعة، وجرى التواصل مع الحضور من 5 مواقع. وتولى الفريق الأميركي، بقيادة خليل زاد، وفريق من الدبلوماسيين القطريين مهمة تسهيل النقاشات، وترأس وفد الحكومة الأفغانية نائب مستشار الأمن القومي سالم شاه إبراهيمي. وضم وفد «طالبان» كثيراً من كبار أعضاء الحركة بينهما مفاوضان من مكتبهما السياسي في الدوحة والملا نور الدين الترابي، الذي يرأس لجنة سجنائهما. وذكر سهيل شاهين، المتحدث باسم فريق التفاوض لـ«طالبان»، إن «المحادثات ركزت فقط على الإفراج عن السجناء. كانت هناك اتفاقات مبدئية بشأن بعض القضايا المتعلقة بالإفراج عن السجناء». وأضاف شاهين أن الجانبين سيعقدان مؤتمراً آخر عبر «الفيديو كونفرنس» الثلاثاء المقبل، لمواصلة المناقشات.
وتطرقت المحادثات إلى قضايا أخرى إضافة إلى الخطوات التقنية الأولية لتسهيل الإفراج عن السجناء. وقال حمد الله محب، مستشار الأمن القومي الأفغاني في بيان عبر «تويتر»: «أكد جميع الأطراف أهمية الحد من العنف، والسير في مفاوضات مباشرة ووقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار».