تقلبات السوق و«كوفيد ـ 19» تطيح سعر الغاز الروسي مع تدني الاستهلاك الأوروبي

تتزايد خسائر قطاع الطاقة الروسي، تحت تأثير تداعيات كورونا وهبوط سعر النفط في الأسواق العالمية. ومع بدء التداولات هذا الأسبوع، هبطت أسهم عدد كبير من الشركات الروسية، بينها «روسنفت» عملاق الإنتاج النفطي الروسي، الذي لم تنجح تدابير «تحفيزية» أقرها في كبح هبوط أسهمه. ولم تكن صادرات الغاز الروسي بحال أفضل من النفط، ومع تراجع الاستهلاك في أوروبا، نتيجة تدابير مواجهة كورونا، أشارت تقارير إلى هبوط سعر الغاز حتى 100 دولار لكل ألف متر مكعب، وسط مخاوف من أن تحصل «غاز بروم» الاحتكارية الروسية على أدنى سعر منذ 15 عاماً، لصادراتها إلى الأسواق الأوروبية، إن استمر الوضع على حاله.
ومع الساعات الأولى من افتتاح السوق الروسية أمس، سجلت أسهم معظم الشركات الروسية خسائر إضافية، وبينها أسهم شركة «روسنفت»، أكبر منتج في روسيا، وواحدة من كبار منتجي النفط عالمياً. وفي محاولة للحد من هذا الهبوط، أعلن مجلس إدارة الشركة، عن قراره بتعديل شروط «إعادة شراء أسهم الشركة»، وقال في نص قرار نشره على الموقع الرسمي: «على خلفية التقلبات الحالية في أسواق النفط، تم اتخاذ قرار بتسهيل عمليات إعادة شراء الأسهم، وإلغاء عدد من القيود»، وأضاف أن شراء الأسهم في الأسواق المفتوحة، خلال مرحلة الهبوط الحاد على الأسعار «يخلق إمكانيات جذب لرفع القيمة السوقية للشركة». وهذه المرة الثانية التي تلجأ فيها الشركة إلى مثل هذه الخطوة، وكانت أقرتها أول مرة في تاريخها، خلال التقلبات في صيف عام 2018، وقررت حينها «إعادة شراء أسهم» بقيمة ملياري دولار من الأسواق المفتوحة. إلا أن القرار الجديد أمس لم يؤثر على الوضع في السوق كما يتضح من نشرة البورصة، حيث تراجع سعر سهم «روسنفت» بنسبة 6.53 في المائة، وهبط حتى 168.95 روبل للسهم الواحد.
وفي أعقاب النفط، هبط كذلك سعر صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، حتى أدنى مستوى يسجل منذ عدة سنوات، وفق ما ذكرت صحيفة «كوميرسانت» في تقرير أمس، حذرت في مستهله من احتمال تدني أسعار عقود «غاز بروم» حتى أدنى مستوى منذ 15 عاماً، وقالت إن عروض الأسعار في المركز الأوروبي الأكثر سيولة في هولندا تراجعت في أول 20 يوما من مارس (آذار) الحالي، حتى 102 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز، وانخفضت العروض يوم 19 مارس حتى الحد الأدنى 90.3 دولار لكل ألف متر مكعب، بينما يتم تداول العقود الآجلة لشهر أبريل (نيسان) القادم بسعر 104.7 دولار.
وتشير الصحيفة إلى عاملين سيؤديان إلى تراجع إضافي على أسعار صادرات «غاز بروم» إلى الأسواق الأوروبية، الأول مرتبط بانهيار أسعار النفط حتى ما دون 30 دولارا للبرميل، وترى أنه سيؤدي إلى انخفاض في سعر عقود «غاز بروم»، أما الثاني فيرجع إلى تدني الاستهلاك في الدول الأوروبية، التي فرضت تدابير حظر مشددة لمواجهة انتشار كورونا. وعلى سبيل المثال أدت التدابير التي أقرتها سلطات إيطاليا، ثاني أكبر مستهلك أوروبي للغاز الروسي بعد ألمانيا، إلى توقف تام للصناعات، باستثناء المجالات الحيوية، ما سيؤدي إلى تراجع ملموس على الطلب، لا سيما أن احتياطي الغاز في الخزانات الأوروبية بلغ مستويات قياسية، حتى 54 مليار متر مكعب. ومع استمرار تأثير كورونا على الأسواق، تحذر الصحيفة من احتمال لجوء المستوردين الأوروبيين إلى تكرار ما فعله الصينيون، حين خفضوا حجم مشترياتهم من الغاز الروسي، نظراً لـ«الظروف القاهرة» الناجمة عن انتشار الفيروس.
في غضون ذلك، تبقى السوق الروسية أسيرة هبوط أسعار النفط في السوق العالمية، واستمرار «تأثير كورونا». وفي فاتحة الأسبوع الثالث على التوالي، واصلت مؤشرات البورصة وسوق العملات الروسية التراجع أمس. ومنذ الصباح انخفض مؤشر بورصة موسكو للأسهم المقومة بالروبل بنسبة 3.64 في المائة، حتى 2246 نقطة، ومؤشرها للأسهم المقومة بالدولار بنسبة 5.21 في المائة، حتى 876 نقطة. كما استمر تراجع الروبل الروسي أمام العملات الرئيسية، ووفق بيانات سوق العملات، جرى تداوله في الساعات الأولى عند مستوى 81.5 روبل للدولار، و87.4 روبل لليورو. ورغم تعويضه بعض خسائر الصباح وارتفاعه بعد الظهر، حافظ على سعر صرف أدنى بنحو روبل واحد عن آخر إغلاق يوم الجمعة. وفي الساعة الثانية بعد الظهر جرى تداوله عند مستوى 80.65 روبل للدولار، و86.24 روبل أمام اليورو، وذلك رغم زيادة المركزي حجم تدخله نهاية الأسبوع الماضي، حتى 170.9 مليون دولار.