واشنطن تضم صالح والحوثيين إلى قائمة عقوبات.. وتتهمهم بتدبير انقلاب على هادي

استهداف منزل الرئيس اليمني السابق بعبوات ناسفة.. و«الخليجي» يعلن دعمه الكامل لهادي وبحاح

الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يتحدث إلى أنصاره خلال مسيرة احتجاجية سابقة بصنعاء (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يتحدث إلى أنصاره خلال مسيرة احتجاجية سابقة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تضم صالح والحوثيين إلى قائمة عقوبات.. وتتهمهم بتدبير انقلاب على هادي

الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يتحدث إلى أنصاره خلال مسيرة احتجاجية سابقة بصنعاء (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يتحدث إلى أنصاره خلال مسيرة احتجاجية سابقة بصنعاء (إ.ب.أ)

فرضت الولايات المتحدة أمس، عقوبات مالية على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح واثنين من قادة المتمردين الحوثيين المتحالفين معه والمتهمين بالإساءة «مباشرة إلى السلام والاستقرار في اليمن»، كما اتهمت الرئيس السابق بتدبير انقلاب على السلطة بمعاونة الحوثيين، وفق ما أعلن مصدر في وزارة الخزانة الأميركية في حين تبنى تنظيم القاعدة في اليمن، هجوما بالقنابل شنته عناصر متطرفة من التنظيم استهدف منزل صالح بالعاصمة صنعاء.
وقال ديفيد كوهين، مساعد وزير الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بأن العقوبات تشمل إلى جانب صالح اثنين من قادة الحوثيين هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم، وتنص على منع الـ3 من السفر إلى الولايات المتحدة، وتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم في الولايات المتحدة، وفي البنوك والمؤسسات الاستثمارية الأميركية. وأضاف أن «حكومة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يدعمان دعما كاملا جهود حكومة اليمن لإرساء السلام والاستقرار، وتنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي، وتحقيق نظام حكم فعال، وضمان مستقبل مستقر للشعب اليمني».
وقال كوهين في لهجة تهديد «سوف نراقب الموقف، وسنحاسب أي شخص يهدد استقرار اليمن، وأي شخص يعرقل جهود الشعب اليمني لتحقيق انتقال سياسي سلمي هناك». وقال مسؤول في وزارة الخزانة لـ«الشرق الأوسط» بأن القرار صدر حسب أمر تنفيذي بأن صالح والحوثيين اشتركوا «في الأعمال التي تهدد بشكل مباشر، أو غير مباشر، السلام والأمن والاستقرار» في اليمن. وأضاف أن القرار فيه تحذير لكل الفصائل والجماعات والأحزاب في اليمن بأن تلتزم بمبادرة مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت عام 2011. وبأن تعمل لإنجاح المرحلة الانتقالية. وأيضا، بأن تلتزم باتفاقية 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، المسماة «اتفاقية السلام والمشاركة الوطنية»، وأيضا، «الالتزام بتوصيات مؤتمر الحوار الوطني».
وقال المسؤول بأن الولايات المتحدة «تؤكد التزامها الراسخ بدعم الشعب اليمني في العملية الانتقالية السياسية، رغم الانتكاسات الأخيرة»، ورفض أن يعلق على دخول الحوثيين صنعاء، وعلى سيطرتهم على أجزاء أخرى من اليمن. وما إذا كانوا سيعاقبون. وقال: إن العقوبات فرضت على أشخاص وليس على جماعات أو منظمات.
وأشار كوهين إلى تعاون صالح مع الحوثيين، منذ «بداية عام 2012. وصار صالح واحدا من المؤيدين الرئيسيين للعنف الذي يرتكبه أفراد ينتمون إلى جماعة الحوثي». وأضاف: «بداية من سبتمبر الماضي، وردت تقارير بأن صالح يركز على زعزعة استقرار اليمن، وذلك باستخدام آخرين لتقويض الحكومة المركزية وزعزعة الاستقرار مما يمهد بانقلاب». وأشار المسؤول إلى تقارير عن دور صالح في تزويد حلفائه بالأموال والدعم السياسي.
وأشار إلى اشتباكات في جنوب اليمن عام 2013. قبيل مؤتمر الحوار الوطني، وقال: إن صالح، ومنظمة القاعدة، والرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض كانوا وراء هذه الاشتباكات بهدف عرقلة جهود الحوار الوطني. ورفض المسؤول القول بأن البيض نفسه سيعاقب. لكنه قال: إن باب فرض عقوبات على آخرين يظل مفتوحا.
من جهة ثانية، تلقى الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي اتصالا من وزير الخارجية الأميركية جون كيري جرى خلاله «مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات على الساحة اليمنية»، وبحسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، فقد هنأ الوزير الأميركي الرئيس هادي بـ«تشكيل الحكومة الجديدة والذي يأتي تنفيذا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية المبني على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني»، وأكد «دعم الولايات المتحدة للحكومة والخطوات الرئيسة في تنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية المرتكزة على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية»، وأشار الوزير الأميركي «إلى أن نجاح الحكومة في مهامها سيسهم في دفع المجتمع الدولي لدعم اليمن اقتصاديا ليتمكن من تجاوز التحديات التي يواجهها باعتبار أن أمن اليمن واستقراره يمثل أهمية للمنطقة والعالم».
من جهة ثانية رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة خالد بحاح «واعتبرها خطوة مهمة لاستكمال المؤسسات الدستورية والمضي قدما بالعملية السياسية السلمية لإخراج اليمن من الأوضاع المضطربة والتحديات الصعبة التي يواجهها»، وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون في بيان صحافي «عن أمله في أن تتمكن الحكومة اليمنية الجديدة من مواجهة كافة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعرقل مسيرة اليمن نحو المستقبل الأفضل، بما فيها بسط سيادة الدولة، والحفاظ على أمن اليمن واستقراره، ومواصلة جهود التنمية وإعادة الإعمار»، وأشاد المسؤول الإقليمي بـ«تعاون القوى السياسية الوطنية التي غلبت المصالح العليا لليمن وشعبه الكريم ودعمت تشكيل الحكومة حرصا منها على الحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته وسيادته»، وأشار الدكتور الزياني إلى «استمرار دعم دول مجلس التعاون ومساندتها للجهود الحثيثة التي يبذلها فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي والقوى السياسية اليمنية من أجل مواصلة العملية السياسية عبر تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية»، ودعا «المجتمع الدولي والدول الداعمة لليمن إلى مواصلة تقديم كافة أشكال الدعم لليمن في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها».
في غضون ذلك قالت مصادر سياسية إن منزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح تعرض لاستهداف بعبوات ناسفة من قبل عناصر متطرفة. وتبنت «القاعدة» لاحقا هذه العملية. وقال تنظيم «القاعدة» على شبكة الإنترنت إنه زرع عبوتين ناسفتين جوار البوابة الغربية لمنزل الرئيس السابق الكائن في شارع حدة (صخر)، بوسط العاصمة صنعاء. وذكرت الأنباء أن بعض الحراسات قامت بتفجير إحدى العبوات وتفكيك الأخرى. ولدى صالح في صنعاء عدد من المنازل في الحصبة وحدة بشارعها ومنطقتها، وغيرها من المنازل المنتشرة في عموم البلاد. وتشير مصادر إلى أن صالح والحوثيين على وشك إعلان تعاون مشترك لمواجهة النظام الجديد الذي قام في اليمن عقب الإطاحة بصالح من الحكم في 2012، غير أن الطرفين لم يعلنا، حتى اللحظة، عن أي تحالف رسمي رغم الأنباء المؤكدة عن التحالف المشترك بين الطرفين من أجل مواجهة نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.