علاقة «حزب الله» بحلفائه تهتز ولا تسقط بحكم دقة الوضع

بعد رسائل عالية السقف من نصر الله على خلفية قضية الفاخوري

TT

علاقة «حزب الله» بحلفائه تهتز ولا تسقط بحكم دقة الوضع

كشفت مواقف أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الأخيرة عن إطلاق سراح العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري، حجم الضغوط التي تعرض لها نتيجة هذه القضية، ووصلت إلى حد تشكيك حلفائه به، فأطلق سهامه بشكل خاص إلى مَنْ سمّاهم بـ«الحلفاء والأصدقاء»، إضافة إلى رسائل الطمأنة الموجهة إلى بيئته التي خرج من داخلها البعض منتقداً وطارحاً أسئلة حول خلفية الإفراج عن الفاخوري.
وفيما كان واضحاً، إلى حد ما، هوية بعض الجهات التي يقصدها نصر الله في كلامه عن الحلفاء والأصدقاء، انطلاقاً من المواقف التي صدرت إثر الإفراج عن الفاخوري من قبل سياسيين وإعلاميين ورجال دين مقربين من «حزب الله»، يرى البعض أن حليفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لم يكن غائباً عن تلميحات نصر الله؛ خصوصاً أن سجالاً حاداً وقع على وسائل التواصل الاجتماعي بين مناصري الطرفين تبادلا خلاله اتهامات، لجهة المسؤولية عن إطلاق الفاخوري.
وقال نصر الله، بكلام عالي السقف والنبرة: «إننا لا نقبل من حليف أو صديق أن يتهم أو يخوّن أو يهين أو يشتم، ومن لا يحترم هذا الأمر فليخرج من تحالفنا».
وتختلف مقاربة الوزير السابق بطرس حرب عن وجهة نظر المحلل السياسي قاسم قصير، المقرب من «حزب الله»، حول كلام نصر الله، بحيث لم يستبعد حرب أن يكون نصر الله قصد بكلامه حليفه «التيار الوطني الحر» وحرص على ألا يكون واضحاً لعدم رغبته بفتح صراع مع السلطة ورئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، فيما رأى قصير أن نصر الله لم يحمّل عون وباسيل المسؤولية، إنما اعتبر أن هناك من تعرض إلى ضغوط أميركية من القضاة والأجهزة العسكرية وبعض القوى السياسية.
ومع رفض قصير الدخول بالأسماء التي قصدها نصر الله، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كان واقعياً بكلامه في ظل الظروف الصعبة، لكنه كان قاسياً على الحلفاء والأصدقاء الذين أساؤوا للحزب، ووجهوا له التهم»، مستبعداً أن «يكون هناك أي تصعيد إضافي، لأن الوضع الداخلي الدقيق في الوقت الحالي، لا يحتمل». وشدّد من جهة أخرى، على أن «هناك ثقة بـ(حزب الله) في أوساط بيئته، وبالتالي تم تجاوز الأمر بكلام نصر الله».
في المقابل، يقول حرب لـ«الشرق الأوسط» من الواضح أن كلام نصر الله تبريري لمسار الإفراج عن الفاخوري، خاصة أمام منتقديه من بيئته ومن حلفائه، كما تبرئة نفسه من الصفقة التي تم الحديث عنها وإلقاء اللوم على غيره».
وكانت أبرز الانتقادات التي شنّت على نصر الله من حلفائه، تلك التي صدرت من «أحد مؤسسي تجمع العلماء المسلمين»، الشيخ ماهر حمود، متّهماً باسيل بالمسؤولية عن الإفراج عن الفاخوري، ومطالباً نصر الله بإنهاء وثيقة التفاهم، بينما شنّ النائب جميل السيد هجوماً على فريق «8 آذار» بأكمله، قائلاً: «تذكّرت تخاذلهم يوم اعتقالنا زوراً»، في إشارة إلى توقيفه على خلفية جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
وكانت انتقادات لـ«حزب الله» أيضاً من النائب السابق وئام وهاب الذي اعتبر أنه ليس فقط العميد عبد الله من يتحمل المسؤولية، كذلك «الحزب الشيوعي» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، بينما صعّد رئيس تحرير جريدة الأخبار، المحسوبة على «حزب الله»، إبراهيم الأمين، بشكل غير مسبوق بوجه نصر الله، كاتباً مقالاً بعنوان «سيد حسن... إنه العار»، متّهماً إياه بالسكوت عن «الجريمة».
لكن، بعد كلام نصر الله عادت وسجلت بعض المواقف المثنية على كلامه الذي أكد خلاله عدم وجود صفقة، على غرار وهاب والسيد، فيما لم يصدر عن الآخرين أي ردود فعل.
وإضافة إلى هؤلاء الحلفاء والأصدقاء الذين كانت هويتهم واضحة بكلام نصر الله، يرى حرب أن كلامه لم يخل من الإشارة - وإن بشكل غير مباشر - إلى جهات حليفة أساسية، موضحاً: «لا أستبعد أن يكون قد قصد بكلامه التيار الوطني الحر، لكنه قصد أن يترك غموضاً، لأنه لا يريد أن يفتح صراعاً مع السلطة في هذه المرحلة». ويضيف: «من الواضح أن رسالته موجهة لحلفاء من مستوى معين، وليس لأشخاص بعينهم، خاصة أن الرئيس الأميركي كان واضحاً بكلامه عندما شكر الحكومة اللبنانية، ما يعني بذلك الوزارات المعنية في هذه الحكومة بقضية الفاخوري، من العدل إلى الدفاع، إضافة طبعاً إلى رئاسة الجمهورية».
ومع تأكيد حرب أنه لا يمكن أي جهة في لبنان أن تقوم بخطوة أو اتخاذ قرار كالإفراج عن الفاخوري من دون معرفة أو غض طرف من قبل «حزب الله»، يرى أن الهدف من كلام نصر الله ليس إلا تبرئة نفسه وحزبه مما حصل، خاصة أمام جمهوره، وهو بذلك لن يؤثر على علاقته مع «التيار الوطني الحر». وأوضح أن «حاجة الطرفين بعضهما لبعض تستدعي ترتيب البيت الداخلي من دون الإعلان عن الانكسار»، وهو الأمر الذي ينسحب على حلفائه الآخرين، بحيث إنه ليس من مصلحة الحزب في الوقت الحالي فرط عقد تحالفاته.



غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة إسرائيلية، الأحد، شاحنات تحمل مواد إغاثية وطبية في مصنع فارغ للسيارات الإيرانية جنوب مدينة حمص وسط سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد أيام من غارات طالت دمشق والحدود اللبنانية السورية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال «المرصد» إن طائرات إسرائيلية شنّت «غارات جوية بثلاثة صواريخ استهدفت(...) 3 شاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في معمل للسيارات الإيرانية بمنطقة حسياء الصناعية»، الواقعة جنوب المدينة.

وأدّت الغارة إلى إصابة 3 أشخاص من فرق الإغاثة، وتدمير الشاحنات القادمة من العراق لتقديم مساعدات إنسانية للبنانيين المتضررين من الغارات الإسرائيلية، وفق «المرصد».

من جهته، أكد مدير المدينة الصناعية في حسياء عامر خليل وقوع «أن عدواناً جوياً إسرائيلياً استهدف 3 سيارات داخل المدينة الصناعية، محملة بمواد طبية وإغاثية، والأضرار مادية»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الرسمية» (سانا).

يذكر أن حمص محافظة حدودية مع لبنان.

وكثّفت إسرائيل في الأيام الماضية وتيرة استهداف نقاط قرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، التي عبرها مؤخراً عشرات الآلاف هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان.

وأدّت غارة إسرائيلية، استهدفت فجر الجمعة منطقة المصنع في شرق لبنان، إلى قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا، وأتت بعد اتهام إسرائيل «حزب الله» باستخدام المعبر لنقل الأسلحة.

كما شنّت إسرائيل مراراً في الأيام الماضية غارات جوية داخل سوريا.

وأدت إحداها، الأربعاء، على منطقة المزة في دمشق إلى مقتل حسن جعفر قصير، وهو صهر الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي قتل بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر (أيلول).

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» الحليف لطهران ودمشق.

ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. ومنذ بدء غاراتها المكثفة في لبنان في 23 سبتمبر، شددت إسرائيل على أنها ستعمل على الحؤول دون نقل «حزب الله» لـ«وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.