قواعد الكتابة السليمة و«صنعة السرد»

«أعراف الكتابة السردية» لعبد الله إبراهيم

قواعد الكتابة السليمة و«صنعة السرد»
TT

قواعد الكتابة السليمة و«صنعة السرد»

قواعد الكتابة السليمة و«صنعة السرد»

في كتابه «أعراف الكتابة السردية» استخلص الناقد العراقي عبد الله إبراهيم ما رآه من «أعراف يلزم الأخذ بها من طرف معظم الروائيين العرب الذين رآهم يعفون أنفسهم بسهولة من كثير منها، فجاءت رواياتهم باهتة، لا تفي بقواعد الكتابة السليمة».
وقد ابتدأ الكتاب بالقول: «يتطلّع هذا الكتاب إلى الوقوف على أعراف الكتابة السردية، ولستُ أنا من يضع تلك الأعراف، بل حاولت اشتقاقها من تجارب الروائيين في الكتابة، ومن آرائهم فيما يكتبون».
ويذكر الناقد أن عدداً من الروائيين كتبوا رسائل إلى أقرانهم، بهدف عرض خبراتهم، وتجاربهم، للإفادة منها، «وقد اطّلعتُ على شيء منها، فراق لي، وأبهجني؛ لما فيه من خبرات صدرت عن ذوي تجارب عميقة في الكتابة، وعلى منواله حاولت تحرير هذا الكتاب، بهدف مخاطبة القارئ الذي افترض أن يكون روائياً، أو في طريقه إلى أن يكون كذلك، سواء نضجت تجربته أم ما زالت قيد التكوين. وما غاية هذا الكتاب أن أنسب إلى نفسي ما ليس لها، بل إسناد الأفكار إلى أصحابها؛ فاسترسلت في إيراد كثير منها؛ وبذلك انتهى الكتاب إلى مزيج من الوصف والتحليل مما يستجيب لتوقّعات قارئ السرد في الدخول إلى عالم الكتابة الروائية، فالناقد في بدء أمره يحاول أن يفسر كل شيء، غير أنه ما يلبث، بتقدّم العمر، وطول الممارسة، أن يجعل الأشياء تفسّر بعضها بعضاً، فيتحوّل من شخص يسعى إلى اشتقاق تفسيره الخاص إلى آخر يتولّى توفير الظروف المنهجية التي تجعل الأشياء تفسّر نفسها».
ويرى إبراهيم أن الظاهرة السردية منفتحة على تجارب الكتابة في العالم، ولها قدرة على ابتكار تقنيات جديدة تمكّنها من التعبير عن موضوعاتها بأفضل الطرق، فحيثما التفت الناقد، وهو يحلّل السرد يجد طرائق مبتكرة، فما أن تستقر نُظم السرد على حال، إلا وتنحسر أمام أخرى، يدفع بها السرد كالأمواج الهادرة. ومع أن السرد العربي الحديث انفتح على اتجاهات لم تكن معروفة من قبل على نطاق واسع، مثل: التخيّل التاريخي، والسرد النسوي، والسيرة الروائية، وموضوع الهوية، وموقع الأقليات، وتمثيل التجربة الاستعمارية، وهي قضايا شديدة الأهمية، إلا أن معظم الروائيين العرب لم ينتبهوا إلى القوة الجبارة للسرد، ولم يأبهوا بصنعته، فكتب بعضهم أعمالاً مترهّلة، غلب عليها الإنشاء السطحي، والوصف الساكن، والحبكات الرتيبة، والشخصيات النمطية، والنهايات المفتعلة. ويعود ذلك إلى عدم الاهتمام بالوظيفة التمثيلية للسرد، ومجافاة أعراف صنعته، ولن يسعفهم أحد في إثراء ما يكتبون غير حركة السرد العارمة في العالم.
وينفي الناقد إبراهيم مفهوم «الموهبة» ويقترح «الصنعة» بديلاً لها، مشدداً على ما اصطلح عليه «صنعة السرد» وهذا أمر جدير بالاهتمام، إذ تقترن كلمة «صنعة»، لدى كثير من القراء، والكتّاب، بتجشّم المشقّة في التأليف، وما يرادفها من تصنّع، وتكلّف، الأمر الذي يوحي بكتابة تعارض البديهة، وتخالف الطبع، فلا يصار إلى الاهتمام بجودة الصنعة، وإتقانها، وإحكامها، والحذق فيها، بل التظاهر بها، وتكبّدها من دون خبرة، وادّعاء المعرفة بها من غير دراية بقواعدها العامة.



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.