ماذا بعد انحسار موجة «كورونا» في العالم؟

ركاب يرتدون أقنعة وقفازات واقية أثناء انتظارهم لتسجيل الوصول لرحلة طيران الصين في مطار فرانكفورت (رويترز)
ركاب يرتدون أقنعة وقفازات واقية أثناء انتظارهم لتسجيل الوصول لرحلة طيران الصين في مطار فرانكفورت (رويترز)
TT

ماذا بعد انحسار موجة «كورونا» في العالم؟

ركاب يرتدون أقنعة وقفازات واقية أثناء انتظارهم لتسجيل الوصول لرحلة طيران الصين في مطار فرانكفورت (رويترز)
ركاب يرتدون أقنعة وقفازات واقية أثناء انتظارهم لتسجيل الوصول لرحلة طيران الصين في مطار فرانكفورت (رويترز)

غزا وباء «كوفيد - 19» الأنظمة الصحية الأوروبية مثل مدّ عاتٍ يتعيّن «الحدّ من طفراته» بأقصى قدر ممكن لحصر أضراره. لكن ما الذي سيلي هذا «التسونامي» كما وصفته الطواقم الطبية الإيطالية؟ هل يشهد العالم انحساراً معمماً للوباء وعودة إلى الأوضاع الطبيعية، أم «هزات ارتدادية» تضرب المستشفيات بانتظام؟
تقر المديرة العامة لوكالة «الصحة العامة» الفرنسية جنفياف شين بأن «الوقت ما زال مبكراً جداً لتأكيد أي أمر كان حول ديناميكية الوباء».
وتقول استناداً إلى تجارب الصين وكوريا الجنوبية، أول بلدين طاولهما الوباء، «نرى أن الديناميكية تجري على مرحلة شهرين إلى ثلاثة أشهر مع تسجيل انعكاس في الذروة إثر تدابير بالغة الشدة بين الشهرين الأول والثاني».
وبناء على ذلك، فمن المتوقع أن تشهد فرنسا انحساراً للوباء في مايو (أيار).
ويبدو في الصين أن موجة المدّ عبرت، إذ لم يسجل البلد السبت سوى إصابة جدية محلية واحدة بفيروس كورونا المستجد، بعد ثلاثة أيام من عدم تسجيل أي حالة محلية.
لكن اختصاصي علم الأوبئة والصحة العامة أنطوان فلاهو تساءل إن لم يكن هذا الهدوء الذي يسبق عاصفة جديدة.
وكتب في مجلة «ذي لانسيت» الطبية البريطانية: «هل يعقل أن تكون الصين شهدت مجرّد موجة منذرة وأن تكون الموجة الكبرى قادمة؟».
ولفهم تعقيدات مسار انتشار الأوبئة، لا بدّ من العودة إلى المرحلة التي تلت مباشرة الحرب العالمية الأولى، حيت اجتاحت الإنفلونزا «الإسبانية» العالم على ثلاث موجات، متسببة بمجزرة فاقت ويلات المعارك إذ أودت بنحو خمسين مليون شخص، قبل أن تزول.
ما الذي جعل تلك «الإنفلونزا الكبرى» تتبدّد؟ سؤال يلاحق علماء الرياضيات، ومنهم الأسكوتلنديان ويليام أوجيلفي كيرماك وأندرسون غراي ماكندريك اللذان يعملان على وضع نماذج رياضية تسمح بفهم تطور الوباء.
وشرح فلاهو الذي يدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف في سويسرا أن العالمين وجدا أن أي وباء لا يزول «بزوال المقاتلين»، أي أن «العامل المعدي» لا يزول في نهاية المطاف مع المرضى الذين يقضي عليهم، بل باكتساب الناس مناعة جماعية تعرف بـ«مناعة القطيع».
وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المناعة الجماعية هي نسبة الأشخاص المحصنين ضد الفيروس (سواء بالحقن أو التلقيح حين يكون اللقاح متوفراً) الواجب بلوغها لإزالة أي خطر بعودة الوباء إلى الظهور».
وتتوقف هذه النسبة على سهولة انتقال الفيروس من شخص مصاب إلى شخص سليم. ونظرياً، كلما كان المرض معدياً، ارتفعت نسبة الأشخاص المحصنين ضده الواجب بلوغها لوقف انتشاره.
ووفق حسابات فلاهو، «ينبغي أن يُصاب ما بين 50 و66 في المائة من الناس (بفيروس كورونا المستجد) وأن يكتسبوا مناعة ضده حتى يزول الوباء العالمي».
لكن مستوى انتقال العدوى يتبدل مع الوقت، بحسب التدابير الصحية المتخذة من حجر صحي وإقامة حواجز وحجر منزلي، كما أنه قد يتأثر بعوامل الطقس.
وإذا تدنى مستوى انتقال العدوى عن درجة 1، ما يعني أن كل مريض يعدي بالمعدل أقل من شخص، «عندها يتوقف الوباء» بحسب فلاهو. لكنه أضاف أن الوباء «لا يتبدد بالضرورة، خصوصاً إذا كانت نسبة المحصّنين ضدّه لم تتخط 50 إلى 66 في المائة. قد يلزم مرحلة توقف، وهذا ما حصل حالياً في الصين كما في كوريا (الجنوبية)».
وأوضح الخبير الفرنسي أن العوامل الصحية أو الجوية التي تكبح العدوى «مرحلية، وما إن تتلاشي، ينطلق الوباء من جديد حتى بلوغ مستوى المناعة الجماعية المذكورة» مشيراً إلى أن الأمر يستغرق «أحياناً عدة أشهر أو عدة سنوات».
كذلك رأى رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى «لا بيتييه سالبيتريير» الباريسي البروفسور فرنسوا بريكير أنه من المحتمل ظهور «موجات جديدة» من المرض.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية «إن عودة (كوفيد - 19) إلى الظهور احتمال قائم، مع إمكانية تسجيل ظهور موسمي».
بدورها تساءلت الخبيرة الأسترالية في الأمراض المعدية شارون لوين حول احتمال عودة وباء «كوفيد - 19» إلى التفشي بعد مرور الموجة الحالية.
وقالت: «لا نعرف إن كان سيعود» مذكرة بأن وباء سارس الناجم هو أيضاً عن فيروس من سلالة كورونا، تسبب بوفاة 774 شخصاً في 2002 و2003 قبل أن يختفي نهائياً بفضل تدابير «ابتعاد اجتماعي» صارمة.
وبالطبع سيتبدل الوضع بشكل جذري إذا صحّت وعود شركات الأدوية الكبرى وتم التوصل فعلاً إلى لقاح ضد «كوفيد - 19» وتوزيعه في العالم خلال مهلة 12 إلى 18 شهراً.


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».