عنصر المفاجأة والتكثيف.. واللمسة الأنثوية

القاصة السورية روعة يونس في مجموعتها «أعلى من السماء»

غلاف المجموعة
غلاف المجموعة
TT

عنصر المفاجأة والتكثيف.. واللمسة الأنثوية

غلاف المجموعة
غلاف المجموعة

تتطرق روعة يونس القاصة السورية في مجموعتها القصصية «أعلى من السماء» إلى مواضيع شتى، منها: النخوة وعذاب المواطن الفلسطيني والوجع والفقدان والحب. ويمكننا تقسيم مجموعتها إلى قسمين: القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا.
أما بالنسبة للقصص القصيرة فقد نجحت بشكل ملحوظ في القسم الأول والثاني من قصة «تمثال حلب» في عرضها لمعظم الأحداث والتصاعد الدرامي، ومن حيث خصوبة خيالها والإيحاءات التي تعكسها الشخصيات الأساسية في القصة. فالمشهد الأول كان لفتاة تجلس داخل الباص وتتأمل يوميا تمثالا كبيرا «يرمز للحب والحرية والسعادة يفتح ساعديه لكل القادمين إلى حلب».
ويتصاعد الخط الدرامي فيما بعد لندرك أن هذا التمثال الصامت الذي يعيش حالة انتظار دائمة هو البطلة العاشقة. تقول: «تصرّ أن هذا الحجر الفارغ والطالع في السماء، لا يمكن أن يكون إلا امرأة! لأن المرأة أكثر ثباتا على العشق، وصبرا على الانتظار». فبطلتنا هي تلك العاشقة الصامتة التي تنتظر طيلة سنوات «احتضان رجل تحبه».
لكن الكاتبة، في المقطعين الأخيرين، هبطت بالقيمة الرمزية للتمثال، وأسقطت الخط الدرامي حين تحدثت عن مجرد حادث سير قد يتعرض له آلاف البشر ولا يحمل أي دلالات فكرية أو إنسانية عميقة يمكن أن ترفع بخط القصة التي أوحى بها الجزء الأول والثاني.
أما بالنسبة للقصة القصيرة جدا، فأبدعت روعة يونس في قصة «الدرب»؛ فقد جمعت فيها أهم مميزات وخصائص القصة القصيرة التي يمكن تلخيصها، كما يقول الناقد نبيل المجلي بحق، في «الحكائية، والتكثيف، والوحدة، والمفارقة، وفعلية الجملة».
تبدأ هذه القصة بالعبارة التالية: «تمسك يد صغيرها بيمينها، وإكليل الزهور إلى يسارها، تودع الشمس قبر والده الشهيد..».
وهنا نرى فعليّة الجملة، حيث اختارت كلمة اليد الصغيرة لتحرك مشاعر القارئ وتشده لمتابعة القراءة والتعلق فيما بعد بالومضة الحكائية حين تحمل الأم إكليل الزهور في يسارها وهي اليد الأقرب إلى القلب.
وتأتي الجملة الأخيرة في القصة الضربة القوية التي تحمل في طياتها عنصر المفاجأة والتكثيف، فترفع القيمة الفنية والأدبية بشكل استثنائي حين تقول: «اليوم، ذهبت وحيدة في يدها إكليلان من الزهور».
وهنا يمكننا الإشارة إلى حسن اختيار روعة يونس للعنوان الذي «حفظ للخاتمة صدمتها» وكان قد تطرق إلى أهمية هذه النقطة الناقد سليم عباسي حين عرض ملامح القصة القصيرة جدا. وحافظت الكاتبة على تماسك الوحدة القصصية، فبدأت القصة وفي يد البطلة باقة من الزهور وانتهت ليصبح في يديها إكليلان من الزهور..
وهنا تعيدنا الكاتبة لأحداث المشهد الأول، ولكن مع تصاعد درامي حاد، وهو خسارة الأم لطفلها.
وتحمّل روعة يونس الأشياء المحسوسة دلالات ومعاني إنسانية كبيرة، كالفقدان والموت والانكسار والوجع والحسرة. فالأم لم تشهق في القصة ولم تبك ولم تخبرنا بغياب ابنها، فقد تولى عنها هذه المهمة إكليل الزهر الجديد! نشعر وكأننا نقرأ هذا النص من خلال عدسة مكبرة؛ فالنص بسيط التركيب، ولكن حين نسلط عدستنا المكبّرة عليه نرى عمق الكلمات والصور الدرامية الكبيرة المختبئة خلفها!
أما أسلوب روعة يونس فجاء بسيطا خاليا من التعقيدات اللغوية المفتعلة ليخدم سرد الأحداث من دون أن يخل بالمعنى، وكذلك تخلصت الكاتبة من الحشو الوصفي الذي لا يتناسب مع طبيعة هذا الأدب المقتضب.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.