تنحي رئيس المحكمة العسكرية في لبنان إثر انتقادات تلت الإفراج عن الفاخوري

عامر فاخوي مواطن أميركي لبناني متهم بتعذيب سجناء (أ.ب)
عامر فاخوي مواطن أميركي لبناني متهم بتعذيب سجناء (أ.ب)
TT

تنحي رئيس المحكمة العسكرية في لبنان إثر انتقادات تلت الإفراج عن الفاخوري

عامر فاخوي مواطن أميركي لبناني متهم بتعذيب سجناء (أ.ب)
عامر فاخوي مواطن أميركي لبناني متهم بتعذيب سجناء (أ.ب)

استقال رئيس المحكمة العسكرية في لبنان، اليوم (الجمعة)، احتجاجاً على حملة الانتقادات التي طالته إثر قراره بإطلاق سراح مواطن أميركي لبناني متهم بتعذيب سجناء عندما كان قيادياً في جماعة تعاملت مع إسرائيل أثناء احتلالها لجنوب البلاد، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وأقام عامر الفاخوري على مدى عشرين عاماً في الولايات المتحدة. ولدى عودته إلى لبنان في سبتمبر (أيلول) الماضي، أُوقف وأطلق القضاء العسكري آلية ملاحقة بحقه. لكن المحكمة العسكرية اللبنانية قررت الاثنين إطلاق سراحه.
وقال رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبد الله في كتاب التنحي، وفق ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام»: «احتراماً لقسمي وشرفي العسكري، أتنحى عن رئاسة المحكمة العسكرية التي يساوي فيها تطبيق القانون إفلات عميل، ألم أسير وتخوين قاض».
وأكدت مصادر قضائية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تنحي عبد الله «اعتراضاً على حملة الانتقادات التي شُنت ضده وتعرضه للتخوين»، إثر القرار الذي اتخذته المحكمة العسكرية الاثنين بإطلاق سراح الفاخوري، والذي اعتبرت فيه أن الجرائم المسندة إليه بتعذيب سجناء في معتقل الخيام والتسبب بوفاة اثنين منهم «سقطت بمرور الزمن العشري (أي مرور أكثر من عشر سنوات على وقوع الجرم)».
وانتقد «حزب الله» قرار المحكمة العسكرية الاثنين، متحدثاً عن «ضغوط وتهديدات أميركية سراً وعلانية لإجبار لبنان على إطلاق سراحه».
وأثار الإفراج عن فاخوري حملة انتقادات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الفاخوري قيادياً في ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» الذي كانت إسرائيل تموّله وتسلّحه. وبعد خروج إسرائيل من لبنان، هرب العديد من أفراد هذه المجموعة إلى إسرائيل أو إلى دول أخرى. وقد عاد بعضهم خلال السنوات الماضية، وغالبهم لم يتولوا مسؤوليات في «جيش لبنان الجنوبي»، وخضعوا لمحاكمات، ونالوا عقوبات، معظمها مخفف.
وكان الفاخوري غادر لبنان، في عام 1998، قبل عامين من انسحاب الجيش الإسرائيلي. في العام ذاته، صدر حكم غيابي بحقه بالسجن لمدة 15 عاماً مع الأشغال الشاقة لاتهامه بالعمالة لإسرائيل.
ويلاحق الفاخوري أيضاً في دعوى أخرى رفعها عدد من المعتقلين السابقين في سجن الخيام الذي كان يحتجز فيه ناشطون لبنانيون وفلسطينيون ضد إسرائيل في الجنوب، بجرم اعتقالهم وحجز حريتهم وتعذيبهم.
وبعد إطلاق سراح الفاخوري، سارع مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز إلى طلب نقض الحكم وإصدار مذكرة توقيف بحق الفاخوري وإعادة محاكمته، فيما أصدر قاضي الأمور المستعجلة في النبطية في جنوب لبنان قراراً بمنعه من السفر لمدة شهرين.
إلا أن مصدراً أمنياً قال إن الفاخوري نقل «من لبنان في مروحية حطت على مدرج السفارة الأميركية»، في عوكر، شرق بيروت.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس (الخميس) أن الفاخوري «في طريقه» إلى الولايات المتحدة.
وقال ترمب: «عملنا بجدّ لتحريره»، مضيفاً: «أشكر الحكومة اللبنانية التي عملت معنا»، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».