ترشيح الزرفي لرئاسة الحكومة يصطدم بمحور إيران في العراق

أميركا تخلي قواعد وسط قلق من «داعش»

لافتتان مناهضتان لترشيح رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في بغداد أمس (أ.ب)
لافتتان مناهضتان لترشيح رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

ترشيح الزرفي لرئاسة الحكومة يصطدم بمحور إيران في العراق

لافتتان مناهضتان لترشيح رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في بغداد أمس (أ.ب)
لافتتان مناهضتان لترشيح رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في بغداد أمس (أ.ب)

بعد مرور ثلاثة أيام على ترشيح محافظ النجف السابق عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، لا يوجد في الأفق ما يدل على نهاية الأزمة بعد تصاعد الرفض له من قبل كتل شيعية بارزة، فضلا عن الفصائل المسلحة القريبة من إيران.
وبينما بدأ الزرفي مشاورات غير رسمية مع العديد من الأطراف السياسية، فإن همه الأول يبدو، وطبقا لسياسي عراقي مطلع، أبلغ «الشرق الأوسط»، أن «يفتح خطوط تواصل عبر وسطاء مع الأطراف الرافضة لترسيخه، والتي ينتمي قسم منها إلى المحور القريب من إيران».
وقال المصدر إن «الزرفي فوجئ بهذا الرفض مع أن النواب الذين حضروا مراسم تكليفه ينتمون إلى كتل شيعية مختلفة قسم منها ينتمي إلى الجهات التي رفضت أو تحفظت عليه؛ نظرا لكون الزرفي كان أحد المرشحين للمنصب منذ فترة ولم يسجل أحد اعتراضه عليه».
وأكد السياسي المطلع أن خطاب الزرفي الذي ألقاه بعد التكليف بدا طبيعيا سواء فيما يروم القيام به من إجراءات أو تعهدات بعكس خطاب سلفه، الذي اعتذر، محمد توفيق علاوي والذي كان حادا جدا ومع ذلك كان رفضه طبيعيا ضمن السياقات الدستورية في البرلمان.
وردا على سؤال فيما إذا كان سيعمل الزرفي على نوع من تعبئة القوى المؤيدة له سواء من الكتل الشيعية، وفي المقدمة منها «سائرون» أو السنة والكرد المؤيدون له، يقول السياسي العراقي إن «من الصعب على السنة والكرد الذهاب نحو حكومة أزمة وبالتالي فإنه يتوجب على الزرفي حسم موقفه داخل البيت الشيعي قبل أي تفاهم مع السنة والكرد لأن ذلك يعد مضيعة للوقت في وقت يعاني فيه العراق من أزمات خانقة منها انهيار أسعار النفط وأزمة كورونا». وتابع السياسي المطلع أن «السنة والكرد لن يمضوا في حكومة أزمة لأنه من دون حل الأزمة داخل البيت الشيعي فلن يكون هناك حل داخل الفضاء الوطني».
إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية أن «هناك مساع لاستبدال مرشح تسوية آخر بعدنان الزرفي، وهو المرشح السابق نعيم السهيل الذي كاد الرئيس برهم صالح يرشحه لولا ظهور خلافات في اللحظات الأخيرة بين القيادات الشيعية». وطبقا لما تداولته وسائل إعلامية محلية عراقية فإن «اجتماعا عقد الليلة الماضية لهذا الغرض من أجل دعم إعادة ترشيح السهيل».
إلى ذلك، وبينما أكد ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي وينتمي إليه الزرفي أن الأخير كان مرشح رئيس الجمهورية برهم صالح بعد حصول توافق عليه من قوى شيعية عديدة ونواب من مختلف الكتل فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أعلن عن توفر قائمة بأسماء 170 نائباً ترفض تولي المكلف عدنان الزرفي لرئاسة مجلس الوزراء. وقال المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون بهاء الدين النوري في تصريح صحافي أمس الخميس إن «الكتل السياسية في تحالف البناء بالإضافة إلى كتلة الحكمة عقدت اجتماعاً قبل يومين أعلنت عن موقفها الرسمي الرافض بشأن المكلف لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي، اعتراضا على آلية ترشيحه وتكليفه هذا المنصب».
وأضاف أن «تحالف البناء باعتباره الكتلة الكبرى طالب رئيس الجمهورية برهم صالح، بالكشف عن الآلية التي استند إليها خلال تكليف الزرفي»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية تجاوز الدستور وأدخل البلاد في أزمة سياسية بدلا من أن يكون حامي الدستور والقانون». ولفت النوري، إلى أن «كتلة البناء التي يتجاوز عدد نوابها 170 نائبا - من أصل 329 نائباً في البرلمان - ترفض تكليف الزرفي ولن يشاركوا في حكومته المقبلة في حال حصولها على ثقة مجلس النواب العراقي».
تأتي هذه التطورات في وقت بدأت واشنطن انسحابا من بعض القواعد العسكرية العراقية غرب العراق وتسليم مهامها للقوات العراقية في وقت تزداد مخاطر عودة تنظيم «داعش». وقال المتحدث الرسمي للعمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن «انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم، هو انسحاب كامل وليس إعادة انتشار».
وأضاف أن «انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم التي تضم فريقاً من الاستشاريين والخبراء والفنيين، تم ضمن جدول زمني لغرض الانسحاب الدائم». وبين الخفاجي، أنه «في الأسبوع المقبل سيحصل انسحاب أميركي من قاعدة القيارة، وبعدها قاعدة k1 في كركوك، وهناك جدول زمني أعد من قبل الحكومة العراقية بالتعاون مع العمليات المشتركة»، مؤكداً أن «قوات التحالف الدولي ستنسحب جميعها من العراق». وأوضح الخفاجي أنه «بعد انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم، قامت قيادة عمليات الجزيرة المتمثلة بقائدها بتحريك فوج أخذ محل القوات المنسحبة وباشر عمله بشكل فوري».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.