9 سنوات على الثورة السورية: ساحة لذئاب الإقليم

TT

9 سنوات على الثورة السورية: ساحة لذئاب الإقليم

تترك الذكرى التاسعة لبداية الثورة السورية مرارة حادة في العقل والقلب. فهنا، حيث تبدو البدايات نائية وقد ضاعت تفاصيلها فيما النهايات غير منظورة وراء أفق من الحطام والتشرد والمصائر المحطمة، تخلّف الذكرى المشرق العربي وراءها جامدا ينتظر التغيير على وقع حدث يأتي خارجه.
لعل الدروس المستقاة من تلك الثورة المغدورة، من النوع السلبي التي تكمن فائدتها في عدم اتباعها وليس بالسير على هديها. هي دروس عن عالم اليوم وقيمه ومؤسساته ومعاييره. جميعها شكل فضيحة إذا قورنت بالدعاية التي أحيطت بها منذ نهاية الحرب الباردة عندما روجت مقولات حقوق الإنسان والحماية الدولية ودور المنظمات غير الحكومية كبدائل عن التوازن الذي كان يفرضه التنافس بين المعسكرين وقدرة دول العالم وشعوبه على انتزاع مكتسبات ملموسة في ظل صراع الجبارين، الاشتراكي والرأسمالي، ابتداء من التحرر الوطني في الدول المستعمرة وصولا إلى الضمانات الاجتماعية في الشمال الغني.
الثورة السورية، أعادت تلك القيم التي قيل إنها باتت كونية بقدر كونية الرأسمالية الظافرة وسوقها الحرّ، أعادتها إلى نسبيتها وحدودها الضيقة. لم يتحرك العالم لوقف قتل المتظاهرين السلميين في الشهور الأولى للثورة، ولم يدعم المعارضين ولم يعترف بهم وبهيئاتهم ولم يمنحهم المقاعد في المنظمات الدولية ولم يسلح المقاتلين الذين ردوا على العنف الوحشي والمنهجي الذي مارسه النظام منذ اليوم الأول للانتفاضة بعنف رمى إلى حماية المدنيين أولا قبل أن يتحول إلى أداة لإسقاط حكم عائلة الأسد. كل دعم وكل اتصال سياسي وكل مؤتمر حصلت الثورة عليه، أخفى مقدموه وراء ظهورهم أطماعا ونوايا سرعان ما كانت تنهمر على السوريين كوارث ليس أقلها تشكيل الميليشيات الجهادية التي أعاقت كل تقدم نحو تغيير النظام وفرضت ديكتاتوريات صغيرة يقودها مأجورون يباعون ويشترون بين كل ما يمكن تصوره من أجهزة استخبارات في العالم. أما «الخط الأحمر» الأميركي الشهير فلم يصمد أمام امتحان السلاح الكيماوي الذي قصفت به قوات الأسد سكان الغوطة ذات صباح من أغسطس (آب) 2013.
منذ اندلاع الثورة، لم يكن في جعبة الدول القريبة والبعيدة غير سياسات انتهازية. سياسات تشبه مؤامرات القرن التاسع عشر ومناكفاته أكثر مما تنتمي إلى منظومة العالم الجديد الناشئ بعد الحرب الباردة. سلطت الثورة السورية الضوء على خواء الأمم المتحدة و«قلقها» الزائف وعلى إفلاس مندوبيها وعجزهم عن اجتراح حلول من خلال التوسل والبهلوانيات الدبلوماسية.
وأبرزت الثورة الحقيقة المريرة للحد الذي يمكن أن يصله العنف في مجتمع منقسم عرقيا وطائفيا، حيث لا يبقى من القوة والسلاح غير وهم الإبادة للآخر وواقع القمع للذات.
ومن بين ما عرضته الثورة أمام ناظري شعوب المشرق، تلك المضامين الدموية لمصطلحي الأكثرية والأقلية. فالأولى ليست، في نظر من يصنفون أنفسهم أكثرية، غير أداة لسحق الأقلية وتهميشها وحرمانها من حقها في الشراكة السياسية على أساس التجربة البائسة التي انتهى إليها حكم حزب «البعث» والطائفة العلوية التي سيطرت عليه منذ وصوله إلى السلطة بانقلاب مارس (آذار) 1963، أما الأقلية الحاملة لشعارات التقدم والعلمانية، فلا تتورع أن تجعل من هذين الشعارين معادلين لنزع هوية الأكثرية وتدميرها بحجة ضمان حقوق الأقليات والحيلولة دون سيطرة الإسلام السياسي على الحكم.
بين هاتين الرؤيتين الإقصائيتين، وبعد إخفاق المعارضات المختلفة على مدى تسع سنوات في تقديم أي نموذج يستطيع أصحابه التعايش مع بعضهم - قبل التفاوض مع النظام أو القوى الدولية - من خلال الاعتراف بالتنوع والتعدد ضمن قوى المعارضة، لم يكن غريبا أن تضمحل المعارضة السياسية والمسلحة والمدنية، وأن يجري اغتيال الناشطين السياسيين والإعلاميين في المناطق «المحررة» وفي دول ساد اعتقاد أنها آمنة للعمل المعارض.
ضربت كل علامات المعارضة المطالبة بدولة مدنية، بأيدي قتلة أجانب وسوريين. وفتحت الساحة أمام عملية تقاسم دولية تتجاور فيها القوات الروسية مع تلك الأميركية والحرس الثوري الإيراني مع المراقبين الأتراك، ناهيك عن ميليشيات طائفية جيء بها من أفغانستان ولبنان والعراق وغيرها، لا تنفع إلا في رفع الجدران أمام الحل السياسي بعد فشل المحاولة العسكرية التي قامت المعارضة بها.
انهيار المعارضة والنظام اللذين لم يبق منهما سوى أشباحهما، استقدم ذئاب الخارج التي تتفاوض وتتقاسم وتوفر الحمايات والمصالح لبعضها. الشعب والمجتمع السوريان يحتاجان إلى أعوام طويلة ليعودا إلى حيز التأثير.



أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».