دعوات إلى حوار جامع برعاية عون لإعلان حالة طوارئ سياسية

TT

دعوات إلى حوار جامع برعاية عون لإعلان حالة طوارئ سياسية

قال مصدر سياسي بارز في المعارضة إن مرحلة ما بعد تفشّي وباء فيروس «كورونا» في لبنان، غير تلك التي كانت قائمة قبل انتشاره، وهذا يتطلب من الجميع أعلى درجات التضامن الوطني، لأن هذا الوباء هو بمثابة حرب عالمية ثالثة تجتاح دول العالم بأجمعه، ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن التعبئة العامة التي دعت إليها الحكومة، ولو متأخرة، بإعلان حالة طوارئ صحية، يجب أن تتلازم مع تعبئة سياسية تشارك فيها جميع الأطراف، لأن هذا الوباء لا يستهدف طرفاً سياسياً دون الآخر، أو طوائف ومذاهب معينة، وإنما يهدد الأمن الاجتماعي والصحي لجميع اللبنانيين.
ولفت المصدر نفسه إلى ضرورة تضافر جهود اللبنانيين بطوائفهم وأحزابهم وتياراتهم لإبقاء لبنان ما أمكن على خط الأمان، لمحاصرة هذا الوباء القاتل، ومنع انتشاره وتمدُّده، وقال إن خفض كلفة الفاتورة البشرية بتطويقه يتطلّب رفع منسوب التدابير الصحية والإجراءات الوقائية التي هي الأساس في توفير الحماية الصحية، خصوصاً أن لا مفر من الاعتماد أولاً وأخيراً على النفس، نظراً لانشغال العالم في مكافحة هذا الفيروس.
واعتبر بأن الأولوية في مكافحة «كورونا» يجب أن تنطلق من اعتماد لبنان على إمكاناته الذاتية ومبادرة الحكومة إلى تأمين كل المستلزمات الطبية والصحية لمحاصرة هذا الوباء، من دون أن يعني عدم الالتفات إلى المجتمع الدولي ومؤسساته الصحية والمالية، طلباً للمساعدة.
ورأى المصدر السياسي أن إعلان التعبئة العامة يجب أن يقود حتماً إلى إعداد خطة إنقاذية صحية وقائية لحماية اللبنانيين، وقال إن من شروط تفعيلها التجاوب مع الإرشادات الصادرة عن وزارة الصحة العامة لجهة تطبيق العزل الذاتي.
وقال إن هذه الخطة ستدفع بصورة مؤقتة إلى ترحيل البحث في الخطة الإنقاذية التي وعدت حكومة الرئيس حسان دياب بطرحها في 11 مايو (أيار) المقبل، وعزا السبب إلى أن الأولوية تكمن في توفير الشروط لبقاء البلد على قيد الحياة بالمعنى السياسي للكلمة، وبعدها لكل حادث حديث. إضافة إلى أن خطة الإنقاذ الاقتصادي لن تكون كما كانت قبل اجتياح هذا الوباء القاتل لبنان.
لكن المصدر السياسي نفسه سأل الحكم والحكومة: ما المانع الذي لا يزال يحول دون تدعيم خطة الطوارئ الصحية بخطة أخرى تتلازم معها وتقوم على إعلان التعبئة السياسية التي تؤدي إلى تموضع المعارضة والموالاة في خندق واحد بعيداً عن المهاترات، وتبادل الاتهامات، والاستمرار في إقحام البلد في سجالات لا مبرر لها.
وقال إن المسؤولية في إعادة لمّ شمل البلد لمواجهة العدو المشترك المتمثل في وباء «كورونا» تقع على عاتق رئيس الجمهورية ميشال عون، ورأى أن أمامه فرصة قد تكون الأخيرة لتعويم عهده مع انقضاء أشهر على النصف الثاني من ولايته الرئاسية.
وفي هذا السياق، سأل المصدر السياسي ما إذا كانت هناك دوافع غير مرئية لا يعرف بها إلا فريقه الاستشاري وتياره السياسي ما زالت تقف عائقاً في وجه مبادرته إلى الاتصال بقيادات المعارضة ودعوتها للمشاركة في حوار جامع يرعاه هو شخصياً، يكون بنده الأساسي إعلان حالة طوارئ سياسية تشكل رافعة للارتقاء بالتضامن الوطني الذي شدّد عليه في كلمته التي وجّهها أخيراً إلى اللبنانيين، إلى أعلى مستوياته، باعتبار أن لبنان يواجه عدواً مشتركاً، ولم يعد من مبرر لإقحامه في لعبة تصفية الحسابات السياسية.
وشدّد على أن لبنان يدخل في مرحلة شديدة الخطورة، ورئيس الجمهورية هو الأقدر على إعادة جميع اللبنانيين تحت سقف إتمام الجاهزية القصوى للتصدّي لهذا الوباء، خصوصاً أن قيادات المعارضة بدءاً بزعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ومروراً برؤساء أحزاب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، و«القوات اللبنانية» سمير جعجع، و«الكتائب» النائب سامي الجميل، كانوا بادروا منذ اللحظة الأولى لغزو هذا الوباء لبنان إلى إصدار مواقف داعمة وتضامنية، ودعوا لتضافر الجهود لوقف زحف هذا العدو القاتل.
ورأى أن قيادات المعارضة اتخذت مواقف مسؤولة، ولم تتصرّف في التصدّي لهذا الوباء من باب استغلال تردُّد الحكومة في إعلان التعبئة العامة وتأجيل اتخاذ القرار إلى الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء، بدلاً من أن تعلنها في الأسابيع الأولى من انتشاره أو لجهة دعوتها للاستقالة لتجلس مكانها، وقال إن على «العهد القوي» أن يلتقط اللحظة المناسبة لمعاودة التواصل مع خصومه، وهل هناك أخطر من هذه اللحظة؟
وسأل المصدر عن الدوافع التي تملي على الرئيس دياب إصدار مواقف يغمز فيها من قنوات بعض القوى المعارضة، وهل كان مضطراً لاتهامها باللجوء إلى الاستثمار السياسي والمزايدات الشعبوية من دون أن يتقدم من اللبنانيين بأدلة دامغة تدين مَن يكيل لهم من دون أن يسميهم كل هذه الاتهامات.



إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
TT

إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)

أعادت 4 أسواق في حلب القديمة بشمال سوريا فتح أبوابها، بعد إنهاء أعمال ترميمها من أضرار لحقت بها خلال معارك عصفت بالمدينة، منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

وشكّلت مدينة حلب، إحدى خطوط المواجهة الرئيسية بين القوات الحكومية وفصائل معارضة من صيف العام 2012 حتى نهاية 2016، تاريخ استعادة دمشق -بدعم روسي- سيطرتها على كامل المدينة. وبعد سنوات، لا تزال المدينة القديمة والأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل ترزح تحت دمار كبير.

وأعيد، مساء الأربعاء، وفق مصور «وكالة الصحافة الفرنسية»، افتتاح 4 أسواق في المدينة القديمة التي استقطبت قبل اندلاع النزاع آلاف التجار والسياح، بحضور مسؤولين وفاعليات محلية وممثلين عن منظمات غير حكومية.

إحدى أسواق حلب القديمة بعد الترميم (إ.ب.أ)

وانضمت الأسواق الـ4 التي أعيد ترميمها بشراكة بين مؤسسة مدعومة من السلطات ومنظمات غير حكومية، إلى 3 أسواق أخرى جرى افتتاحها سابقاً، من إجمالي 37 سوقاً تحيط بقلعة حلب الأثرية.

في سوق السقطية 2، أعاد عمر الرواس (45 عاماً) افتتاح ورشته ذات الجدران المبنية من الحجر، والتي ورثها ومهنة رتي السجاد عن والده.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين تحيط به سجادات معلقة على الجدران: «عندما دخلت إلى المحل، وبدأت دق المسامير لتعليق السجاد والبسط... ووضعت الطاولة والإبرة، شعرت كأنني عدت 35 عاماً إلى الوراء، وكأن المكان استعاد روحه».

وبعدما خسر زبائنه ومحله خلال سنوات الحرب، يقول الرواس: «إن الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك». ويشرح: «اليوم، يأتي المغتربون ويفتحون منازلهم، ليجدوا أنّ العثّ قد ضرب سجاداتهم، فيقدمون على إصلاحها، خصوصاً أن بعضها قد يكون ذكرى وبعضها له قيمته».

الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك (إ.ب.أ)

ولطالما اشتهرت حلب، التي شكّلت العاصمة الاقتصادية لسوريا، بأسواقها التجارية القديمة التي تمتد على طول نحو 100 متر في المدينة القديمة، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها.

واحترقت الأسواق في سبتمبر (أيلول) 2012، أثناء معارك ضارية شهدتها المدينة. وتقدر منظمة الـ«يونسكو» أن نحو 60 في المائة من المدينة القديمة تضرر بشدة، في حين تدمر 30 في المائة منها بشكل كامل.

اشتهرت حلب بأسواقها التجارية القديمة المدرجة على قائمة الـ«يونسكو» للتراث المهدد بالخطر (إ.ب.أ)

ورغم سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة عام 2016، بعد سنوات من القصف والحصار وإجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق رعته كل من إيران وروسيا، الداعمتين لدمشق، وتركيا الداعمة للفصائل، لا يزال هناك دمار هائل يلف المدينة القديمة وأسواقها. وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة العام الماضي، الوضع سوءاً في حلب.

ودفع القتال خلال المعارك، ثم الظروف الاقتصادية والأمنية لاحقاً، مئات التجار المتمولين ورجال الأعمال للهجرة، وتأسيس أعمال ومصانع، خصوصاً في مصر والعراق وتركيا.

لا يزال الدمار يلف المدينة القديمة وأسواقها وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا العام الماضي الوضع سوءاً (إ.ب.أ)

وداخل الأسواق، تستمر أعمال الترميم ببطء، في وقت تحد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، بعد 13 عاماً من الحرب، من قدرة السلطات على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار.

ويقول عبد الله شوا (49 عاماً) الذي يبيع أنواعاً عدة من الصابون، فخر الصناعة في المدينة: «تركنا المصلحة وتعذبنا كثيراً خلال أيام الحرب، لكن الحمد لله استعدنا الروح».

ويضيف: «سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت».