«استيطان الإرهاب» يفاقم المشكلات في أطراف باكستان

هناك ما يقرب من 3500 أجنبي في المناطق القبلية الباكستانية

«استيطان الإرهاب» يفاقم المشكلات في أطراف باكستان
TT

«استيطان الإرهاب» يفاقم المشكلات في أطراف باكستان

«استيطان الإرهاب» يفاقم المشكلات في أطراف باكستان

بعد أسبوعين من مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن على يد القوات الخاصة الأميركية، أطلع الجنرال أحمد شجاع باشا، الرئيس التالي لجهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية، البرلمان الباكستاني في جلسة سرية أن هناك ما يقرب من 3500 أجنبي في المناطق القبلية الباكستانية.
غالبية أولئك الأجانب هم من العرب، وما يزيد على الألف منهم هم أطفال عرب من زوجات باكستانيات، وبعض الجهاديين السائحين، وشرذمة قليلة من المتشددين الأوزبك، والطاجيك، والشيشان، والأويغور، حسبما أخبر الجنرال أحمد شجاع باشا البرلمان الوطني هناك بتاريخ 13 مايو (أيار) عام 2011.

يقول معظم المراسلين الباكستانيين الذين يغطون أخبار المناطق القبلية بانتظام إن «إجمالي عدد المقاتلين الأجانب في المناطق القبلية الباكستانية هي مسألة تخمينية بحتة». حيث يقول صحافي باكستاني رفض ذكره هويته إن «العدد الحقيقي للمتشددين الأجانب الموجودين في المناطق القبلية والحدودية غير معروف».
وفي الواقع، فإن عدد المتشددين الباكستانيين كذلك هو أمر يخضع للتخمينات والجدال حيث ترتفع الأرقام حتى مستوى 11 ألفا في بعض الأوقات من قبل مختلف المصادر والمؤسسات، ومن بينها أجهزة الاستخبارات.
ويفيد أحد التقديرات في كثير من الأحيان بأن الرقم يدور حول 11 ألف مقاتل من الرجال، بما في ذلك الباكستانيين والأجانب، ممن يحملون السلاح في المناطق القبلية والحدودية في 3 محافظات حدودية متجاورة في أفغانستان.
خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014، شن الجيش الباكستاني عملية لطرد المتشددين المحليين والأجانب خارج منطقة شمال وزيرستان، والتي ظلت لوقت طويل مركزا لأنشطة المتشددين العاملين على الأراضي الباكستانية. وفي المراحل الأولى من العملية طوق الجيش الباكستاني المنطقة التي يوجد بها العرب والمسلحون الأجانب في منطقة شمال وزيرستان القبلية.
وقد أوضح المتحدث الرسمي للجيش الباكستاني الأمر بجلاء أن تلك العملية غير موجهة ضد مسلحي حركة طالبان المحلية فحسب. حيث يقول اللواء عاصم باجوا، المتحدث العسكري الباكستاني، في إجابته على سؤال حول ما إذا كان الجيش الباكستاني سوف يستهدف المسلحين الأجانب، وهو مصطلح غالبا ما يعني المتشددين من العرب: «تلك العملية موجهة ضد كل جماعة تقاوم قبضة الدولة، باستثناء مواطني شمال وزيرستان بالطبع. إذا أراد أحدهم الاستسلام فنحن لدينا شروط لذلك.. ولكن كل من يقاوم قبضة الدولة سوف تتم إزالته». هذا وقد تم تحديد وتطويق مواقع المتشددين من العرب، والشيشان، والمتمردين الصينيين، والأوزبك، وشبكة جلال الدين حقاني، قبل بدء الهجوم البري والذي قد يبدأ في أي لحظة في شمال وزيرستان.
وقال اللواء عاصم باجوا في مؤتمر صحافي داخل مقر القيادة العامة للجيش الباكستاني، موضحا تفاصيل حول نشوء منطقة شمال وزيرستان كمركز للمتشددين، حيث تتلاقى الجماعات الإرهابية من كل حدب وصوب في تلك المنطقة منذ 5 سنوات: «تلك هي بداية النهاية للإرهاب في باكستان. يرجع كل هجوم إرهابي تشهده المدن في السنوات الأخيرة إلى منطقة شمال وزيرستان.. فقد تتبعنا آثار الهجوم على الكنيسة والهجوم على سوق كيسا - خاواني إلى شمالي وزيرستان»، على نحو ما أخبر الصحافيين في المؤتمر المذكور.
قامت القوات الباكستانية بالفعل بقتل بعض العرب والأوزبك في المرحلة الأولى من العملية بالقرب من ميران شاه حينما كانوا يخططون لزرع قنبلة على جانب الطريق. وفقا للسيد مالك إقبالن المدير السابق لوكالة التحقيقات الفيدرالية الباكستانية والخبير في شؤون مكافحة الإرهاب، فإن العرب والأوزبك، الذين تقدر قوتهم بمئات المقاتلين، هم من أكثر الجنسيات صلة بحركة طالبان الباكستانية.
وتؤكد مصادر مستقلة أن المسلحين العرب والتنظيمات التابعة لهم قد تفرقوا خلال فترة طويلة قبل بدء قوات الجيش رسميا في العملية العسكرية في شمال وزيرستان. وقال السيد محمد أمير رانا كبير الخبراء الباكستانيين في شؤون المتشددين لصحيفة «الشرق الأوسط» إن «القبائل المحلية والمسلحين العرب مع عائلاتهم قد بدأوا في الانتقال إلى المحافظات الأفغانية المتاخمة مثل نورستان وخوست توقعا منهم للعملية العسكرية الباكستانية المرتقبة».
وقد استبعد اللواء عاصم باجوا، مع ذلك، إمكانية هروب أي شخص من شمال وزيرستان، بعد بدء العلميات العسكرية بالطبع، حيث قال «بمجرد تطويق الجيش للمناطق هناك، فلن يتمكن أي أحد من الفرار من هناك. ولكن، أجل، هناك احتمال لهروب المقاتلين الأجانب من هناك بعدما طلب الحاكم الإقليمي من شيوخ القبائل طرد المسلحين، وحدث ذلك قبل وقت طويل من بدء العملية العسكرية». وهناك مثال آخر على هروب المسلحين من شمال وزيرستان عندما غير بعض المتشددين من مواقعهم إلى منطقة كوروم أثناء سفرهم عبر الأراضي الأفغانية، حيث أضاف اللواء باجوا قائلا «أعددنا خططا لاستهدافهم في منطقة كوروم».
سببت العملية العسكرية المذكورة معضلة حقيقية لعشرات من نساء القبائل المحلية واللاتي تزوجن من المقاتلين الأجانب، وخصوصا من الجنسيات الأوزبكية والعربية، والذين يواصلون تحمل قدر لا يطاق من الارتباك وانعدام الشعور بالأمن.
وفي الوقت الذي تستهدف فيه المؤسسة العسكرية الباكستانية مخابئ المقاتلين من طالبان والأوزبك، فإن غالبية المقاتلين الأجانب الآخرين – في حين أنهم يتركون أطفالهم وزوجاتهم وراءهم – قد غادروا، بحسب ما ورد من أنباء، إلى أجزاء أخرى من المناطق القبلية أو إلى أفغانستان. ولأسباب واضحة، فإنه يتعذر حاليا على أولئك المقاتلين الأجانب اصطحاب عائلاتهم معهم أثناء انتقالهم إلى أماكن يشعرون فيها بالأمان. ومنذ مغادرة منطقة شمال وزيرستان، طبقا للسكان المحليين، فإنه لا يكون هناك اتصال من أي نوع بين الأزواج الأجانب وبين زوجاتهم حيث لا تتوافر أي وسائل للاتصالات هناك.
وعلى غرار بقية نساء القبائل، فإن غالبية الزوجات المهجورات، جنبا إلى جنب مع أطفالهن، قد انتقلن كما ورد إلى مدن باكستانية طلبا للأمان مثل: بانو، وديرا إسماعيل، وتانك، ولاكي ماروات، إلخ. ويعشن حاليا مع أقاربهن. وليست تلك النساء على يقين من مقتل أزواجهن أو بقائهم على قيد الحياة في منطقة الصراع عالية الخطورة في شمال وزيرستان.
وقد تسببت العملية العسكرية في تشريد ما يقرب من مليون من رجال القبائل المحلية الذين يناضلون بحثا عن مأوى في المناطق المأهولة من خيبر باختونخوا. وقد أفاد أحد التقارير، خلال العملية العسكرية الحالية، بمقتل نحو 450 مسلحا - معظمهم من العرب والأوزبك – خلال العمليات. هذا ويشعر بقية الأوزبك وغيرهم من الأجانب الذين لم يتمكنوا من المغادرة بحالة عميقة من عدم الأمان فيما يتعلق بوضعيتهم ومستقبلهم في وزيرستان وهم يتطلعون كذلك إلى الفرار إلى أفغانستان. لعلهم، على ما يبدو، أنهم يفضلون المغادرة من دون اصطحاب زوجاتهم المحليات معهم، على الرغم من أنه أثناء الحديث مع صحيفة «الشرق الأوسط» خلال الزيارة الأخيرة إلى مدينة بانو، زعم بعض السكان المحليين أن الكثير من الجهاديين يريدون اصطحاب زوجاتهم وأطفالهم معهم، غير أن مضيفيهم من أهل القبائل المحلية يحولون بينهم وبين تحقيق رغباتهم.
تنتمي بعض النساء اللاتي تزوجن من مقاتلين أجانب إلى عائلات فقيرة، وقد استولوا على مبالغ مالية من أزواجهم من خلال العرف القبلي المسمى (Volvar)، وهو تقليد تأخذ بموجبه عائلة الفتاة أموالا من العريس. ويستمر الجهاديون الأثرياء نسبيا بتدليل زوجاتهم وأصهارهم حتى بعد الزواج. وقريبا سوف تنتهي حالة الأمن المالي والمحسوبية للزوجات المهجورات إذا ما سحق الجيش الباكستاني المتشددين كلية في المنطقة.
فر المسلحون الأجانب خلال العمليات العسكرية السابقة على أماكن مهجورة، ولم تكن النساء تعرف شيئا عن أماكن وجود ومصير أزواجهن، وبعضهم لم يجر أي اتصال مع زوجته أبدا. وبعض النساء كن محظوظات إذ عاد إليهن أزواجهن بعد فترة.
ووفقا للتقارير فإن هناك نحو 12 جماعة مدرجة من الأجانب المسلحين، وأكثرها شهرة هي تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري خليفة أسامة بن لادن، والحركة الإسلامية في أوزبكستان «IMU»، واتحاد الجهاد الإسلامي والذي يعتبر فرعا منشقا عن الحركة الإسلامية في أوزبكستان «IMU»، وحركة شرق تركستان الإسلامية «ETIM»، والتي تألفت من الانفصاليين الصينيين من مسلمي اليوغور تحت قيادة عبد الله منصور، وحركة طالبان الشهيرة وشبكة حقاني التابعة لها.
تفيد بعض التقارير في الإعلام المحلي والأجنبي بأن المسلحين العرب قد شرعوا في الانتقال إلى سوريا عقب بدء العمليات العسكرية الباكستانية هناك. ومع ذلك، يقول الخبراء إن ذلك ليس حقيقيا، حيث قال المعلق الباكستاني رحيم الله يوسف زاي «ليس من دليل واضح حتى الآن يفيد بأن المقاتلين الأجانب ينتقلون بأعداد ملحوظة إلى ساحات قتال جديدة مثل سوريا، أو العراق، أو اليمن».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».