الحراك العراقي يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل

معتصمو التحرير يعلّقون تواجدهم في الساحة للوقاية من «كورونا»

الحراك العراقي يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل
TT

الحراك العراقي يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل

الحراك العراقي يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل

رفضت غالبية الاتجاهات داخل جماعات الحراك الاحتجاجي العراقي، تكليف عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي. الأمر الذي قد يرجح فرضية فشل الزرفي في تشكيل الحكومة وتعرضه لمصير سلفه محمد توفيق علاوي، حين أخفق في مهمته وقدم اعتذاره لرئيس الجمهورية مطلع مارس (آذار) الحالي.
ويعزز من تكهنات فشل الزرفي تطابق وجهات نظر جماعات الاحتجاج، ولأول مرة، مع طيف واسع من الأحزاب والكتل الشيعية بشأن المكلف الجديد. وأصدر معتصمو ساحة التحرير وسط بغداد، وبعد ساعات من تكليف الزرفي بياناً دعوا فيه إلى التغيير السلمي الشامل عبر الانتخابات والتعليق الجزئي للتواجد في الساحة إلى حين احتواء «كورونا»، كما قرروا إطلاق حملة تطوعية لتعقيم الساحات وخيم الاعتصام.
ومن بين ما قاله بيان المعتصمين، إن «هذا النظام الذي فشل طوال عقد ونصف العقد في كل اختبار وطني، أمنياً كان أم صحياً أم سياسياً، يثبت يوماً بعد آخر أن ليس أمام العراقيين سوى التغيير الشامل السلمي». وأضاف «حتى هذه اللحظة فشل هذا النظام بالتوافق وإنتاج شخصية إيجابية بديلة لرئيس الوزراء المكلل بالدماء عادل عبد المهدي، وأعاد إنتاج شخوصه بكل اعتباطية وفشل».
وتحمل جماعات الحراك رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي مسؤولية قتل أكثر من 700 متظاهر وجرح نحو 27 ألفاً منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
كان المحتجون في ساحات التظاهر المختلفة وضعوا مجموعة شروط لمرشح رئاسة الوزراء، ويشددون منذ أشهر على ضرورة توافرها فيه، وضمنها عدم شغله مناصب عليا في الدولة سابقاً، واستقلاليته عن الكتل والأحزاب السياسية، بجانب عدم حصوله على جنسية أجنبية.
وفي هذا الاتجاه، يقول الإعلامي والناشط سعدون محسن ضمد، إن «أغلب الناشطين في ساحات الاحتجاج أعلنوا رفضهم تكليف الزرفي، وهذا ناجم عن مخالفة تكليفه لشروطهم التي طرحوها، فهو شاغل لمناصب تنفيذية وتشريعية، وحامل لجنسية أخرى». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «تجاهل هذه الشروط أمر تعودت عليه الكتل السياسية، فجميع من تم ترشيحهم للتكليف أو من تم تكليفهم لا تنطبق عليهم الشروط».
ويرى ضمد، أن «لعبة التكليف تجاهلت الساحات منذ البداية، ولا يتحمل مسؤوليتها غير الكتل السياسية، السؤال الأهم هو: هل سيمر تكليف الزرفي؟ أعتقد لا؛ لأن إرضاء جميع الأطراف غير ممكن. ومنذ ليلة التكليف والتهديدات تعلو وتنخفض بحسب قدرة المكلف على إطلاق وعود مرضية».
ويؤكد الناشط والأكاديمي في مدينة الناصرية عبد الوهاب الحمداني، أن «قرار ساحات التظاهر وموقفها من ضرورة أن يكون المرشح لرئاسة الوزراء شخصية مستقلة، ثابتاً وحقيقياً». لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «ثمة مشكلة في طريقة رفض هذا المرشح أو ذاك، فالظرف الحالي لا يسمح بالتجمع والتحشيد، وسبق أن جربنا الرفض مع محمد علاوي ولم ينفع الأمر؛ لذلك بدأت الناس تعي أن الأمر غير مجدٍ ومضيعة للوقت، الأهم هو الإصرار على قانون انتخابات منصف ومحاسبة قتلة المتظاهرين».
وحول البقاء في ساحات التظاهر مع التحديات الصحية الناجمة عن فيروس كورونا، فيقول الحمداني، إن «غالبية الساحات أيدت فكرة بقاء الاعتصام والخيم، والتصرف مع الأمر مثلما يتصرف الناس في بيوتهم لجهة التعقيم والحذر الشديد. لكن القرار ليس مع استمرار الحشود والمظاهرات منعاً للاحتكاك وانتقال العدوى».



تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
TT

تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)

تصدّرت المخاوف من عودة القتال باليمن في ظل تصعيد الحوثيين بالجبهات واستمرارهم في التعبئة العسكرية والاعتقالات وتهريب الأسلحة، الإحاطة الأحدث لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، إذ أكد أن اليمن بات عند «نقطة تحول حاسمة».

وكانت الجماعة المدعومة من إيران التي باتت مصنّفة «منظمة إرهابية أجنبية» من قِبل واشنطن، كثّفت في الأسابيع الماضية من تصعيدها العسكري ضد القوات الحكومية لا سيما في جبهات محافظة مأرب وتعز والضالع، بالتوازي مع التعزيز بحشود جديدة من المجنّدين إلى خطوط التماس.

وعبّر غروندبرغ عن أسفه لجهة هذا التصعيد، وقال: «للأسف، لا تزال العمليات العسكرية مستمرة في اليمن، مع ورود تقارير تفيد بتحريك تعزيزات ومعدات نحو خطوط المواجهة، بالإضافة إلى القصف والهجمات بالطائرات المسيّرة ومحاولات التسلل التي يقوم بها الحوثيون في عدة جبهات، بما في ذلك أبين، والضالع، ولحج، ومأرب، وصعدة، وشبوة، وتعز».

ودعا المبعوث الأممي جميع الأطراف اليمنية إلى تجنّب أي تحركات عسكرية وتصعيدية من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التوتر وتزج بالبلاد مجدداً في دائرة النزاع. وأشار إلى أن مكتبه يواصل اتصالاته المنتظمة مع الأطراف؛ لحثهم على خفض التصعيد واتخاذ تدابير لبناء الثقة من خلال لجنة التنسيق العسكري.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

وفي تلميح إلى مساعي الجماعة الحوثية لتحقيق مكاسب ميدانية، قال غروندبرغ إنه يدرك «أن البعض يعتقد أن العودة إلى العمليات العسكرية واسعة النطاق قد تحقّق لهم مكاسب»، مؤكداً بوضوح أن «هذا سيكون خطأ كارثياً على اليمن، وسيهدّد استقرار المنطقة بأكملها»، وفق تعبيره.

وشدد المبعوث الأممي على المسؤولية المشتركة للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي قال إنها تتحمّل مسؤولية مشتركة في دعم المساعي الدبلوماسية، والتهدئة، وتعزيز الحوار الشامل.

تذكير بالاعتقالات

بالإضافة إلى المخاوف من العودة إلى القتال في اليمن والإشارة إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، احتلت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين محوراً مهماً من إحاطة غروندبرغ، خصوصاً بعد وفاة أحدهم في معتقل حوثي.

وأوضح المبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن أنه من بين التطورات المقلقة للغاية موجة الاعتقالات التعسفية الرابعة التي نفّذها الحوثيون الشهر الماضي واستهدفت موظفي الأمم المتحدة.

وقال إن هذه الاعتقالات ليست فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، بل تمثّل أيضاً تهديداً مباشراً لقدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين. والأمر الأكثر استنكاراً وإدانة هو وفاة زميلنا في برنامج الأغذية العالمي في أثناء احتجازه لدى الحوثيين.

الحوثيون يواصلون التعبئة ويكثّفون خروقاتهم للتهدئة لا سيما في جبهات مأرب (إ.ب.أ)

ومع تأكيد إجراء تحقيق عاجل وشفاف وشامل في وفاة الموظف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، طالب غروندبرغ بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، وأفراد المجتمع المدني، وأعضاء البعثات الدبلوماسية.

وبينما أبدى المبعوث قلقه من تبعات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية من قِبل واشنطن، على العمل الأممي في مناطق سيطرة الجماعة، قال إنه ينتظر مزيداً من الوضوح بشأن هذا الأمر.

واعترف المبعوث أن «اليمن عند نقطة تحول حاسمة»، وأن الخيارات التي سيتمّ اتخاذها اليوم ستحدد مستقبله، لكنه أبدى تفاؤله بأن الحل المستدام للنزاع لا يزال ممكناً، داعياً الأطراف إلى الالتزام بالعمل بجدية وحسن نية، واتخاذ الإجراءات الضرورية لترجمة التزاماتها إلى واقع ملموس.

شحنتان من إيران

إلى جانب التصعيد الحوثي على الجبهات وتهديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بالعودة إلى مهاجمة السفن في البحر الأحمر والانخراط العسكري في الصراع المرتبط بغزة، زادت الجماعة من عمليات التحشيد وتهريب الأسلحة ومهاجمة القوات الحكومية في مأرب.

وفي جديد شحنات الأسلحة المهرّبة، أفاد الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية» التي يقودها طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بتوقيف شحنتين قادمتين من إيران، وتوقيف البحارّة الذين يضمون 9 إيرانيين و3 باكستانيين بالإضافة إلى بحارة يمنيين.

وذكرت المصادر أن قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر ضبطت بالتنسيق مع شعبة الاستخبارات العامة في «المقاومة الوطنية»، شحنة أسلحة نوعية قادمة من إيران إلى الحوثيين عبر ميناء جيبوتي كانت متجهة إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة.

وحسب المعلومات الرسمية، كان على متن القارب خمسة بحارّة يمنيين مرتبطين بالقيادي الحوثي حسن العطاس، وتضم الشحنة التي أوقفت في جنوب البحر الأحمر معدات عسكرية نوعية، منها أجسام صواريخ مجنحة ومحركات نفاثة تُستخدم في الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة الانتحارية.

كما تحتوي الشحنة على طائرات مسيّرة استطلاعية، ورادارات بحرية حديثة، ومنظومة تشويش حديثة، ومنظومة اتصالات لاسلكية حديثة.

وجاء إعلان هذه الشحنة بعد يوم من إعلان ضبط قوات البحرية، التابعة لـ«المقاومة الوطنية»، 9 إيرانيين و4 باكستانيين قادمين من ميناء تشابهار في إيران إلى ميناء الصليف في الحديدة، حيث كانوا على متن قارب يحمل شحنة أسمدة مجانية للحوثيين.

وحسب ما أورده الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية»، يعتمد «الحرس الثوري» الإيراني على أساليب وطرق متنوعة لتمويل الجماعة الحوثية؛ إذ يقدّم إليها سِلعاً؛ مثل: السماد والمشتقات النفطية والمخدرات، لتبيعها وتستفيد من ثمنها.

وبثّت قوات «المقاومة الوطنية» التي ترابط على الساحل الجنوبي الغربي لليمن، اعترافات مصوّرة للبحارة، اشتملت على تفاصيل تهريب الشحنتين.