الزرفي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة... وتحالف العامري يعترض

صالح يدعو إلى انتخابات مبكرة وتلبية مطالب المحتجين

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمس عدنان الزرفي لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمس عدنان الزرفي لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)
TT

الزرفي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة... وتحالف العامري يعترض

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمس عدنان الزرفي لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمس عدنان الزرفي لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)

في العراق لا تسير الأمور وفق قاعدة «قضي الأمر»، بل تبدأ مع أي إجراء قد يبدو شكلاً حاسماً ونهائياً مرحلة الجدل والخلافات والاستفتاءات المتقابلة بين الرفض والقبول. وفي غالب الأحيان، قبول سري ورفض علني أو بالعكس. هكذا جرى مسار التوافقات السياسية العراقية الهشة دائماً منذ اختيار رئيس وزراء «الفرصة الأخيرة» المستقيل عادل عبد المهدي الذي لا يزال معلقاً بين الأرض والسماء يختفي طوعياً حسب رغبته، ويظهر طبقاً لالتزامات الدولة الطارئة. وجرى الأمر نفسه بعد اختيار بديله محمد توفيق علاوي الذي لم ينجح في تمرير كابينته داخل البرلمان رغم جلستين لم يكتمل نصابهما.
جاء الدور الآن على ما يبدو رجلاً قوياً طبقاً للمعايير النسبية في العراق، ألا وهو عدنان الزرفي، المعارض السابق لصدام حسين والعائد مع الأميركيين عام 2003 مترجماً، ومن ثم محافظاً للنجف وعضواً في البرلمان العراقي عن كتلة النصر التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.
مساء أول من أمس، وفي ربع الساعة الأخير من نهاية المهلة الدستورية، تمت كتابة المرسوم الجمهوري الذي كاد أن يوقّعه الرئيس برهم صالح. غير أنه وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر من داخل مطبخ المداولات التي سبقت التكليف، فإن صالح «تلقى اتصالاً هاتفياً من زعيم تحالف الفتح هادي العامري بطلب تأجيل التكليف» إلى صباح أمس (الثلاثاء)؛ الأمر الذي دعا المرشح عدنان الزرفي إلى زيارة العامري في الساعة الثانية فجر الثلاثاء، حسب المصدر. ويضيف المصدر، أنه «في الوقت الذي لا أحد يعرف ما إذا كان العامري أو كتلة الفتح وافقوا على مبدأ التكليف أم لا، فإن مرسوم التكليف وقعه صالح بحضور عدد كبير من نواب البرلمان ورؤساء الكتل في قصر السلام، حيث اقتضت التعليمات الرئاسية وبسبب فيروس كورونا ألا تكون هناك لا مصافحات ولا قبل». وبالفعل، فقد ظهرت صور التكليف التي جمعت صالح والزرفي وهو يسلمه بلا مصافحة مرسوم تكليفه.
وما انتهت حفلة التكليف السريع حتى بدأت ردود الفعل. كان رد الفعل الأول من كتلة الفتح التي يتزعمها العامري برفض عملية التكليف والتي عدتها استفزازية؛ وهو ما يعني أن الزرفي لم يتمكن من منح العامري التطمينات المطلوبة، خصوصاً أن الفصائل المسلحة تحسب الزرفي على الأميركيين، وبالتالي يعد بعيداً من إيران من هذه الزاوية. الكتلة، وفي بيان لها، قالت، «نرفض الخطوة غير الدستورية التي قام بها رئيس الجمهورية بتكليف مرشح خارج السياقات الدستورية التي تنص على تكليف مرشح الكتلة الأكبر وإعلانه رسمياً». وأضاف البيان، أن صالح «يكرر اليوم المخالفة نفسها؛ فهو تجاوز الدستور من جهة ولم يلتزم بالتوافق بين القوى السياسية من جهة أخرى»، محملاً «رئيس الجمهورية كامل المسؤولية عن تداعيات هذه الخطوات الاستفزازية». وتوعد التحالف بـ«اتخاذ الإجراءات كافة لمنع هذا الاستخفاف بالقانون والدستور».
من جانبه، أعرب الرئيس صالح عن أمله بالعمل على إجراء انتخابات مبكرة وتحقيق تطلعات العراقيين. وقال صالح في بيان له عقب تكليف الزرفي، إنه «يأمل أن يعمل المكلف على إجراء انتخابات مبكرة ونزيهة ويحقق تطلعات العراقيين ويلبي مطالب المتظاهرين السلميين المشروعة من خلال إنجاز الإصلاحات المطلوبة، وأن يحافظ على سيادة واستقرار وأمن العراق».
ورحبت ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، بتكليف الزرفي، وقالت في بيان لها، إنها «ترحب بتكليف مرشح لرئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة». وأضافت «في مواجهة أزمات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية غير مسبوقة، فإن العراق في حاجة ماسة إلى كابينة وزارية فاعلة». وأكدت بلاسخارت، أن «الحكومة الجديدة أمامها عمل شاق والدعم من جميع القوى السياسية حاسم للوحدة الوطنية والنجاح».
إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف «سائرون»، برهان المعموري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تكليف الزرفي بات أمراً لا بد منه لأننا نعتقد أن البلد على مفترق طرق». وأضاف المعموري، أن «ما نأمله هو أن ينجح المكلف في اختيار كابينة وزارية كفوءة ومهنية هدفها الأول هو إعادة هيبة الدولة وتلبية مطالب المتظاهرين والاهتمام بالجانب الخدمي والتعليمي والصحي». كما عد المعموري، أن «من بين المهام التي يجب أن تتولاها الحكومة الجديدة تنمية علاقاتنا الخارجية مع جميع الدول والأطراف ومنع التدخل في الشأن العراقي مع مراعاة مصالحه أولاً»، مبيناً أن «دعمنا لرئيس الوزراء الجديد يتوقف على ما يقدمه من أداء».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدنان الزرفي خيار جيد في هذه المرحلة، وبالتالي فإننا ندعمه ونقف إلى جانبه في مهمته الصعبة». وأضاف الكربولي، أن «الزرفي فضلاً عن كونه شخصية معتدلة فإنه شخصية قوية وصاحب قرار؛ وهو ما يمكن التفاهم معه بصورة إيجابية».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.