القضاء يستند إلى النقض لاحتواء الغضب والتصعيد

TT

القضاء يستند إلى النقض لاحتواء الغضب والتصعيد

احتوى القضاء اللبناني التصعيد السياسي والغضب الشعبي الذي تلا حكم المحكمة العسكرية بوقف التعقب عن عامر الفاخوري، وذلك بقرارين قضائيين، أولهما قرار مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري بتمييز الحكم الأول، تلاه قرار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر القاضي بمنع سفر الفاخوري وتبليغ الأمن العام اللبناني نسخة من القرار.
والتمييز هو حق لكل من مفوض الحكومة والمحكوم عليه بطلب نقض الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية في عدة حالات أوضحها رئيس مؤسسة «جوستيسيا» البروفسور بول مرقص، بينها تلك «المتعلقة بالصلاحية، وفي حالة إهمال إحدى المعاملات الجوهرية المنصوص على مراعاتها تحت طائلة الإبطال، بحسب المادة 74 من أصول النقض في القضاء العسكري». ويقدم طلب النقض خلال مهلة خمسة عشر يوما بما يتعلق بالأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية.
واعتبر القضاء في حكم وقف التعقب عن الفاخوري أن الملاحقة بوشرت في عام 2019 بحقه، بعد انقضاء 19 عاماً على تحرير جنوب لبنان وبعد مرور 30 عاماً على القتل وأكثر من عشرين عاماً على محاولة القتل، فتكون دعوى الحق العام قد سقطت فيما خص الجرمين بمرور الزمن العشري.
ومنح القانون هذا الحق لمفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية، التي تتبع قانوناً للنيابة العامة التمييزية. ويشير مرقص إلى أن «المادة 75 من أصول النقض في القضاء العسكري تنص على أنه لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أن يطلب نقض الأحكام القاضية بالبراءة لانتفاء الأدلة أو لعدم كفايتها أو القاضية بعدم المسؤولية لانتفاء الصفة الجرمية عن الفعل أو لسقوط دعوى الحق العام لأي سبب كان». ويشير إلى أنه «إذا نقض الحكم في هذه الحالة تجري المحاكمة مجددا وتفصل الدعوى وفقا لأصول المحاكمة لدى المحكمة العسكرية»، كذلك «إذا قضت بالإدانة والعقوبة التي نص عليها القانون تنفذ هذه العقوبة حسب الأصول». ويوضح مرقص أنه «تجري محاكمة المتهم أو الظنين دون توقيفه في أثناء المحاكمة إلا إذا قضت المحكمة بالتوقيف بقرار معلل».
وبحسب القانون اللبناني: «لمفوض الحكومة لدى محكمة التمييز، قانوناً، إما عفويا أو بناء على أمر وزير الدفاع الوطني، أن يستدعي لمنفعة القانون نقض جميع الأحكام المخالفة للقانون إذا كانت قابلة النقض ولم يتقدم أحد بطلب نقضها ضمن المهلة القانونية»، بحسب ما تنص المادة 76.
واستند القضاء اللبناني، من ضمن مجموعة استناداته القانونية لإصدار الحكم الأول، إلى أن نسف مبدأ مرور الزمن على الجرائم المعتمد في التشريع اللبناني من شأنه أن يقوض الأسس التي أراد المشرع إرساءها في المجتمع عند اعتماده هذا المبدأ من استقرار وتهدئة اجتماعية وإسدال ستار النسيان على جرائم ارتكبت في الماضي بهدف حذفها من الذاكرة الاجتماعية هي وظروفها كي يتهيأ المجتمع ويمضي في مرحلة جديدة.
كما استند إلى أن مبدأ مرور الزمن الجزائي المتعلق بالنظام العام لا يخضع بدوره إلى القاعدة المحددة في المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية، ما يعني أن القانون الواجب تطبيقه هو القانون الداخلي اللبناني وتحديداً قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس قانون مناهضة التعذيب رقم 65 - 2017 كما يدلي المتهم لعدم انطباقه على الحالة الحاضرة، لكونه لا يمكن اعتبار العملاء المنتمين إلى ميليشيا لحد، يتمتعون بهذه الصفة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.