«كوفيد ـ19» يشق جماعات الحراك... وإيقاف المظاهرات والاعتصامات وشيك

القضاء العراقي ينفي الحكم على متظاهر بالإعدام

متظاهر يعدل كمامة متظاهرة لوقايتها من «كورونا» في ساحة التحرير ببغداد (أ.ب)
متظاهر يعدل كمامة متظاهرة لوقايتها من «كورونا» في ساحة التحرير ببغداد (أ.ب)
TT

«كوفيد ـ19» يشق جماعات الحراك... وإيقاف المظاهرات والاعتصامات وشيك

متظاهر يعدل كمامة متظاهرة لوقايتها من «كورونا» في ساحة التحرير ببغداد (أ.ب)
متظاهر يعدل كمامة متظاهرة لوقايتها من «كورونا» في ساحة التحرير ببغداد (أ.ب)

أحدثت المخاوف من تفشى فيروس «كورنا الجديد» بين المتظاهرين والمعتصمين العراقيين انقسامات حادة بين صفوف جماعات الحراك العراقية، ما قد يؤدي إلى إيقاف وشيك لمجمل الفعاليات الاحتجاجية. وفيما تميل اتجاهات غير قليلة داخل الحراك إلى فض الاعتصامات والتوقف عن المظاهرات فوراً لمنع انتشار الوباء والحد من تداعياته، ترفض اتجاهات أخرى ذلك بشدة وتتمسك بمواصلة كفاحها لحين تحقيق المطالب التي خرجت من أجلها مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويقول الناشط محمد موديل: إن «الأمور معقدة جداً، المخاوف على الشباب من الفيروس كبيرة، والمخاوف من انهيار الحراك دون تحقيق المطالب كبيرة هي الأخرى». ويضيف موديل في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول إن جماعات الحراك تنشطر إلى شطرين بالتساوي، الأول يطالب صراحة بفض وشيك للاعتصامات والمظاهرات حفاظاً على أرواح الناس ولمنع انتشار العدوى، والآخر مصمم على البقاء والصمود رغم المخاطر الكبيرة».
ويشير موديل إلى أن «الفاعلين والناشطين في الساحات يخوضون نقاشات جادة هذه الأيام للخروج باتفاق حول ما يجب فعله. هناك اقتراحات تتعلق ببقاء شخص أو اثنين في كل خيمة، وهناك من يفرض طوقاً صحياً حول الساحات. لكن الخلافات تحول دون التوصل إلى صيغة نهائية لمواجهة خطر تفشي فيروس (كورونا) بين المتظاهرين والمعتصمين».
وعن طبيعة الإجراءات الوقائية المتخَذة في ساحة التحرير في بغداد وعموم الساحات، يؤكد موديل أنها «ضعيفة جداً، ومعدومة في أكثر الأحيان، ومن هنا مصدر الخوف على الشباب، ليس في اليد حيلة. من يريد البقاء لا أحد يستطيع إرغامه على المغادرة، ومن لا يرغب في البقاء تمكنه العودة إلى بيته بكل بساطة». ويشير موديل إلى أن «غالبية الاتجاهات الاحتجاجية تشعر بالغضب من عدم تحقيق الحراك أهدافه المرجوة، خصوصاً بعد التوقعات التي تشير إلى قيام القوى السياسية باختيار شخصية مرتبطة بها لشغل منصب رئاسة الوزراء، ما يعني أنها غير مطابقة للمواصفات التي أعلنها الحراك منذ أشهر المتعلقة برئيس الوزراء الجديد».
كانت خلية الأزمة الحكومية قد شددت في غالبية بياناتها على ضرورة منع التجمعات، لكن الاتجاه الحراكي المصرّ على مواصلة الاحتجاجات لم يكترث لبيانات الخلية.
وتشير غالبية التوقعات إلى توقف الاعتصامات والمظاهرات خلال الأيام القريبة المقبلة بعد أكثر من خمسة أشهر على انطلاقها، نظراً إلى المخاطر الكبيرة التي تتسبب بها الحشود بالنسبة إلى انتقال عدوى الإصابة بالفيروس، إضافةً إلى الإعلان المتوقع لحالة الطوارئ وغلق المحافظات لحدودها مع المحافظات الأخرى وإيقاف حركة المواطنين. وفي إطار إصرارهم على رفض دعوات إنهاء المظاهرات، أصدر «شباب تشرين» أول من أمس، بياناً دعوا فيه طلاب الجامعات إلى الخروج في مظاهرات حاشدة (أمس - الأحد). وقال البيان: «يستعد ثوار القمصان البيض مجدداً لدعم الانتفاضة من خلال مسيرتهم الأسبوعية من أمام وزارة التعليم العالي في العاشرة من صباح الأحد، وهم بذلك يؤكدون ثباتهم وإصرارهم على طريق الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها العادلة».
لكن اتحاد طلبة العراق الرافض لخروج المظاهرات خشية تعرض الطلبة للإصابة فيروس «كورونا» رفض بيان «شباب تشرين» وأصدر، أول من أمس، بياناً معارضاً دعا فيه الطلبة إلى عدم الخروج في المظاهرات المعتادة يوم الأحد من كل أسبوع. وقد نجح بالفعل اتحاد الطلبة في عدم خروج مظاهرات طلابية أمس.
من جهة أخرى، نفى مجلس القضاء الأعلى، ما تردد عن الحكم على أحد المتظاهرين بالإعدام، داعياً إلى توخي الحذر من المعلومات المغلوطة.
وذكر المركز الإعلامي للمجلس في بيان أنه «لا صحة لما يتداوله البعض بخصوص إصدار حكم إعدام بحق أحد المتظاهرين أو في النية صدور هكذا أحكام مستقبلاً». وتابع أنه «سبق أن أوضح المجلس أن حق التظاهر السلمي مكفول بموجب الدستور ولا يجوز قانوناً محاسبة شخص يستخدم حقاً مكفولاً دستورياً وقانونياً». وأضاف أن «هذه المعلومات المغلوطة هي جزء من الشائعات الكاذبة التي تروّج لها العصابة الإلكترونية التي تم كشفها قبل أيام، والتي تتعمد إثارة الرأي العام ضد القضاء، وأن ترويج هذه المعلومات الكاذبة هي محاولة للضغط على القضاء لغلق هذه القضية».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.