واشنطن تطالب باسترداد متهم بالتعامل مع إسرائيل... ولبنان مصرّ على محاكمته

في أول إطلالة للسفيرة الأميركية الجديدة

الرئيس ميشال عون مستقبلاً السفيرة الأميركية الجديدة بعد تقديمها أوراق اعتمادها (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً السفيرة الأميركية الجديدة بعد تقديمها أوراق اعتمادها (دالاتي ونهرا)
TT

واشنطن تطالب باسترداد متهم بالتعامل مع إسرائيل... ولبنان مصرّ على محاكمته

الرئيس ميشال عون مستقبلاً السفيرة الأميركية الجديدة بعد تقديمها أوراق اعتمادها (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً السفيرة الأميركية الجديدة بعد تقديمها أوراق اعتمادها (دالاتي ونهرا)

كشفت مصادر لبنانية رسمية بارزة أن سفيرة الولايات المتحدة الأميركية الجديدة لدى لبنان دوروثي شيا، انتهزت فرصة تقديمها أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وقيامها بجولات بروتوكولية على كبار المسؤولين بدأتها بزيارة رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة حسان دياب، لتطرح مسألة استمرار توقيف عامر فاخوري، اللبناني الأصل الذي يحمل الجنسية الأميركية، بتهمة التعامل مع إسرائيل في أثناء احتلالها جنوب لبنان، وإشراف فاخوري على تعذيب المعتقلين اللبنانيين في معتقل «الخيام».
وقالت المصادر اللبنانية الرسمية لـ«الشرق الأوسط» إن السفيرة شيا طلبت الإفراج عن فاخوري الذي يعاني من مرض عضال ويتلقى العلاج في أحد المستشفيات بإشراف القضاء اللبناني والسماح له بالسفر إلى واشنطن لأنه يحمل الجنسية الأميركية.
ومع أن السفيرة شيا عدّت الدعاوى المقامة ضد فاخوري ساقطة بمرور الزمن، فإن مطالبتها لم تلقَ أي تجاوب، وقيل لها -حسب المصادر- إنه لبناني الأصل ويحاكَم حالياً أمام القضاء العسكري صاحب الاختصاص للنظر في مثل هذه الدعاوى ويُسمح له بتعيين محامين للدفاع عنه وهذا ما يحصل حالياً.
كما قيل للسفيرة شيا إن تسليم فاخوري إلى الولايات المتحدة والسماح له بالسفر إليها لمواصلة تلقيه العلاج ليس مطروحاً، وأن القرار يعود أولاً وأخيراً إلى القضاء العسكري، وأن أحداً لا يتدخّل في مواصلة محاكمته، حرصاً من أركان الدولة على استقلالية القضاء مع أن جلسات المحاكمة تتأجل بسبب وضعه الصحي وهو يُنقل باستمرار لتلقي العلاج، وبالتالي من غير الجائز السماح له بالسفر.
وقالت المصادر نفسها إن واشنطن كانت قد طالبت بتسليم فاخوري، وأن السفيرة الأميركية السابقة لدى لبنان إليزابيت ريتشارد، كانت قد طرحت قضيته مع أركان الدولة في أكثر من مناسبة، وأن آخرها جاءت خلال قيامها بزيارات، داعية إياهم لمناسبة انتهاء انتدابها كسفيرة لواشنطن في لبنان. وأكدت أنه سبق لوكيل الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل، أن طرح الإفراج عن فاخوري وتسليمه إلى السلطات الأميركية، وقالت إن طلبه لم يلقَ أي تجاوب رغم أنه حمل إلى كبار المعنيين في الدولة رسائل شخصية في هذا الخصوص من وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو.
وسألت المصادر إذا كانت السفيرة شيا أخذت على عاتقها إعادة فتح ملف تسليم فاخوري إلى واشنطن بناءً على توجيهات من الخارجية الأميركية، أم أنها طرحت قضيته بمبادرة شخصية منها باعتبار أن هذه المسألة ما زالت عالقة كبند يحضر باستمرار في ملف العلاقات اللبنانية - الأميركية، وبالتالي من واجبها أن تسلط الضوء عليها بغية تمرير رسالة إلى من هم في الداخل الأميركي بأن واشنطن لن تتخلى عن رعاياها؟
وقالت إن السفيرة شيا ليست بعيدة عما سيترتب على تسليم فاخوري من ارتدادات سلبية لا تستطيع حكومة دياب استيعابها أو السيطرة عليها، خصوصاً أن القوى المشاركة في حكومته وتحديداً «الثنائي الشيعي» هي في غنى الآن عن استحضار مشكلة إلى «البيت الشيعي» لأن من يتصدّر الدعوات إلى محاكمة فاخوري ورفض تسليمه هم الأقرب الآن إلى «حزب الله».
وإذ رفضت هذه المصادر الدخول في سجال مع الجهة السياسية التي سهّلت عودة فاخوري إلى لبنان وفضّلت أن تنأى بنفسها عن الانجرار إلى هذا السجال، توقّعت في المقابل ألا تنسحب مسألة عدم تسليمه على ملف العلاقات الأميركية - اللبنانية وتحضر حالياً كمادة خلافية.
لذلك، لا شيء يمنع السفيرة شيا من طرح مسألة تسليم فاخوري إلى واشنطن أو من قيام مسؤولين في السفارة الأميركية بتفقّد أحواله في مقر توقيفه وصولاً إلى متابعة تلقيه العلاج.
وعليه لم تكن جولة السفيرة شيا على كبار المسؤولين بروتوكولية فقط، وتعزو المصادر الرسمية السبب إلى أنها لم تكتفِ بطرح ملف توقيف فاخوري ومحاكمته وإنما تطرّقت إلى المهمة الموكولة لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير ديفيد شينكر المكلف حالياً القيام بوساطة بين لبنان وإسرائيل تفتح الباب أمام التفاوض للوصول إلى تسوية تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين البلدين مع بدء لبنان بالتنقيب عن الغاز والمشتقات النفطية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن شينكر يستعد لمواصلة وساطته، لكن لم يتأكد ما إذا كان سيستأنفها في وقت قريب أم أنه سيتريث حالياً في ضوء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حالة الطوارئ لمكافحة انتشار وباء فيروس «كورونا».
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن السفيرة شيا التي هي من أصول آيرلندية أعادت التذكير في جولاتها البروتوكولية على أركان الدولة بموقف واشنطن حيال «الحراك الشعبي» ودعوتها الحكومة اللبنانية إلى الاستجابة لتطلعات اللبنانيين المطالبين بمكافحة الفساد وبتحقيق الإصلاحات المالية والإدارية كأساس لاستعادة ثقة اللبنانيين بحكومتهم، وهذا ما كانت تبنّته السفيرة الأميركية السابقة لدى لبنان إليزابيت ريتشارد في رسالتها الوداعية التي وجّهتها من القصر الجمهوري في بعبدا.



إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
TT

إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

فيما أبلغ سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن دوي انفجارات وتصاعد الدخان بموقعين على الأقل قرب مطار المدينة، تبنت الجماعة الحوثية، الخميس، إطلاق صاروخين باليستيين وطائرتين مسيّرتين باتجاه إسرائيل، وتوعدت بالمزيد في سياق ما تقول إنه مساندة للفلسطينيين في غزة.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخين لم يشر إلى الطائرتين المسيرتين، وسط مخاوف يمنية من موجة تاسعة من الغارات الانتقامية رداً على هذه الهجمات.

وقال يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيانين منفصلين، الخميس، إن جماعته استهدفت في المرة الأولى مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخٍ باليستي اسمه «ذو الفقار».

وزعم المتحدث الحوثي أن العملية حققت هدفها، وأدت إلى هروب الإسرائيليين إلى الملاجئ، وأوقفت حركة المطار قرابة ساعة، كما زعم مهاجمة هدفين في تل أبيب وحيفا بطائرتين مسيرتين.

نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» اعترض مقذوفاً فوق مدينة نابلس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وفي البيان الثاني، قال سريع إن جماعته استهدفت المطار نفسه بصاروخ باليستي فرط صوتي أدى إلى توقف حركة المطار والدخول إلى الملاجئ، متوعداً بمزيد من الهجمات حتى توقف إسرائيل حربها على غزة، وتسمح بدخول المساعدات.

من جهته، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي باعتراض صاروخين أطلقا من اليمن في عمليتين منفصلتين، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار في عدد من المناطق الإسرائيلية، دون الحديث عن أي أضرار.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين لا تفيد الفلسطينيين في غزة، بقدر ما تستدعي إسرائيل لشن ضربات تدمر ما بقي من المنشآت الحيوية والبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

انفجارات غامضة

بالتزامن مع الهجمات الحوثية الجديدة باتجاه إسرائيل سمع السكان في صنعاء دوي انفجارات قوية في الأنحاء القريبة من المطار، كما شاهدوا أعمدة من الدخان تتصاعد من أماكن الانفجارات.

ومع الاعتقاد للوهلة الأولى أن هذه الانفجارات ناجمة عن ضربات إسرائيلية جديدة، لم تتطرق الجماعة الحوثية إلى الأمر، كما لم تتبن أي جهة تنفيذ أي ضربات، وهو ما يرجح فرضية أن تكون الانفجارات ناجمة عن عمليات إطلاق فاشلة لصواريخ أو مسيّرات مفخخة.

انفجار في صنعاء يعتقد أنه جراء عملية فاشلة لإطلاق صاروخ حوثي (إكس)

وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي.

ولم تحقق هجمات الحوثيين أي نتائج مؤثرة على إسرائيل، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقته في تل أبيب 19 يوليو (تموز) 2024.

ومنذ انهيار الهدنة بين إسرائيل و«حركة حماس»، عادت الجماعة للهجمات الجوية، وأطلقت ابتداء من 17 مارس (آذار) الماضي نحو 27 صاروخاً باتجاه إسرائيل وطائرات مسيرة كثيرة.

وكان أخطر هذه الهجمات الأخيرة انفجار أحد الصواريخ قرب مطار بن غوريون في 4 مايو (أيار) الحالي، محدثاً حفرة ضخمة بعد أن فشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.

حطام طائرة مدنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية انتقامية رداً على هجمات الحوثيين (أ.ف.ب)

وفتح هذا الهجوم المجال لإسرائيل لشن ضربات انتقامية كثيرة دمرت بها ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومصنعي أسمنت ومحطات كهرباء، قبل أن تشن الجمعة الماضي، الموجة الثامنة من هذه الضربات الانتقامية على الحديدة والصليف.

وتوّعدت إسرائيل باستمرار ضرباتها، وهددت على لسان وزير دفاعها بتصفية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أسوة بما حدث مع زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وقادة «حركة حماس».

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت لآخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين رداً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البُعد الجغرافي.