خطة حكومية لتشريع الإجراءات المصرفية الاستثنائية

TT

خطة حكومية لتشريع الإجراءات المصرفية الاستثنائية

تمضي الحكومة اللبنانية بخطة تشريع الإجراءات المصرفية الاستثنائية المعمول بها منذ أشهر في لبنان خارج الإطار القانوني، عبر مشروع قانون اقترحته وزارة المال، وجرى تسريبه أمس، وهو ما ينظر إليه البعض على أنه تكريس لتدابير تقييد السحوبات من الودائع المصرفية بالعملة الصعبة (الدولار) يشمل جميع المودعين.
وتقدمت وزارة المالية باقتراح مشروع قانون معجل لتنظيم وضع ضوابط استثنائية مؤقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية، تضمن 13 مادة.
ونصت المادة الأولى على أنه «إضافة إلى الصلاحيات المناطة بمصرف لبنان بموجب القوانين المرعية الإجراء، لا سيما قانون النقد والتسليف، يكون لمصرف لبنان، بعد اقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء، صلاحية إصدار قرارات وتعاميم استثنائية مؤقتة تطبيقية لهذا القانون وضمن مدة سريانه وفي المواضيع المحددة فيه».
ويفترض أن تناقش الحكومة مشروع القانون وتقرّه، وتحيله إلى مجلس النواب ليقرّه أيضاً، كما يفرض القانون، ما يعني أن الإجراءات المصرفية المعتمدة من خارج القانون، ستكون قانونية في حال إقرارها في مجلس النواب.
ولا ينفي المطلعون على مشروع القانون أنه، ورغم تقديمه على أنه لتنظيم وضع ضوابط استثنائية مؤقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية، يمثل «كابيتال كونترول» يتم اقتراحه.
ويقول مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر أنه «تشريع للكابيتال كونترول»، موضحاً أن «وضع حد للسحوبات بالدولار التي تمثل 70 في المائة من الودائع في المصارف، ونحن أمام سعرين للصرف، فإن الإجراء هو كابيتول كونترول».
ويعد الاقتصاد اللبناني مرتبطاً بالدولار بنسبة عالية، ويمثل الاستيراد نحو 35 في المائة من الناتج القومي، وهو ما دفع اللبنانيين للجوء إلى السوق الموازي للحصول على الدولارات بغرض استيراد السلع، ويجري الصرف على سعر 2400 ليرة للدولار، رغم أن سعر الصرف في المصارف هو 1517 ليرة، وسعر الصرف الذي عممه مصرف لبنان على الصرافين هو 2000 ليرة.
ويقول نادر لـ«الشرق الأوسط»: «اعترف مصرف لبنان بأن الليرة فقدت 30 في المائة من قيمتها بمجرد الاعتراف بسعر صرف آخر، فيما لا يشتري التجار والاقتصاديون من المصارف لأن الدولارات غير موجودة، ما يعني أن السوق الحقيقي هو وهمي، بينما السوق الموازي هو الفاعل»، مشيراً إلى أنه «حين يقضي مشروع القانون بالاستمرار في تقييد السحوبات بالعملة الصعبة من الودائع لديه، يعني عمليا أن الودائع إما محجوزة وإما ستخسر أكثر من 30 في المائة من قيمتها إذا جرى سحبها بالعملة المحلية، وفي حال بقيت محجوزة فإنها تخسر قيمتها الاستثمارية مع الوقت».
وبحسب مشروع القانون، تقيّد السحوبات بالعملة الأجنبية، بحسب ما ورد في المادة السابعة التي نصت على: «نظراً للظروف الاستثنائية الحاضرة، وانطلاقاً من مبدأ التداول بالعملة الوطنية، تحدد السحوبات بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بتعاميم دورية تصدر عن المصرف المركزي بالتنسيق مع جمعية المصارف والمصرف المعني».
ويقول نادر إن الـ«كابيتال كونترول» هو إجراء لا بد منه في ظل الظروف الحالية، لكن كان يفترض أن يتخذ أشكالاً أخرى، ويطال المودعين الذين تضاعف رأسمالهم إثر الفوائد العالية التي حصلوا عليها خلال السنوات الخمس الماضية، حيث وصلت نسبة الفوائد السنوية على المبالغ المجمدة إلى حدود الـ20 في المائة، في وقت تعتبر الفوائد عالمياً منخفضة جداً.
ويشير إلى أنه كان من المفترض أن يُستثنى صغار المودعين من تلك الإجراءات، بالنظر إلى أن معظم ودائع صغار المودعين لا تشكل أكثر من 7 في المائة من قيمة الودائع في المصارف، «وهو أمر كان يمكن أن يشكل عامل استثمار إيجابي مع الطبقة الوسطى لأنها تحرك عجلة الاستثمار وبالتالي ترفع الاقتصاد، ذلك أن الطبقة الوسطى تشكل صمام الأمان الاجتماعي والأمني ومحرك الاقتصاد».
ويرى نادر أنه كان يمكن الركون إلى نصائح صندوق النقد الدولي في هذا الصدد لأن السلطتين النقدية والسياسية بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) بات ينظر إليهما على أنهما تعانيان أزمة مشروعية، فيما صندوق النقد هو جهة محايدة ويمكن الاستفادة من خبرته ومشروعيته بإدارة مسألة دقيقة من هذا النوع».
ويقضي المشروع بتحديد سقوف استعمال بطاقات الائتمان في لبنان والخارج، وبتقييد التحويلات باستثناء الأقساط الجامعية والمعيشة في الخارج والطبابة والاستشفاء والنفقات الملحة والالتزامات المالية كالقروض والضرائب الناشئة قبل تاريخ نفاذ هذا القانون. ويبقي على التحويلات لاستيراد السلع الضرورية في لبنان مثل المواد الطبية والطحين والمحروقات، ويستثني الأموال الجديدة Fresh Money من التحويلات ومن السحوبات، تلك الأموال التي تحول إلى لبنان بعد 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
أما السحوبات النقدية بالليرة اللبنانية فلا تخضع لأي سقوف أو قيود باستثناء وجوب إبلاغ المصرف قبل مدة لا تقل عن 48 ساعة بالنسبة للسحوبات التي تتجاوز قيمتها 25 مليون ليرة لبنانية للمودع الواحد، وذلك بغية اتخاذ الإجراءات العملانية المُقتضاة.
ويعود لمصرف لبنان وضع وتحديث وتعديل النصوص التنظيمية وآليات تطبيقها وتحديد مدتها في حدود مدة نفاذ هذا القانون.
ويُعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية، وتكون مدة نفاذه ثلاث سنوات من تاريخ نشره، ويعود لمجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير المالية وبالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان، تقصير هذه الفترة في حال تحسّنت أو زالت الظروف الاستثنائية التي أوجبت إصدار هذا القانون.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.