دوريات روسية ـ تركية ومركز تنسيق على طريق حلب ـ اللاذقية

وزير الدفاع البريطاني يتفقد الحدود السورية

الطريق الرئيسي بين حلب واللاذقية شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الطريق الرئيسي بين حلب واللاذقية شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

دوريات روسية ـ تركية ومركز تنسيق على طريق حلب ـ اللاذقية

الطريق الرئيسي بين حلب واللاذقية شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الطريق الرئيسي بين حلب واللاذقية شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

اتفقت تركيا وروسيا على تسيير دوريات مشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي، المعروف بـ«إم 4»، وإنشاء مركز مشترك لتنسيق العمليات في محافظة إدلب السورية.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إنه تم توقيع اتفاق مع الوفد الروسي على وقف إطلاق النار، دخل حيز التنفيذ، مشيراً إلى أن أولى خطواته هي تنظيم دورية مشتركة على طريق «إم 4»، بدءاً من غد (الأحد).
وأضاف أن الدوريات المشتركة مع روسيا على الطريق الدولي «إم 4» ستساهم بشكل كبير في ترسيخ دائم لوقف إطلاق نار، مشيراً إلى أن الوفدين العسكريين التركي والروسي قد أجريا محادثات لمدة 4 أيام، وفقاً للاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان التركي والروسي، في موسكو، 5 مارس (آذار) الحالي، واصفاً إياها بـ«الإيجابية».
ولفت إلى أنه سيتم إنشاء مراكز تنسيق مشتركة مع روسيا، ليتم من خلالها إدارة العمليات المشتركة في إدلب.
وقال أكار إن «هدفنا جعل وقف إطلاق النار في إدلب بشكل دائم... قمنا بدورنا بما يترتب علينا من أجل ذلك، والروس أظهروا موقفاً بناء في هذا الخصوص»، مشيراً إلى وجود مؤشرات جيدة لتوقف النزوح من إدلب، وعودة النازحين إليها.
وكان إردوغان وبوتين قد أعلنا توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب، سرى بدءاً من 6 مارس، وتضمن الاتفاق إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمال وجنوب الطريق الدولي «إم 4».
وتم الاتفاق، وفق البيان، على تسيير دوريات تركية وروسية على امتداد طريق «إم 4» بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، مع احتفاظ تركيا بحق الرد على هجمات النظام السوري.
وجاء الاتفاق على خلفية التصعيد الأخير في إدلب، الذي بلغ ذروته باستشهاد 33 جندياً تركياً أواخر فبراير (شباط) الماضي، جراء قصف جوي لقوات النظام السوري على منطقة «خفض التصعيد» في إدلب.
وفي الوقت ذاته، أكدت وزارة الدفاع التركية أن نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب تواصل مهامها، وأن سحب الأسلحة الثقيلة منها غير وارد.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، نديدة أكوب، في مؤتمر صحافي أمس، إن لقاءات الوفدين الروسي والتركي لمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب اختتمت أمس، وإنها مضت بشكل إيجابي بنّاء.
وأضافت أن هجمات النظام السوري على منطقة إدلب أسفرت عن مأساة إنسانية كبيرة، حيث بلغ عدد المهجرين من ديارهم، بدءاً من مايو (أيار) 2019، أكثر من مليون شخص، وأن نحو 280 ألفاً منهم نزحوا باتجاه منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون.
وأشارت إلى أن الجيش التركي يبذل أقصى طاقته في سبيل وقف نزيف الدماء في إدلب، وإحلال السلام في المنطقة، وعودة نحو مليون نازح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى ديارهم بشكل طوعي.
وفي السياق ذاته، بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مع نظيره البريطاني بن والاس، خلال لقائهما في أنقرة مساء أول من أمس، قضايا دفاعية وأمنية إقليمية، في مقدمتها إدلب السورية.
وذكر بيان لوزارة الدفاع التركية أن زيارة والاس جاءت بدعوة من نظيره التركي، وأنهما تبادلا وجهات النظر حول قضايا دفاعية وأمنية إقليمية، وفي مقدمتها إدلب، وقضايا أخرى تتعلق بالصناعات الدفاعية.
وأشار البيان إلى أن الجانبين شددا على حزمهما في منع المأساة الإنسانية بمنطقة خفض التصعيد بإدلب، ووقف إراقة الدماء بالمنطقة، وحماية تركيا لحدودها، وأهمية الحوار التركي - البريطاني، والتعاون بين البلدين في هذا الإطار.
ومن ناحية أخرى، قتل جندي تركي، و3 عناصر أمنية محلية، في هجوم بسيارة مفخخة على نقطة تفتيش في مدينة «رأس العين»، في شمال شرقي سوريا.
وذكر بيان لولاية شانلي أورفا التركية أن عناصر من «وحدات حماية الشعب» الكردية نفذوا هجوماً، مساء أول من أمس، على نقطة تفتيش في رأس العين، أسفر عن مقتل جندي تركي، و3 عناصر أمنية محلية، وإصابة 10، بينهم 7 مدنيين، جرى نقلهم إلى مستشفى مدينة جيلان بينار التركية.
إلى ذلك، أعلن وزير النقل السوري علي حمود أن الوزارة جاهزة لافتتاح طريق حلب - اللاذقية، ووضعه في الخدمة فور دخول اتفاق موسكو وأنقرة حيز التنفيذ.
وأكد حمود أن «كوادر المواصلات الطرقية استطاعت تجهيز الطريق المعروف بـ(إم 4) في المناطق التي حررها الجيش السوري»، مشيراً إلى أن الوزارة بانتظار التزام أنقرة بتنفيذ الاتفاق لاستكمال تأهيل الطريق ووضعه بالخدمة.
ونقلت مصادر رسمية في دمشق عن حمود قوله إن الوزارة، وعبر المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، وبالتعاون مع محافظة اللاذقية، باشرت بإزالة السواتر وإزالة الأنقاض. وأضاف أن طريق حلب - اللاذقية من الطرق التي تحمل بعداً اقتصادياً كبيراً، وأن تنفيذه استغرق جهداً وعملاً على مدى سنوات قبل الحرب. وبيّن أن الطريق يختصر الزمن، وفق المسافة الفاصلة بين المحافظتين، كما أنه يمر عبر عدد كبير من الجسور بين الجبال، هي 89 جسراً، منها جسور عملاقة بطول نحو 300م فوق الوديان والمنحدرات، و51 جسراً علوياً، و23 جسراً سفلياً عادياً، و15 جسراً سفلياً عملاقاً، إضافة إلى 250 عبّارة، و51 تحويلة طرقية، و15 عقدة طرقية، و412 عبارة ومعابر صغيرة «بمواصفات فنية، وسلامة مرورية عالية المستوى».
وشدد حمود، حسبما نقلت عنه الصفحة الرسمية للوزارة، على «الأهمية الاستراتيجية لطريق (M4) في ربط العراق بالبحر عبر مرفأ اللاذقية، وبالتالي تسهيل وتيسير حركة تدفق البضائع إلى البحر، والعكس بالعكس».
وكانت محافظة اللاذقية قد أعلنت إنهاء أعمال إزالة الحواجز والسواتر الترابية عن طريق حلب - اللاذقية حتى جسر كفريا. وقالت إن «العمل يتواصل حتى عقدة العوينات لفتح الطريق منها بالمسربين، ذهاباً وإياباً، مع متابعة الأعمال بالتنسيق مع الجهات المختصة لإزالة كل المعوقات، بما فيها مخلفات الإرهابيين»، في إشارة إلى فصائل المعارضة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.