حزب تونسي معارض يدعو إلى تأسيس «قطب وطني جامع» يعوِّض الائتلاف الحاكم

بهدف تقديم حلول للملفات الاجتماعية والاقتصادية المعطلة

TT

حزب تونسي معارض يدعو إلى تأسيس «قطب وطني جامع» يعوِّض الائتلاف الحاكم

دعا محسن مرزوق، رئيس حركة «مشروع تونس» المعارضة، إلى «تأسيس قطب وطني جامع»، يقوم على أساس مبادئ الحركة الوطنية التونسية التقدمية، ويكون بديلاً للائتلاف الحاكم الحالي، وقال إنه سيقدم حلولاً للملفات الاجتماعية والاقتصادية المعطلة، تأخذ بعين الاعتبار دروس الماضي وعبره. في إشارة إلى «النكسة السياسية» التي تعرضت لها عدة أحزاب خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن بينها «مشروع تونس» الذي كان ممثلاً بـ22 نائباً برلمانياً إثر انسلاخه عن حزب «النداء»، ثم بات ممثلاً فقط بأربعة نواب في الدورة البرلمانية الحالية.
وأكد أشرف الرياحي، المحلل السياسي التونسي، أن حزب «النداء» الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي «كان يمثل قطباً جمع حوله العائلة الوسطية التقدمية»، وهي في معظمها على طرفي نقيض مع حركة «النهضة»، ممثل الإسلام السياسي في السلطة، مضيفاً أنه من الصعب اليوم «استعادة التجربة نفسها التي جمعت تيارات مختلفة من اليسار والدساترة والنقابيين، وتمكنت من الإطاحة بحركة (النهضة) في انتخابات 2014»؛ لكنه عبر في المقابل عن خشيته من وجود نيات للزعامة السياسية، وهو ما قد يشعل تنافساً سياسياً ينتهي بإجهاض هذه التجارب السياسية.
وبخصوص إمكانية خلق أقطاب سياسية قادرة على منافسة حركة «النهضة» التي ظلت متماسكة مقابل تفكك عدد من الأحزاب المنافسة لها، أكد الرياحي أن تشتت الأحزاب الممثلة للعائلة الوسطية التقدمية «يعود بالأساس إلى غياب شخصية كاريزماتية، قادرة على التوحيد ولعب دور المحكم بين المتنافسين والطامحين إلى الصفوف الأولى، كما يفسر بغموض مفهوم الوسطية نفسه، إذ إن معظم الأحزاب السياسية، سواء الحاكمة أو المعارضة، تعتبر نفسها أحزاباً وسطية، وهذا الأمر يشمل حركة (النهضة) كذلك، وهو ما يدعو إلى مراجعة هذا المفهوم».
وحمَّلت حركة «مشروع تونس» في اجتماع مكتبها السياسي الأخير مسؤولية نتائج الإدارة الحالية للبلاد، على اختيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد من جهة، وحزب حركة «النهضة»، الحائز على أكبر قدر من الحقائب الوزارية من جهة أخرى. وأكدت على حفاظها على الخط المعارض للحكومة الحالية التي جاءت نتيجة «محاصصة حزبية هجينة، لن تمكنها من رفع التحديات المتعددة التي تواجهها تونس» على حد تعبير مرزوق.
ودعوة محسن مرزوق ليست الأولى من نوعها التي تحاول من خلالها قيادات سياسية جمع شتات المعارضة التي تتركز في معظمها على خطاب مناهض لحركة «النهضة». فقد حاول مهدي جمعة، رئيس حزب «البديل التونسي»، جمع مكونات العائلة الوسطية قبيل انتخابات 2019، وحذا حذوه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة السابقة، عند تأسيسه حركة «تحيا تونس». كما كانت لأحمد نجيب الشابي، مؤسس «الحزب الجمهوري» وأحد أهم الرموز المعارضة للرئيس السابق زين العابدين بن علي، تجربة مماثلة، وكان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية الماضية، غير أن تواصل التشتت في صفوف الأحزاب المعارضة أثناه عن خوض المنافسة في تلك الانتخابات، على حد قوله.
في السياق ذاته، دعا عبيد البريكي، رئيس حركة «تونس إلى الأمام» إلى توحيد ما سماها «العائلة اليسارية»، ووجه الدعوة لحمة الهمامي، أحد زعماء التيار اليساري، وإلى قيادات حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» الذي كان يرأسه القيادي اليساري شكري بلعيد الذي تعرض لاغتيال سياسي سنة 2013، غير أن دعوته انتهت إلى الفشل. كما تقدم أكثر من وجه يساري إلى الانتخابات الرئاسية؛ لكنهم سقطوا جميعاً منذ الدور الأول.
ويرى مراقبون للشأن السياسي المحلي أن هزيمة عدد من الأحزاب التي كانت ممثلة بشكل جيد في المشهد البرلماني لسنة 2014، وخيبت آمال ناخبيها في 2019، قد تجبرها على مراجعة تحالفاتها السياسية لاستعادة موقعها، وخلق توازن مع حركة «النهضة» التي يتهمها خصومها بـ«التغول السياسي، والسيطرة على كافة مفاصل الدولة».
وفي هذا السياق يقر المنجي الحرباوي، القيادي في حزب «النداء»، بصعوبة تشكيل «جبهة سياسية متماسكة»، ويرى أن هذا التجميع لا بد من أن يعتمد على النهج نفسه الذي اتبعه حزب «النداء» عند تأسيسه سنة 2012، وهو الجمع بين عدة روافد سياسية، تشمل «الدساترة» و«اليسار»، والنقابات، علاوة على المستقلين.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.