الخطوط العربية تتواصل بالفن... والحنين للماضي في «ملتقى القاهرة»

جانب من اللوحات في قصر الفنون
جانب من اللوحات في قصر الفنون
TT

الخطوط العربية تتواصل بالفن... والحنين للماضي في «ملتقى القاهرة»

جانب من اللوحات في قصر الفنون
جانب من اللوحات في قصر الفنون

داخل القاعة الرئيسية بقصر الفنون بمصر، وقف الفنان محمد البغدادي، قوميسور عام ملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي، مُتأملاً لوحة تُبرز قصيدة «الجندول»: التي يقول مطلعها «أين من عيني هاتيك المجالي... يا عروس البحر يا حلم الخيال»، يقرأ الأبيات التي ألفناها بعذوبة صوت محمد عبد الوهاب، وكلمات الشاعر علي محمود طه، وقد زاد من جمالياتها أنها مكتوبة بخط الراحل عبد الرازق سالم الذي ألبس هذه الكلمات الشجية لوناً آخر من الفن، يقول البغدادي: «الفنون لا تنفصل، وإحساس عبد الرازق بكلمات قصيدة (الجندول) فاض عبر خطه العربي البديع».
يُشير البغدادي إلى باقي الأعمال المعروضة للخطاط الراحل عبد الرازق سالم، مواليد 1908، الذي تحمل دورة هذا العام من ملتقى القاهرة للخط العربي اسمه، ويتم الاحتفاء به بعرض نحو 30 عملاً من أعماله، يُعدد البغدادي مآثر الخطاط الكبير الراحل، ومنها يُشير إلى أن «الراحل اشتهر بكتابه الشهير (دعاء القرآن) بالخط الفارسي والثلث، وكذلك كراسات تعليم الخط العربي للمدارس الابتدائية».
وقد انطلقت الدورة الخامسة من الملتقى تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، في إطار الاحتفالات بالقاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية 2020، ويضم الملتقى 250 عملاً لـ158 فناناً من 23 دولة، ويستمر حتى 15 من شهر مارس (آذار) الحالي، وتم اختيار عدد من فناني الخط في مصر والعالم لتكريمهم هذه الدورة، منهم الفنانون المصريون محمد منير الرباط، وأوس محمد السنوسي، ومحمد بوثليجة من الجزائر، والصيني ماواي واي، ومن بين ضيوف الشرف الفنان السعودي سعود خان، ويونس بنضريف من المغرب، وحسين الهاشمي من دولة الإمارات.
وتراوحت الأعمال المعروضة بين لوحات تستلهم آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، والتعاطي الفني مع كلمات مأثورة، وكذلك مع عبارة «ادخلوها بسلام» التي اختيارها شعاراً لدورة هذا العام، وتراوحت أنواع الخطوط في الملتقى، وكذلك توظيف فني للخطوط، حيث تداخلت بعض الأعمال في تكوينات تشكيلية مُستمدة من الطبيعة كالطيور والزخارف النباتية، علاوة على الاستعانة بخامات متعددة لتوظيف الخط العربي والمُنمنمات في إطارها كالنحت على الخشب، وفن الخزف، والسجاد، والغرافيك وغيرها من التقنيات، فيما حملت بعض الأعمال ملامح نوستالجية لا يمكن تفاديها كلوحة تجمع أبرز عناوين البرامج والدراما التي كتبها نقيب الخطاطين المصريين مسعد خضير البورسعيدي، التي أذيعت على التلفزيون المصري بالخط العربي، منها برنامج «حديث الروح» للشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، و«العلم والإيمان» للراحل مصطفى محمود، ومسلسل «ليالي الحلمية» العلامة في تاريخ الدراما التلفزيونية. هناك لوحة تستدعي جارة القمر فيروز إلى الملتقى عبر بورتريه لها، وقد سادته تشكيلات من حروف الخط العربي وكأنها تفيض بكلمات أغنياتها عبر تاريخها الموسيقي، وهي للفنان خالد أبو حرشة.
يشير الفنان محمد البغدادي إلى أهمية الوقت الذي يُعقد فيه الملتقى هذا العام، لا سيما وأنه حدث فني ضخم يجمع فناني الخط في العالم في الوقت الذي تستعد فيه المملكة العربية السعودية ومنظمة «الإليسكو» لتقديم ملف لتسجيل فنون الخط العربي في قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ويضيف البغدادي، وهو خبير الخط العربي الدولي لهذا الملف، أن تقديم الملف لـ«اليونسكو» سيكون نهاية الشهر الحالي، وأن هناك تفكيراً لاحقاً في تقديم الخط العربي لدى «اليونسكو» في قائمة الصون والحماية.
ويلفت قومسيور عام المعرض إلى أن جوائز الملتقى تُمنح للخطوط الكلاسيكية، وفئة أخرى للخطوط الحديثة والطباعة الرقمية، وفئة أخرى للزخرفة، وأن الملتقى يشهد خلال فعالياته ورشاً تعليمية للخط العربي، وجلسات علمية، لعل من بين عناوين تلك الجلسات «تطور كتابة المصحف الشريف»، و«رقمة الحرف العربي»، و«القواعد الموسيقية بين السمع والشكل في الخط العربي» وغيرها.
ويشارك هذا العام في الملتقى كل من الأزهر الشريف ودار الكتب والوثائق القومية، في إطار التفاعل مع اختيار القاهرة عاصمة للعالم الإسلامي، وذلك من خلال جناحين يضمان كنوزاً من صور للمصاحف المكتوبة بالخطوط العربية الأقدم، ولوحات تتزين بالخط العربي في القصور الملكية، وكذلك لوحة تُبرز خطوط الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي، أحد أقطاب الخط العربي في القرن العشرين، على كسوة الكعبة الشريفة قبل أن يتم تطريزها بالذهب.



الدراما الخليجية تفتح أبوابها للممثلات العربيات... وتستقطب نجمات مصر وسوريا

سمية الخشاب في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)
سمية الخشاب في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)
TT

الدراما الخليجية تفتح أبوابها للممثلات العربيات... وتستقطب نجمات مصر وسوريا

سمية الخشاب في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)
سمية الخشاب في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)

تشهد الدراما الخليجية خلال الموسم الحالي زخماً غير مسبوق جراء مشاركة نجمات عربيات من مصر، وسوريا، ولبنان، في أدوار رئيسية، بعد أن كان ظهورهنَّ مقتصراً على بعض الأدوار الثانوية. إذ تُقدِّم هذه الأعمال تجاربَ فنِّية مشتركة بين دول خليجية وعربية عدّة، ما يعكس انفتاح هذه الدراما التي لم تعد منغلقة على هوية واحدة، بل باتت تنتمي إلى أكثر من مكان، وتعتمد على التنويع في الكوادر التمثيلية.

وعلى خلاف العادة، فإن الممثلات العربيات يحضرن هذا العام بهويتهن ولهجتهن الأصلية، دون الذوبان في قالب المرأة الخليجية، وهو ما تم توظيفه في سياق درامي بحسب كل قصة، حيث ضمت أعمال رمضان وجوهاً نسائية عربية مألوفة، بعضها له خبرة طويلة في الدراما الخليجية، والبعض الآخر يدخلها لأول مرة.

«عابر سبيل»

في مسلسل «عابر سبيل»، الذي صُوّر في البحرين، تأتي البطولة النسائية للممثلة المصرية وفاء عامر، التي تقدم دور أرملة وافدة تصارع جشع شقيق زوجها (عبد المحسن النمر)، وتحاول الحفاظ على أموال ابنها أيوب (عبد الله بوشهري)، وفيه تظهر وفاء بدور الأم المصرية البسيطة والشعبية، التي تتحمل مسؤولية أبنائها بكل ما أوتيت من قوة.

وفاء عامر تتوسط بوستر مسلسل «عابر سبيل»

ولم تكن مشاركة وفاء عامر مجرد إضافة فنية، بل تحمل بعداً درامياً عميقاً يتماشى مع الفكرة الأساسية للعمل. فالمسلسل، من عنوانه إلى شخصياته، يسلط الضوء على فئة الوافدين الذين يعيشون في بلد ليس بلدهم الأصلي، ويواجهون تحديات اجتماعية ونفسية متعلقة بالهوية والانتماء؛ لذا فإن وجودها بصفتها أرملة وافدة يعزز من هذا البُعد.

العمل تشاركها فيه أيضاً الممثلة المصرية منى حسين، التي تقدم هي أيضاً دور فتاة مصرية تزوجت أحد أبناء وفاء عامر، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ليتزوج الأب وابنه من مصريتين في العمل. ورغم أن منى حسين تعد وجهاً مألوفاً في الدراما الخليجية؛ فإن الجمهور لطالما اعتاد عليها بهيئة ولهجة الفتاة الكويتية، بينما في «عابر سبيل» تظهر بلهجتها المصرية بوصفها امرأة تدخل في العائلة ولديها سر لم يكتشفه الجمهور.

جومانا مراد في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)

«أم 44»

من جهته، يجمع المسلسل الخليجي «أم 44»، 3 نجمات عربيات، وهن سمية الخشاب من مصر، وجومانا مراد من سوريا، وليلى عبد الله من لبنان، في قصة تجمع 8 نساء في الـ44 من العمر، يخضن الكثير من التحديات الحياتية معاً، على المستوى الأسري وكذا العاطفي والمهني، وتسعى كل واحدة منهن لتعزيز الاستقرار في حياتها على جميع الأصعدة، وتحقيق طموحاتها قبل فوات الأوان.

وظهرت سمية الخشاب في الحلقة الأولى بجلابية مصرية وإكسسوارات الرقص المصري، لإظهار هويتها بوصفها زوجة مصرية شعبية مرتبطة برجل خليجي، وتحلم بإنجاب صبي منه بعد أن أنجبت عدداً كبيراً من الفتيات، أما الممثلة السورية جومانا مراد فتؤدي دور امرأة شامية تعتني بشكل بالغ بأحفادها، في حين ظهرت اللبنانية ليلى عبد الله بدور مضيفة طيران منفتحة جداً، تتزوج بالسر من زميلها الذي يطلب منها تناول أقراص منع الحمل كي لا يتورط بأطفال منها.

وتمتزج هذه القصص مع قصص أخرى يقدمها العمل الذي كتبته هبة مشاري حمادة، ويضم زوجات خليجيات تواجه كل واحدة منهن تحديات زوجية مختلفة، في تباين ثقافي واجتماعي واضح، يجعل المشاهد لا يستوعب الرابط الذي يجمع بين كل هؤلاء السيدات الثماني، اللاتي يفضفضن لبعضهن البعض طوال الوقت عبر تطبيق «الواتساب»، في محاولة للتنفيس عن ضغوط وأعباء الحياة.

«الباء تحته نقطة»

وفي عمل آخر، تشارك الممثلة المصرية سوسن بدر في المسلسل الخليجي «الباء تحته نقطه»، الذي تتناول قصته التحاق مجموعة من النساء بمدرسة لمحو الأمية، ولكن يواجهن بعض الصعوبات في التعلم والالتزام بقواعد المدرسة، ونتيجة لاختلاف جنسياتهن ولهجاتهن، تنشأ بينهن وبين العاملين الكثير من المواقف الطريفة، بينما يسعى أزواجهن خفية لإفشال مخططاتهن، وتشارك سوسن بدر في بطولة هذا العمل إلى جانب ممثلين إماراتيين، مثل: جابر نغموش وفاطمة الحوسني.

ولا تعد هذه المشاركة هي الأولى من نوعها للفنانة سوسن بدر أو لغيرها من بقية الممثلات الحاضرات في شاشة الدراما الخليجية، إلا أن اللافت هذا العام هو الكم الكبير من الوجوه الفنية العربية الحاضرة في الدراما الخليجية، خاصة من قبل الممثلات العربية، ما يجعل الأمر أشبه بالظاهرة الواضحة في أعمال من الدراما الخليجية الرمضانية عدة.