مأساة عفرين نموذجاً لخلخة حلم الأكراد

مأساة عفرين نموذجاً لخلخة حلم الأكراد
TT

مأساة عفرين نموذجاً لخلخة حلم الأكراد

مأساة عفرين نموذجاً لخلخة حلم الأكراد

بعد إصدار كتابه «روج آفا... خديعة الأسد الكبرى»، قبل سنتين، الذي ناقش المتغيرات العسكرية والسياسية في المنطقة الكُردية السورية، خلال 6 سنوات الثورة السورية، يعود الكاتب الحقوقي السوري حسين جلبي، إلى القضية الكردية، وإلى المنطقة، عبر كتاب آخر عنوانه «عفرين... مدينة الزيتون بين إعصارين»، ليستكمل نقده لفصيل تسبب في إخراج الأكراد من مجمل سياق الحراك السوري، بحجة «الحيادية بين الأسد والمعارضة»، ليجد سكان المنطقة أنفسهم وقوداً في أتون صراع أكبر تخوضه قوى محلية وإقليمية ودولية على أرضها.
ما بين الأعوام 2014 - 2018 تعرضت كوباني في الشمال السوري على الحدود مع تركيا، لهجوم كاسح من تنظيم «داعش»، ليليه، بعد أربع سنوات، هجوم شامل من الجيش التركي على مدينة عفرين شمال حلب، وتسببت كلا الحادثتين في تدمير مدينة كوباني وهجرة نحو نصف سكانها، واحتلال عفرين الذي أدى إلى تهجير نسبة كبيرة من سكانها وتوطين آخرين مكانهم. ويحيل الكاتب النتائج إلى استيلاء «حزب العمال الكردستاني» (بنسخته السورية «حزب الاتحاد الديمقراطي»)، على قرار الأكراد، ليصبح الحزب مطلوباً للعب أدوار مختلفة على أكثر من جبهة. وهنا ينتقد الكاتب تغييب القضية القومية والوطنية في مقابل تحقيق بعض المصالح الحزبية، واستنزاف الموارد البشرية للأكراد، وإصابة المناطق الكردية السورية بتغييرات عميقة، بعد التجنيد القسري وتدمير التعليم، وتهجير السكان، خصوصاً الفئات الشابة.
يبحث الكتاب أسباب ونتائج سقوط عفرين وانعكاسات ذلك على «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وعلى وضع الأكراد عموماً في مناطقهم الأخرى. كما يبحث في يوميات سكان المدينة بعد سقوطها واستباحتها منذ دخول الفصائل المسلحة الموالية لتركيا. ويختتم الكتاب في أحوال مهجري عفرين الذين أخرجهم الحزب معه ليلة انسحابه من المدينة، وقام بإسكانهم في معسكرات مغلقة في منطقة الشهباء في الريف الحلبي الخاضع لسيطرة نظام الأسد، وعمليات القمع والاستغلال التي تعرضوا لها على يد مسلحي الحزب والميليشيات الموالية للنظام.
ويقول الكاتب، في مقدمته، إنه لم يتفاجأ مما انتهى به الحال في عفرين «بعد أن تمت خلخلة الوضع الكردي عموماً منذ بداية الثورة السورية التي وجد فيها أكراد سوريا، أملاً، بعد عقود من القمع الحكومي ومحاولات الصهر، حتى قطع عليهم حزب العمال الكردستاني الطريق مبكراً، وحشرهم عنوة في نفقه الآيديولوجي الذي حفره لهم نظام الأسد باتجاه واحد هو تركيا».



«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.